يكون من الأمر . ولبث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجرته حتى متع النهار ۱ ثمّ خرج آخذاً بيد عليّ والحسن والحسين أمامه ، وفاطمة (عليها السلام) من خلفهم ، فأقبل بهم حتّى أتى الشجرتين ، فوقف بينهما من تحت الكساء على مثل الهيئة التي خرج بها من حجرته ، فأرسل إليهما يدعوهما إلى ما دعواه ۲ إليه من المباهلة ، فأقبلا إليه ، فقالا : بمن تباهلنا يا أبا القاسم ! ؟ قال : « بخير أهل الأرض وأكرمهم على الله عزّ وجلّ ، بهؤلاء۳» وأشار لهما إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم . قالا : فما نراك جئتَ لمباهلتنا بالكُبر ، ولا من الكُـثر ، ولا أهل الشارة ممّن نرى ممّن آمن بك واتّبعك ، وما نرى هاهنا معك إلاّ هذا الشابّ والمرأة والصبيين ، أفبهؤلاء تباهلنا ؟ ! قال (صلى الله عليه وآله) : « نعم ، أو لم أخبركم بذلك آنفاً ؟ ! نعم ; بهؤلاء أمرتُ ـ والذي بعثني بالحقّ ـ أن أباهلَكم » . فاصفارّت حينئذ ألوانهما وكرّا وعادا إلى أصحابهما وموقفهما . فلمّا رأى أصحابهما ما بهما وما دخلهما ، قالوا : ما خطبكما ؟ ! فتماسكا ، وقالا : ما كان ثمّة من خطب فنخبركم ، وأقبل عليهم شابٌّ كان من خيارهم قد أوتي فيهم علماً ، فقال : ويحكم ! لا تفعلوا واذكروا ما عثرتم عليه في الجامعة من صفته ، فوالله إنّكم لتعلمون حقَّ العلم إنّه لصادق ، وإنّما عهدكم بإخوانكم حديثٌ ، قد مُسخوا قردةً وخنازير . فعلموا أنّه قد نصح لهم فأمسكوا .
قال : وكان للمنذر بن علقمة ـ أخي أسقفهم أبي حارثة ـ حظٌّ من العلم فيهم ، يعرفونه له ، وكان نازحاً عن نجران في وقت تنازعهم ، فقدم ـ وقد اجتمع القوم على الرحلة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ فشَخَصَ معهم ، فلمّا رأى المنذر انتشارَ أمر القوم يومئذ وتردُّدهم في رأيهم ، أخذَ بيد السيِّد والعاقب وأقبل على أصحابه ، فقال : «اخلوني
1.متع النهار ـ كمنع ـ : ارتفع وطال وتعالى ، كما في الصحاح ۲/۱۲۸۲ ، والنهاية ۴/۳۹۳ ، ولسان العرب ۸/۲۳۰ . وغيرها .
2.في بحار الأنوار : ما دعواه . والظاهر : ما دعوه .
3.لم ترد : بهؤلاء في طبعة ( ب ) .