المباهلة برواية صاحب الإقبال - صفحه 266

قال : فما أتى حارثة بن أثال على قوله هذا حتّى أظلم بالسيِّد والعاقب مكانهما ، وكرها ما قام به في الناس معرباً ومخبراً عن المسيح (عليه السلام) بما أخبر ، وقدّم من ذكر النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) لأنّهما كانا قد أصابا بموضعهما من دينهما شرفاً بنجران ، ووجهاً عند ملوك النصرانيّة جميعاً ، وكذلك عند سوقتهم ۱ وعربهم في البلاد ، فأشفقا أن يكون ذلك سبباً لانصراف قومهما عن طاعتهما لدينهما ، وفسخاً لمنزلتهما في الناس . فأقبل العاقب على حارثة فقال : أمسك عليك يا حارِ ! فإنَّ رادَّ هذا الكلام عليك أكثر من قابله ، وربَّ قول يكون بليَّةً على قائله ، وللقلوب نفرات عند الإصداع ۲ بمظنون الحكمة ، فاتّقِ نفورها ، فلكلِّ نبأ أهل ، ولكلِّ خطب محلّ ، وإنَّما الدرك ۳ ما أخذ لك بنواصي النجاة ، وألبسك جُنَّة السلامة ، فلا تعدلنَّ بهما حظّاً ، فإنّي لم آلك ـ لا أباً لك ـ نصحاً ، ثمّ أرمّ ۴ .
فأوجب السيِّد أن يشرك العاقب في كلامه ، فأقبل على حارثة ، فقال : إنّي لم أزل أتعرّف لك فضلاً تميل إليك ۵ الألباب ، فإيّاك أن تقتعد مطيّة اللجاج ، وأن

1.جاء على هامش ( ح ) السوقة : خلاف الملك . ويقال : السوقة من الناس : الرعيَّة ومن دون الملك ، كما في النهاية ۲/۴۲۴ ، ولسان العرب ۱۰/۱۷۰ . وغيرهما .

2.الصدع : الشقّ ، ويقال : صدع بالأمر : تظلّم أو تكلّم به جهاراً ، وهو المراد هنا ظاهراً . ويأتي بمعنى الشق في الشيء الصلب ، كما في القاموس المحيط ۳/۴۹ ومجمع البحرين ۲/۵۹۳ . وغيرهما .

3.الدرك ـ بالتحريك ـ : اللحاق والوصول إلى الشيء ، كما في النهاية ۲/۱۱۴ . وله معان أُخر منها : إدراك الحاجة والطلبة ، وبمعنى أسفل قعر الشيء . وغيرهما . لاحظ : كتاب العين ۵/۳۲۷ ، وبمعنى اللحاف أيضاً ، كما في لسان العرب ۱۰/۴۱۹ ـ ۴۲۲ . وغيره .

4.أرمّ القوم . أي سكتوا فلم يتكلَّموا ، كما في غريب الحديث لابن قتيبة ۲/۸۶ . ولاحظ لسان العرب ۱۵/۱۵۰ . وغيره . وفي طبعة ( ح ) و ( ب ) زيادة هنا ، قال : يعني أمسك . بين ( ثم أرمّ ) وبين ( فأوجب ) ، ومثله في بحار الأنوار ، وكأنّها مزيدة من الراوي .

5.في طبعة ( ح ) نسخة بدل : إليه ، وهي التي جاءت في البحار ، ونقل في هامشه أن في المصدر : تميل إليك ، وأن هناك نسخة بدل : إليه .

صفحه از 251