المباهلة برواية صاحب الإقبال - صفحه 272

بئس الأمّة أنتم لنبيّكم ، والعشيرة لابن عمّكم ، إنّكم تحيّفتموني ۱ ـ يا هؤلاء ـ من قبل أن يوحى إليّ في شيء ممّا سألتم ، والآن فقد أذن لي في أجسادكم وأشعاركم دون بئاركم ومياهكم ، هذا لمن كان منكم بي مؤمناً ، وأمّا من كان مرتاباً فإنّه لا يزيده تفلتي عليه إلاّ بلاءً ، فمن شاء الآن منكم فليأت لأتفل في عينه وعلى جلده .!
قالوا : ما فينا ـ وأبيك ـ أحد يشاء ذلك .! إنّا نخاف أن يشمت بك أهل يثرب ! وأضربوا عنه حميّةً لنسبه فيهم ، وتذمّماً لمكانه منهم .
فضحك السيِّد والعاقب حتّى فحصا الأرض بأرجلهما ، وقالا : ما النور والظلام، والحقّ والباطل بأشدّ تبايناً وتفاوتاً ممّا بين هذين الرجلين صدقاً وكذباً .
قالوا : وكان العاقب أحبَّ ـ مع ما تبيّن من ذلك ـ أن يشيّد ما فرط من تقريظ مسيلمة ، ويؤثّل ۲ منزلته ، ليجعله لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كفؤاً ، استظهاراً بذلك في بقاء عزّه وما طار له من السموّ في أهل ملّته . فقال : ولئن فخر أخو بني حنيفة في زعمه أنَّ الله عزّ وجلّ أرسله ، وقال من ذلك ما ليس له بحقّ ; فلقد برّ في أن نقل قومه من عبادة الأوثان إلى الإيمان بالرحمن .
قال حارثة : أنشدك بالله الذي دحاها وأشرق باسمه قمراها ، هل تجد في ما أنزل الله عزّ وجلّ في الكتب السالفة يقول الله عزّ وجلّ : أنا الله لا إله إلاّ أنا ، ديّان يوم الدين ، أنزلت كتبي ، وأرسلت رسلي ، لأستنقذ بهم عبادي من حبائل الشيطان ، وجعلتهم في بريّتي وأرضي كالنجوم الدراري في سمائي ، يهدون بوحيي وأمري ، من أطاعهم أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، وإنّي لعنت ـ وملائكتي

1.يقال : تحيَّفته . أي تنقَّصته ، من حيفه . أي من نواحيه . قال في لسان العرب ۹/۱۰۳ : وتخيف ماله : تنقَّصه وأخذ من أطرافه كتحيَّفه . وفي تاج العروس ۶/۲۴۳ قال : وتكيَّفه . أي الشيء إذا تنقصه كتحيَّفه .

2.التأثيل : التأصيل . انظر : كتاب العين ۸/۲۴۱ ، ويقال : مجد مؤثَّل ، وأثلة الشيء أصله . كما في النهاية لابن الأثير ۱/۲۷ . وغيره .

صفحه از 251