المباهلة برواية صاحب الإقبال - صفحه 249

في ما نذكره ممّا ينبغي أن يكون عليه أهل المعرفة بحقوق المباهلة من الاعتراف بنعم الله جلّ جلاله الشاملة

اعلم أن يوم المباهلة أعظم ممّا أشرنا إليه ، وإنّما ذكرنا من فضله بحسب ما دلّنا الله ـ جلّ جلاله ـ عليه . وكن أنت مفكِّراً في أن الله ـ جلّ جلاله ـ اختار لنا في الأزل ـ من غير وسيلة منّا ، ولا فضيلة صدرت عنّا ـ أنواراً نباهل بها جاحدين كفّاراً ، وشموساً تكشف بنورها دعوى اليهود والنصارى ، وتمحو آثار استمرار شرعهم وشموسهم ، ويخسف ببدورها دعوى الجاهليَّة بعبادة أصنامهم ، وتخليطهم بها من نحوسهم ، وتخلع بها خلع التشريف بالتكليف للتراب ، ويحيى بهدايتها موات الألباب ، وتعمّ لأجلها دوام نعيم دار الثواب ، ويأتي بها على نار قد علا لهبها وسعيرها ، وحروب قد اشتدّ كَلَبُها ۱ وزفيرها ، فخفَّف بها عنَّا وعن سائر البشر هول ذلك الخطر والضرر ، وأطفأ شررها بمباهلة ساعة بأهل الطاعة ، وقرب جموعها ، وهدم ربوعها بثبوت أقدام أرباب المباهلة ، ورايات إخلاصهم ، وحمى حوزة الإسلام والمسلمين بتلك المباهلة الصادرة عن أمر ربّ العالمين .
فلهذا اليوم ( المباهلة ) من حقّ التشريف ، وتعظيم أهل المقام الشريف ، وتخفيف المالك اللطيف . ما يقتضي أن يكون هذا اليوم من أعظم أيام البشارات ، وأكرم أيام السعادات ، معمور المجالس والمحافل بالثناء على الله جلّ جلاله ، وذكر ما فيه من الفضائل ، معروفاً به جلّ جلاله حقوق ملوك أهل المباهلة وما دفع الله ـ جلّ جلاله ـ بهم من الأمور الهائلة ، وما نفع بمباهلتهم في العاجلة والآجلة ، وأن يتوجَّه بهم فيه إلى كشَّاف الكربات ، وواهب ألطاف الكرامات في ما يكون العبد محتاجاً إليه ، وعلى قدر تعظيم اليوم المذكور وعزَّة أهله عليه .

1.كلب الزمان : شدّته ، قاله الخليل في العين ۵/۳۷۶ . وغيره .

صفحه از 251