المباهلة برواية صاحب الإقبال - صفحه 280

عند من يتزيّن به لا من يقاتل به ، والرأي عند من يملكه لا من ينصره .
قال العاقب : لقد أسمعت ـ يا حويرث ! ـ فأقذعت ۱ وطفقت ۲ فأقدمت ; فَمَهْ ؟ . قال : أقسم بالذي قامت السماوات والأرضون بإذنه ، وغلب الجبابرة بأمره ! إنَّهما اسمان مشتقّان لنفس واحدة ، لنبيّ واحد ورسول واحد ، أنذر به موسى بن عمران وبشَّر به عيسى ابن مريم ، ومن قبلهما أشار به في صحف إبراهيم (عليه السلام) . فتضاحك السيِّد ـ يُري قومه ومن حضرهم أنَّ ضحكه هزؤٌ من حارثة وتعجُّباً ـ وانتشط العاقب ذلك ، فأقبل على حارثة مؤنّباً ، فقال : لايغررك باطل أبي قرّة ، فإنَّه وإن ضحك لك فإنّما يضحك منك .
قال حارثة : لئن فعلها لأنَّها لإحدى الدهارس ۳ أو سوءة ، أفلم تتعرّفا ـ راجع الله بكما ـ من موروث الحكمة : «لا ينبغي للحكيم أن يكون عبّاساً في غير إرب ، ولا ضحّاكاً من غير عجب» ؟ أو لم يبلغكما عن سيّدكما المسيح (عليه السلام) قال : «فضحك العالم في غير حينه غفلة من قلبه ، أو سكرة ألهته عمّا في غده» ؟ .
قال السيِّد : يا حارثة ! إنّه لا يعيش ۴ ـ والله ـ أحدٌ بعقله حتّى يعيش بظنّه ۵

1.قذعه ـ بالذال المعجمة ، كمنعه ـ وأقذعه : رماه بالفحش وسوء القول . يقال : أقذعه إقذاعاً : إذا أسمعه كلاماً قبيحاً ، كما في غريب الحديث للحربي ۲/۴۴۱ . وغيره .

2.طفق في الفعل : شرع ، وطفق الموضع : لزمه . وطفق يفعل كذا يطفق طفقاً . أي جعل يفعل ، كما في الصحاح ۴/ ۱۵۱۷ ، ولاحظ : النهاية ۳/۱۲۹ ولسان العرب ۱۰/۲۲۵ . . وغيرهما .

3.الدهارس : جمع الدهرس ـ كجعفر ـ : وهو الداهية والخفّة والنشاط . لاحظ : لسان العرب ۶/۹۰ ، وتاج العروس ۴/۱۵۱ . وغيرهما .

4.جاء على طبعة ( ح ) هامش هنا هو : ويحتمل أن يكون بدل يعيش : يغترّ ـ من الاغترار ـ في الموضعين . ومراده أن العبارة تصبح : لا يغترّ أحدٌ بعقله حتى يغتر بظنّه .

5.قال العلاّمة المجلسيّ في بيانه ۲۱/۳۳۲ : لعل المعنى أن الذين يعيشون بعقولهم ويستبدّون بها يتبعون الظنون الفاسدة ، أو المعنى أن العاقل لا يكون عاقلاً إلاّ أن يجد أشياء بظنه وفهمه ، ولا يتوقَّف فهمه على الرواية والأثر . ثم قال : ولعلّه كان في الموضعين ( يغترّ ) من الاغترار .

صفحه از 251