المباهلة برواية صاحب الإقبال - صفحه 298

والأبرصَ ، ويخبر قومه بما في نفوسهم ، وبما يدّخرون في بيوتهم ، وكلّ ذلك بإذن الله عزّ وجلّ ، وهو لله ـ عزّ وجلّ ـ عبدٌ ، وذلك عليه غير عار ، وهو منه غير مستنكف ، فقد كان لحماً ودماً وشعراً وعظماً وعصباً وأمشاجاً ، يأكل الطعام ، ويظمأ ، وينصب ـ والله ـ بأربه ، وربّه الأحدُ الحقُّ الذي ليس كمثله شيءٌ ، وليس له نِدٌّ . قالوا ۱ : فأرِنا مثله جاء من غير فحل ولا أب ؟ .
قال : هذا آدمُ (عليه السلام) أعجبُ منه خلقاً ، جاء من غير أب ولا أمٍّ ، وليس شيءٌ من الخلق بأهون على الله عزّ وجلّ في قدرته من شيء ولا أصعب : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )۲ . وتلا عليهم : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَاب ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )۳ .
قالا : فما نزداد منك في أمر صاحبنا إلاّ تبايناً ، وهذا الأمر الذي لا نقرّهُ لك ، فهلُمَّ فلنلاعِنْك أيُّنا أولى بالحقّ فنجعلْ لعنة الله على الكاذبين ، فإنّها مُثلةٌ وآيةٌ معجَّلةٌ . فأنزل الله عزّ وجلّ آية المباهلة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )۴ . فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما نزل عليه في ذلك من القرآن . فقال (صلى الله عليه وآله) : « إنّ الله قد أمرني أن أصير إلى ملتمسكم ، وأمرني بمباهلتكم إن أقمتم وأصررتم على قولكم » .
قالا : وذلك آية ما بيننا وبينك ، إذا كان غداً باهلناك . ثمّ قاما وأصحابهما من النصارى معهما، فلمّا أبعدا وقد كانوا نزلوا بالحرَّة ، أقبل بعضهم على بعض فقالوا ۵ :

1.لم ترد : قالوا ، في طبعة ( ق ) .

2.سورة يس ( ۳۶ ) : ۸۲ .

3.سورة آل عمران ( ۳ ) : ۵۹ .

4.سورة آل عمران ( ۳ ) : ۶۱ .

5.يظهر من رواية إعلام الورى أن القائل هو : أبو حارثة لأصحابه .

صفحه از 251