الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 140

النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم قال : «يهلك اُمّتي» إلى آخر الحديث .
قلت : بل هذا الحديث هو الموافق لقول الله تعالى : {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} وقول الله تعالى : {وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} فأمّا الأحاديث التي ذكرها : «اسمعوا وأطيعوا» فإنّها على ضربين :
أحدهما : يظهر أنّها في اُمراء الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم الذي يؤمّرهم في البعوث والسرايا في الجهاد ، فعلى من اُمّروا عليهم السمعُ والطاعة والصبر حتّى يرجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ليس لأحد أن يشقّ العصا بسبب حادثة تحدث من الأمير ليست كفراً ، وذلك لأنّ معاونته في الوجه الذي وجّهه له رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم معاونة على البرّ والتقوى ، وليست من المعاونة على الإثم والعدوان ، فوجب البقاء معه على ما وجّه له ، وطاعته فيما أُمّر ما لم يأمر بمعصية الله .
الضرب الثاني : يظهر أنّه موضوع وضعه علماء السوء لجبابرة بني اُميّة والعثمانيّة لتخطئة الثائرين على عثمان ، وهو أحقّ بالردّ لمخالفته للقرآن ، لا الحديث الموافق للقرآن فلا يردّ لمخالفته هذه الروايات .
ولنرجع إلى ما كنّا بصدده من الكلام على حديث الزهري فنقول : قد رأيت أيّها القارئ لهذه الورقات ما أوردناه من حديثه وهو متّهم فيه ، بقصد إرضاء بني اُميّة كما بيّناه .
وله روايات اُخر غير ذلك ممّا هو فيه متّهم :
كحديثه عن سعيد بن المسيّب عن أبيه يدلّ فيه على أنّ عبدالمطلب كان مشركاً .
وحديثه في أبي طالب يقول : وكان عقيل ورث أبا طالب ، ليدلّ به على موت أبي طالب كافراً .
وحديثه عن ابن المسيّب عن أبيه أيضاً ، يذكر فيه موت أبي طالب كافراً ، وهو الذي ذكر فيه عبدالمطلّب ، وإن كان قد روي نحوه عن أبي هريرة بدون ذكر

صفحه از 229