فصل : في روايات قد يعترض بها على دعوى تفرّد الزهري بروايته لخطبة بنت أبي جهل
فمّما قد يعترض به ما رواه البخاري ۱ ومسلم ۲ من غير طريق الزهري ، بل عن ابن أبي مليكة عن المسور عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا بنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم . . . إلى آخره .
فقد يقال : هذه متابعة للزهري ، لأنّها تدلّ على أنّ عليّاً قد كان خطبها .
والجواب : ليس في رواية ابن أبي مليكة ذكر للخطبة ، ولا دلالة عليها ، إذ من الممكن أن يكون بلغهم عن علي عليه السّلام أنّه ذكرها ، وعرفوا أنّه إنّما لم يخطبها لمكان فاطمة عليها السّلام ورغبوا في أن يزوّجوه ، فبعثهم ذلك على استئذان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ليفسحوا لعلي عليه السّلام المجال ليخطبها إذا كان قد بلغهم عنه أنّه قال : لولا مكان فاطمة لخطبتها ـ مثلاً ـ ولم يخطبها لمكان فاطمة عليها السّلام فلا دلالة على الخطبة في رواية ابن أبي مليكة لا مطابقةً ولا تضمنّاً ولا التزاماً .
هذا في رواية ابن أبي مليكة من غير طريق الزهري .
يؤكّد هذا الوجه ما رواه الحاكم في المستدرك ۳ عن ابن أبي مليكة عن ابن الزبير : أنّ علياًرضي الله عنه ذكر ابنة أبي جهل فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال : «إنّما فاطمة بضعة منّي» الحديث ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
قلت : فقال في هذه الرواية «ذَكَرَ» ولم يقل «خَطَبَ» والذكر لا يتعيّن أنّه خطبة ، لأنّ الخطبة طلب الزواج ، والذكر يحصل بدون طلب الزواج ، وقد يكون
1.صحيح البخاري ج۶ ص۱۵۸ .
2.صحيح مسلم ج۱۶ ص۲ .
3.مستدرك الحاكم ومختصر الذهبي ج۳ ص۱۵۹ .