فهذه تكذب دعوى انفراد أبي هريرة برسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم دون المهاجرين لقول الزبير ، أما إنّي لم اُفارقه .
وأخرج البخاري ۱ عن أبي هريرة من طريق غير الزهري عن أبي هريرة : ما من أصحاب النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم أحد أكثر حديثاً عنه منّي إلّا ما كان من عبدالله بن عمرو فإنّه كان يكتب ولا أكتب .
ففي هذا دلالة على إقراره بملازمة عبدالله بن عمرو ، وأنّه أكثر حديثاً من أبي هريرة بسبب حفظه بالكتابة .
ولعلّ أبا هريرة ادّعى لنفسه هذه الدعوى في عهد معاوية ، وبعد موت كبار الصحابة ، فليس فيها ذكر المهاجرين والأنصار كرواية الزهري ، فلا يبعد أن يجترئ على الدعوى المذكورة ، وذلك في عهد معاوية وولاية مروان على المدينة المنوّرة ورفعهم شأن أبي هريرة ، فأمّا قبل ذلك فلا .
الباعث على وضع الرواية
اعلم أنّ الزهري يروي كثيراً عن بعض مشايخه عن أبي هريرة ، ويعجبه حديث أبي هريرة الذي قرّبته الاُموية ، حتّى استخلفه مروان على المدينة في بعض الوقت .
قال ابن حجر في تهذيبه : وتأمّر على المدينة غير مرّة في أيّام معاوية .
ولمّا كان حديث أبي هريرة كثر جدّاً ، حتّى اتّهم أبو هريرة لتأخّر إسلامه وكون مدّة صحبته ثلاث سنين تقريباً ۲ وكان أبو هريرة قد حاول دفع التّهمة بدعوى الحفظ الخارق ، ورواية قصّة الشملة ۳ على اضطرابها ، فلا يبعد أنّ
1.الصحيح ج۱ ص۱۶ .
2.اُنظر الفائدة الخامسة في الخاتمة .
3.اُنظر الفائدة السابعة في الخاتمة .