عرض الحديث علي الكتاب والسنّة من قواعد الحديث و أُصول الاجتهاد - صفحه 53

وهذا أصل متّفق عليه بين أهل الإسلام إلاّ مَن ليس منهم ، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله)«إنّي أُوتيت الكتاب ومثله معه» ۱ .
فالسنّة الصحيحة التي جعلها كتاب الله حكمة بصفتها بياناً له بوحي خفي هي مثل القرآن مستقلّةٌ بالتشريع الإسلاميّ بعد كتاب الله تعالى ، والمصدر الثاني للتشريع بعد الكتاب،
ولذلك فهي مقياس مستقل في معرفة السنّة الصحيحة من الزائفة وميزان مستقل لتمييز السنّة المختلفة فيها وغيرها من الأقوال والآراء.
واستقلال السنّة لاينافي أصل الردّ إلى كتاب الله وسنّة رسوله ، كما زعم بعض علماء الحديث، لأنّ موارد استعمال كلّ واحد منهما يختلف عن موارد الآخر ، ولكلّ واحد جهةٌ تختلف عن جهة الآخر ، ولكلّ واحد مجال يعمل في إطاره وحدوده.
وثبت عن ابن مسعود في هذا المعنى أنّه قال: قد أصبحتم على الفطرة وإنّكم ستحدّثون ويحدّث لكم ، فإذا رأيتم محدَثةً فعليكم بالهدي الأوّل ۲ أي إذا رأيتم أمراً محدَثاً فعليكم بالكتاب والسنّة الصحيحة ، لأنّه فسّر (الهَدْي الأوّل) في ما بعد ، وقال: «إنّ أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمّد (صلى الله عليه وآله) وشرّ الأُمور محدَثاتها» ۳ .
وجاء عن الشافعيّ في هذا المعنى أيضاً ما أخرجه البيهقيّ، قال: «المحدَثات ضربان: ما أحدِثَ يخالف كتاباً أو سنّة أو أثراً أو إجماعاً; فهذه بدعةُ ضلال ، وما أحدِثَ من الخير لايخالف شيئاً من ذلك; فهذه محدَثةٌ غير مذمومة» ۴ .
السنّة الصحيحة تقابلها البدعة، قال الشافعيّ البدعة بدعتان: محمودة،

1.كتاب (الروح) لابن القيّم (ص۹۲) .

2.(صحيح البخاري) مع شرحه فتح الباري (ج۱۷ ص۶۴) باب الاقتداء بسنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

3.المصدر السابق.

4.المصدر السابق (ج۱۷ ص۶۴) باب الاقتداء بسنن رسول الله (صلى الله عليه وآله)

صفحه از 55