الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 117

واطلاعها على ما يجري فيه من المحاورة ، ومستبعد في ذلك الحين تدخّلها في السياسة ومسايرة الأحداث والتنقّل للبحث عمّا يجري ومخالطة الأجانب مع هيبة أبيها وقرب العهد برسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وبعهد صيانة نسائه وسترهنّ ووقورهنّ في بيوتهنّ وبعدهنّ عن مخالطة الأجانب وحضور مجالسهم لغير حاجة ، بل لمجرّد الفضول والتعاطي لما هو من شأن الرجال خاصّة .
رابعاً : إنّ الاعتذار بأن يقول : إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ، يكون إقراراً بأنّ تخلّفه عن البيعة كان مع علمه بأنّ الحقّ لأبي بكر دون علي عليه السّلام وبذلك يكون واجب الطاعة يحرم التخلّف عنه ثلاثة أشهر ، في معنى الخلاف والشقاق ، كما تشعر به الرواية هذه نفسها ، فيكون ذلك إقراراً من علي عليه السّلام بأنّه كان مخطئاً في التخلّف عن البيعة في تلك الأشهر الماضيّة .
وهذا لا يتصوّر من علي عليه السّلام لأنّ همّه إرضاء الله تعالى ورغبته فيما يرضيه ، ولا يلتفت في جنب ذلك إلى أمر دنيوي ، ولا يصدّه عن الحقّ ما يصدّ غيره من الأغراض النفسيّة ، حاشاه .
وهذا واضح عند من يعرف علياًعليه السّلام وإنّما ينفق مثل هذه الرواية عند الاُمويّة وأضرابهم وشيعتهم .
مع أنّ أبا بكر لو كان في الفضل على علي إلى هذا الحدّ لكان يحتّج عليه عند ابتداء تخلّفه عن البيعة أو يسأله : لِمَ تخلّف؟ فإذا أجاب بأنّه استبدّ ، اعتذر عن الاستبداد في أوّل الأمر قبل أن يطول الاستبداد أو تطول مدّته ، وحذراً من أن يسبّب تخلّف علي عليه السّلام لريب في قلوب بعض الناس ، فإنّ علياً كانت له المكانة العظمى ، وإذا سارع إلى البيعة كان أقوى لأمر أبي بكر .
والرواية هذه تشير إلى معنوية علي عليه السّلام بحيث يرضي العامّة وفاقه ويسخطها ، شقاقه ، وأنّه لم يكن حقيراً لا يلتفت إليه ولا يبالى بتخلفّه ولا حضوره ، بل كان تخلفّه أمراً هامّاً ، فإن كان أبو بكر يجهل سببه ، فكيف لا يسأله عنه؟ ليعرف ما هو

صفحه از 229