العرب صوراً ، وأتمّهم أجساماً وخلقاً .
فلمّا تشوَّفهم ۱ الناس ، أقبلوا نحوهم ، فقالوا : ما رأينا وفداً أجمل من هؤلاء . فأقبل القوم حتّى دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده ، وحانت صلاتهم ، فقاموا يصلّون إلى المشرق ، فأراد الناس أن ينهوهم عن ذلك ، فكفَّهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمّ أمهلهم وأمهلوه ثلاثاً ، فلم يدعهم ولم يسألوه لينظروا إلى هَدْيِه ، ويعتبروا ما يشاهدون منه ممّا يجدون من صفته .
فلمّا كان بعد ثالثة دعاهم (صلى الله عليه وآله) إلى الإسلام ، فقالوا : يا أبا القاسم ، ما أخبرتنا كُتبُ الله عزّ وجلّ بشيء من صفة النبيّ المبعوث من بعد الروح عيسى (عليه السلام) إلاّ وقد تعرّفناه فيك ; إلاّ خلّة هي أعظم الخلال آيةً ومنزلةً ، وأجلاها إمارة ودلالة .
قال (صلى الله عليه وآله) : « وما هي ؟ » . قالوا : إنّا نجد في الإنجيل من صفة النبيّ الغابر من بعد المسيح أنّه يُصدّق به ويؤمن به ، وأنت تسبّه وتكذِّب به وتزعم أنـّه عبد ! .
قال : فلم تكن خصومتهم ولا منازعتهم للنبيّ (صلى الله عليه وآله) إلاَّ في عيسى (عليه السلام) .
فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : « لا ، بل أصدّقه ، وأصدّق به ، وأؤمن به ، وأشهد أنّه النبيّ المرسَل من ربّه عزّ وجلّ ، وأقول : إنّه عبدٌ لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً ، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً » . قالوا : وهل تستطيع العبيد أن تفعل ما كان يفعل ؟ ! وهل جاءت الأنبياء بما جاء به من القدرة القاهرة ؟ ! ألم يكن يحيي الموتى ، ويبرئ الأكْمَهَ والأبرصَ ، وينبِّئهم بما يكنّون في صدورهم وما يدّخرون في بيوتهم ؟ ! فهل يستطيع هذا إلاّ الله عزّ وجلّ أو ابن الله ؟ . وقالوا في الغُلُوّ فيه وأكثروا ، تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيراً .
فقال (صلى الله عليه وآله) : « قد كان عيسى أخي كما قلتم يُحيي الموتى ، ويبرئ الأكْمَهَ
1.جاء في بيان العلاّمة المجلسي : تشوّفت إلى الشيء . أي تطلّعت .