فهذا الثبت في الحدود ومحاولة الستر على من أقرّ أوّل مرّة بالإعراض عنه ، فكيف يسأل من لم يقرّ؟ ليقرّ ، ليجب عليه الحدّ إن اعترف؟
وقد أخرج البخاري ۱ عن ابن عبّاس (رضي الله عنهما) قال : لمّا أتى ماعز بن مالك النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم قال له : لعلّك قَبَّلت أو غمزت أو نظرت . . . إلى آخره .
وهذا يؤكّد بُعد رواية الزهري : «اغد على امرأة هذا فسلها فإن اعترفت فارجمها» فبينها وبين الحديث في ماعز مراحل ومسافات ، فإذا كان صلّى الله عليه و آله و سلّم قد تأنّى بماعزٍ وأعرض عنه وقال له : «لعلّك قبّلت . . .» إلى آخره فبالاُولى أن لا يسأل امرأة لم تقرّ أصلاً ولا جاء ت لذلك ، بل هي غائبة ، وإنّما قذفها رجل أجنبي فضولي .
ثمّ من البعيد أن يقول : فإن اعترفت فارجمها ، والرجم لا يكون على مطلق الاعتراف حتّى يكون أربع مرّات بل ولا عقيب الإقرار من المرأة حتّى يتبيّن عدم الحمل .
ومن البعيد إرسال رجل واحد لرجمها وهي قد تدافع عن نفسها فتصارعه أو تراجمه إذا لم يكن إلّا واحداً .
فتأكدّت النكارة في هذه الرواية بمجموع ما ذكرناه من الوجوه .
أمّا التهمة للزهري فيها فهو متّهم بقصد نصرة عمر في إثبات آية الرجم ثابتة في كتاب الله كما هو ظاهر رواية البخاري ۲ ومسلم ۳ .
فكأنّ الزهري خاف أن يعاب هذا على عمر ، لأنّ القرآن محفوظ لا يضيع منه شي ء لقول الله تعالى : إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون .