الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 122

رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم محلّ ذلك ومعدنه ، ألا ترى أنّ من أحبّ العِلم أحبّ العلماء ، ومن أحبّ العدالة أحبّ أهلها ، ومن أحبّ مكارم الأخلاق أحبّ أهلها ، ومن أحبّ الحقّ أحبّ أهله ، ومن أحبّ البطولة والشجاعة أحبّ أهلها .
ومقتضى ذلك أن يكون رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أحبّ الناس إلى علي عليه السّلام وكيف لا؟ وقد فداه بنفسه ليلة الغار ، وفي سائر المواقف مثل بدر واُحد والخندق وحنين .
وكان علي عليه السّلام في أعلى درجات الحكمة ، ولذلك كان وزير الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم كما يدلّ عليه قول رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا انّه لا نبيّ بعدي» وقد قال تعالى في موسى عليه السّلام : وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً . ومن لازم الوزارة كمال الحكمة والرأي والفطنة .
ومقتضى ذلك كلّه ، مع علم علي عليه السّلام بحبّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم لبنته فاطمة الزهراء البتول ، ومع علم علي عليه السّلام أنّه إن تزوّج على فاطمة كان شاقّاً بذلك عليها وعلى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بمقتضى الطبع ۱ ، فمقتضى ذلك كلّه أن لا يتزوّج عليها ولا يخطب غيرها وهي تحته ما دامت في الحياة .
فرواية الزهري هذه المصرّحة بالخطبة منكرة ، ولا توجد بإسناد متّصل إلّا من طريقه .
ثمّ على أقلّ تقدير لا يُقدم علي عليه السّلام على الخطبة قبل أن يشاور في ذلك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم لأنّه له بمنزلة الأب الشفيق ، لأنّ مثل هذا ينبغي فيه تقديم المشاورة ولو لم تكن بنته تحته ، فكيف؟ وذلك مظنّة أن يشقّ على رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وعلى بنته

1.بل ، نربأ بالرسول وبنته البتول سلام الله عليهما أنْ يشقّ عليهما الحلال ، لو كان عليّ عليه السّلام أراد أنْ يفعله بتزويج الثانية ، حيث قد أباحه الله له ، فكيف يشقّ ذلك على الرسول صلّى الله عليه و آله الذي جاء بشريعة تعدّد الزوجات وكان قد تزوّج هو متعدّداً . لكنّ القصّة مفتعلة من أساسها ، ولم يروها إلّا أعداء الرسول وعلي والزهراء سلام الله عليهم .

صفحه از 229