الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 135

مع أنّ عليّاً هو أقضى الاُمّة وأحقّها بأمر الاُمّة ۱ فكيف يولّي من لا يقاس به ولا يوثق به أنّه يولّيه ، دون أن يشرط عليه الحكم بكتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه و آله و سلّم ويشرط عليه أن لا يولّي إلّا من هو أحقّ بها في حكم الله لا في أهواء الناس ، حتّى إذا ولّاه قال : إنّي لم أر الناس يعدلون بعثمان ، ولم يقل : إنّي لم أر رسول الله يعدل بعثمان أحداً ، فاعتبر أهواء الناس لا حكم الله ورسوله ولا كمال الصلاحية بالنظر إلى الشريعة ومقاصدها في الخلافة ، بحيث يعتبر العلم والمهارة بالقضاء والشجاعة والسخاء والورع ، وعلى الجملة أن يكون أعلم الناس بحكم الله في هذا الأمر وأقواهم على القيام بواجبه الذي شرع له هذا الأمر ، وبالواجب على من قام به شرعاً .
فعلي عليه السّلام يكون في توليته عبدالرحمن بهذه الصفة التي يرويها الزهري قد جازف في أمر عظيم ، وذلك لا يليق بحكمة علي وثباته على الحقّ .
فهذه نكارة من جهة ثالثة فجهات النكارة في هذه الرواية ثلاث .

الباعث على وضع هذه الرواية

هو الباعث على ما قبلها من الروايات المتضمنّة لتصغير شأن علي عليه السّلام وتضعيف رأيه وإيهام حرصه على الولاية في حين أنّ غيره أحقّ بها .
فالزهري متّهم بها لما في روايتها وأمثالها من رفع درجته عند النواصب وشيعتهم ، وخصوصاً هذه الرواية التي تذكر أنّ الناس لم يكونوا يعدلون بعثمان ، أي عليّاً ولا غيره من أهل الشورى!
فهي رواية مرغوبة جدّاً عند الاُمويين ، لأنّ عثمان منهم ، وعند جميع العثمانيّة الذين يفضّلون عثمان ، ولأنّهم يكرهون عليّاً ويحبّون تنقيصه ، فهي ممّا يدعو إليه

1.راجع الفائدة (۱۷) في الخاتمة .

صفحه از 229