رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فقالت : يزعم قومك أنّك لا تغضب لبناتك ، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل .
فقام رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فسمعته حين تَشهّد يقول: أمّا بعد، فإنّي أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدّثني وصدقني ، وأنّ فاطمة بضعة منّي وإنّي أكره أن يسوء ها ، والله لا تجتمع بنت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وبنت عدوّ الله عند رجل واحد ، فترك علي الخطبة .
النكارة في هذه الرواية
نكارة جليّة ، لأنّ عليّاًعليه السّلام لا يؤذي رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ولا بنته عليها السّلام التي هي بضعة منه ، بل لا شكّ أنّ عليّاًعليه السّلام كان أشدّ الناس اتّباعاً للرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم ولزوماً له ومحبّة له ومحبّة لما يحبّ وكراهة لما يكره ، كما يقتضيه إيمانه .
ومقتضى الإيمان ـ كما في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه ۱ ـ أن يكون الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم أحبّ إلى علي من نفسه وولده والناس أجمعين .
وكما يقتضيه قرابته وصهره وإحسان الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم إليه من صغره ، وتربيته كما اعترف بذلك ابن حجر في فتح الباري ۲ حيث قال : إنّ علياً كان عنده كالولد ، لأنّه ربّاه من حال صغره ، ثمّ لم يفارقه بل وازداد اتّصاله بتزويج فاطمة . انتهى .
وكما يقتضيه تعليمه الطويل وإرشاده المستمر ، لأنّ من شأن التلميذ حبّ معلّمه الذي تعظم إفادته له ونعمته عليه ، ويطول بذلك إحسان الشيخ إلى تلميذه ، والقلوب مجبولة على حبّ من أحسن إليها .
وكما يقتضيه حبّ علي للفضيلة والكمال والخُلُق العظيم ، وهو يعلم أنّ
1.صحيح البخاري ج۱ ص۹ .
2.فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج۸ ص۳۵۷ .