يلزم الحوالة على المجهول ۱ .
المورد السادس عشر :
قد ورد في (صحيح البخاري) بسند ذكره: أنّ رسول الله أمَّرَ رجلاً من الأنصار على سَريّة، وأمرهم أن يطيعوه في كلّ شيء ، وقد غضب ذلك الرجل عليهم فقال : أليس أمركم النبي (صلى الله عليه وآله) أن تطيعوني ؟ قالوا : بلى .
قال : فاجمعوا لي حطباً ، فقال : أوقدوا ناراً، فأوقدوها ، فقال : ادخلوها، فهمّوا، وجعل بعضهم يُمسك بعضاً ، ويقولون : فررنا إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) من النار ، فما زالوا حتّى خمدت النار، فسكن غضبه .
فبلغ النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله) : «لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة» ۲ .
ووجّه قوله (صلى الله عليه وآله) بتوجيهات عديدة، نذكر منها الوجه المبنيّ على الاستخدام، فإنّ الضمير في قوله : «لو دخلوها» يعود إلى النار التي أوقدوها ، والضمير في قوله «ما خرجوا منها» يعودإلى نار الآخرة ، لأنّهم ارتكبوا ما نُهوا عنه من قتل أنفسهم .
ومن المحتمل أنّ الضمير يعود الى النار التي أوقدت لهم ، أي ظنّوا أنّهم إذا دخلوا بسبب طاعة أميرهم لاتضرّهم ، فأخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّهم لو دخلوا فيها لاحترقوا، فماتوا، فلم يخرجوا منها ۳ .
وهذا الاحتمال أحسن من سابقه، خصوصاً مع قرينة «إلى يوم القيامة» التي لاتساعد على إرجاع الضمير إلى نار الآخرة، فإنّ نار الآخرة لم تكن قبل يوم القيامة ، اللهمّ إلاّ أن نقول : إنّها نار البرزخ، فتأمّل .
إشكال : إنّ الموارد التي أتينا بها من النصوص الواردة في الشريعة ـ كتاباً
1.انظر (شرح اُصول الكافي) ۱۲ : ۳۱۶ .
2.(صحيح البخاري) ۵ : ۱۰۷ .
3.اُنظر (فتح الباري) ۸ : ۴۸ .