الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 119

«فاستبدّ علينا فوجدنا في أنفسنا» لأنّ هذا الكلام على ما في الرواية جاء تعليلاً للتخلّف أي فوجدنا في أنفسنا فتخلفّنا مع علمنا بفضل أبي بكر ، وأنّ الحقّ له آتاه الله!
هذا ملخّص الرواية .
فأيّ نكارة أبين من هذه؟ وكيف لا تكون فاضحة للراوي؟ وهو أحقّ بما ذكر من العيوب والمساوئ؟
خامساً : أنّ الولاية العامّة وخلافة الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم لا تخلو من أن يكون علي أحقّ بها كما هو الواقع ، أو أبو بكر كما يدّعي :
فإن كان الحقّ لأبي بكر فلا يتخلّف عنه علي عليه السّلام لاعتقاده أنّ له نصيباً في الأمر ، لأنّ النصيب لا يكون عذراً في ترك الطاعة لمن هو أولى بالأمر ، إنّما العذر أن يكون علي أحقّ بالأمر ، فكيف يعتذر علي عليه السّلام بما ليس عذراً؟ وهو أقضى الاُمّة وأعلمها بالحقّ ، فيعتذر بما يعلم أنّه ليس عذراً ، وأنّه ليس إلّا إقراراً بحقّ أبي بكر ، ودعوى أنّ له نصيباً وأنّه وجد في نفسه ، فيسجّل على نفسه الخطأ واتّباع الهوى .
وهذا ليس اعتذاراً وإنّما هو افتضاح .
مع أنّه لا ملجئ إلى ذلك بل يكفي منه أن يبايع ليرضى عنه الناس .
حاشا عليّاًعليه السّلام حاشاه .
سادساً : قول الراوي : فسُرّ بذلك المسلمون ، وقالوا : «أصبت» وكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع الأمر بالمعروف .
معنى هذا الكلام أنّ عليّاًعليه السّلام أصاب حين رجع إلى البيعة والوفاق ، وأنّه كان قبل ذلك شاذّاً عن المسلمين ، وفي مذهب خارج عن سبيل المؤمنين ، فجعل الراوي أبا بكر وأصحابه هم المسلمين ، أمّا المخالفون لهم فكأنّهم ليس لهم حظّ في اسم الإسلام لقلّتهم وقلّة مكانتهم من الإسلام ، وكأنّ علياًعليه السّلام في هذه الرواية ليس إلّا فرداً من عوام المسلمين ينعقد الإجماع بدونه ، ويسمّى المخالفون له

صفحه از 229