وكنّا من قبله لا نستطيب ولا نستعذب ۱ ، فبصق في بعضها ومجَّ في بعض ، فعادت عذاباً محلولية ، وجاش منها ما كان ماؤها ثماداً . فحار ۲ بحراً .
قالوا : وتفل محمّد في عيون رجال ذوي رمد ، وعلى كلوم رجال ذوي جراح ، فبرأت لوقته عيونهم فما اشتكوها ، واندملت جراحاتهم فما ألموها ۳ في كثير ممّا أدّوا ، ونبِّأوا عن محمّد من دلالة وآية .
وأرادوا صاحبهم مسيلمة على بعض ذلك ، فأنعم ۴ لهم كارهاً ، وأقبل بهم إلى بعض بئارهم فمجّ فيها ـ وكانت الركيّ ۵ معذوذبة ـ فحارت ملحاً لا يستطاع شرابه ، وبصق في بئر كان ماؤها وشلاً ۶ فغارت فلم تبضّ ۷ بقطرة من ماء ، وتفل في عين رجل كان بها رمد فعميت ، وعلى جراح ـ أو قالوا : جراح آخر ـ فاكتسى جلده برصاً ، فقالوا لمسيلمة في ما أبصروا في ذلك منه ، واستبرؤوه . فقال : ويحكم !
1.استعذب القوم ماءهم : إذا استَقوه عذباً . كما في الصحاح ۱/۱۷۸ ، ولسان العرب ۱/۵۸۳ . وغيرهما .
2.حار المكان بالماء : امتلأ ، أو رجع وصار بحراً . وحار . أي رجع ، وتحيّر الماء : اجتمع ودار . لاحظ : لسان العرب ۱۱/۲۱۵ ، وتاج العروس ۳/۱۶۵ .
3.قال الجوهري في الصحاح ۵/۱۸۶۳ : والألم : الوجع ، وقد ألم يألم ألماً ، وقولهم : ألمت بطنك ـ كقولهم : رشدت أمرك . أي ألم بطنك .
4.يقال : أنعم له . أي قال له : نعم ، كما في الصحاح ۵/۲۰۴۳ ، كما يقال له : نعم الرجل . لاحظ : لسان العرب ۱۲/۵۹۰ ، والقاموس المحيط ۴/۱۸۳ . وغيرهما .
5.الركيّ ـ جمع الركيّة ـ وهي البئر . لاحظ : كتاب العين ۵/۴۰۲ ، قال : بئر تحفر . ولها معان أُخر كما في القاموس المحيط ۴/۳۳۶ . وغيره .
6.وشلاً ; يقال : الوشل ـ بالتحريك ـ الماء القليل . وزاد في العين ۶/۲۸۵ : يتحلَّب من صخرة أو جبل يقطر منه قليلاً قليلاً . وقريب منه في غريب الحديث لابن سلام ۲/۳۳۰ ، والصحاح ۵/۱۸۴۱ . . وغيرهما .
7.وبضّ الماء يبضّ ـ بالكسر ـ أي سال قليلاً قليلاً . أو : قطر وسال ، كما في النهاية لابن الأثير ۱/۱۳۱ . وغيره .