ضرورة النقد العلميّ في مجال تحقيق التراث - صفحه 238

العلوم بشكل واسع ، وهي من المعارف التي كان يلمّ بها كلّ مثقفٍ مسلم في قرون الازدهار ، وتنعكس آثارها بقوّة على حياتهم ، فضلاً عن جهودهم المكتوبة .
وبالرغم من توجّه الكثيرين من مثقّفي الأمّة إلى العمل في مجال تحقيق النصوص ، وإبداعهم في إحياء عيّنات كثيرة من الكتب طوال القرن الرابع عشر الهجري ـ العشرين الميلادي ـ فيها ما يمتاز بالروعة والجودة ، ويستحقّ الإكبار والتمجيد ، ويكشف عن قدرات فائقة للمحقّقين لها ، يذكرون من أجلها ، ويشكرون عليها .
فإنّ هذا الفنّ ـ ككثير من الفنون والعلوم ـ لم يخلُ من التطفّل على موائده والتدخّل في ساحته المقدّسة ، وعلى أيدي أُناس لا يحسّون بأدنى مسؤولية ، ولا يعلمون عن «صعوبة المهمّة وخطورة الهفوات» شيئاً ، لو أحسنّا الظنّ بهم .
وقد تردّى الوضع في هذا المجال ، إلى حدّ دفع بعض أصحاب المؤسسات المدّعية «لإحياء التراث» وهو ممّن يشجِّع المتطفّلين للتكثير من العمل الهابط ، ليُضْفي غطاءً على فضائح مؤسّسته ، يحسب أنّ : «البلية إذا عمّت طابت» .
إنّ تردّى أوضاع العمل في مجال «تحقيق النصوص» أدّى إلى ذلك الُمجرم أن يقول : «لا أشتري ألفي محقّقٍ ، بفَلْسٍ واحِدٍ» .
وهكذا يرخّص القزْمُ من شأن هذا العمل المقدّس والعاملين فيه ، لأنّه يستخدم كلّ يوم مَنْ يشتهي من باعة سوق الخُضَر ، للعمل في تحقيق تراثه! يريد بذلك التأثير على سمعة العلماء الأجلّاء الذين يعملون في هذا الفنّ الجليل والعمل الديني النبيل .
ولا يدري ـ كافأه الله ـ أنّ هذا العمل هو جزء من إحياء الدين ، الذي يعلو ولا يُعلى عليه .

ومن جانب آخر :

صفحه از 239