الثالث: الردّ على مدّعيات أصحاب الشورى
وردّ أمير المؤمنين عليه السلام على ذرائع أهل الشورى التي تمسّكوا بها لنيل الخلافة، كالاختيار ورضا الجماعة والصحبة وغيرها، حيث قال: واعجباً أن تكون الخلافة بالصحابة، ولا تكون بالصحابة والقرابة.
قال الرضي رحمه اللَّه تعالى: وقد روي له شعر قريب من هذا المعنى وهو:
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم
فكيف بهذا والمشيرون غيّبُ
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم
فغيرك أولى بالنبي وأقربُ۱
قال ابن أبي الحديد: حديثه عليه السلام في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر، أمّا النثر فإلى عمر توجيهه؛ لأنّ أبا بكر لمّا قال لعمر: امدد يدك، قال له عمر: أنت صاحب رسول اللَّه في المواطن كلّها، شدّتها ورخائها، فامدد أنت يدك، فقال علي عليه السلام: إذا احتججت لاستحقاقه الأمر بصحبته إياه في المواطن كلّها، فهلا سلّمت الأمر إلى من قد شركه في ذلك وزاد عليه بالقرابة!
وأمّا النظم فموجّه إلى أبي بكر، لأنّ أبا بكر حاجّ الأنصار في السقيفة، فقال: نحن عترة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وبيضته التى تفقّأت عنه، فلمّا بويع احتجّ على الناس بالبيعة، وأنّها صدرت عن أهل الحلّ والعقد. فقال علي عليه السلام: أمّا احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ومن قومه، فغيرك أقرب نسباً منك إليه، وأمّا احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك، فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد، فكيف يثبت ! ۲ .
1.شرح ابن أبي الحديد ۱۸:۴۱۶
2.شرح ابن أبي الحديد ۱۸: ۴۱۶