منتخبات نسمات الأسحار - صفحه 165

وأمّا ما ذكره الحافظ أبو الخطّاب ابن دحية أنّ الحديث في إيمان اُمّه وأبيه موضوع، يردّه القرآن العظيم؛ قال تعالى: «وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ»۱ قال: «فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ»۲ فمن مات كافراً لم ينفعه الإيمان بعد الرجعة، بل لو آمن عند المعاينة، فكيف بعد الاعادة؟ وفي التفسير ۳ أنّه صلى الله عليه و آله قال: ليست شعري ما فعل أبواي؟! فنزلت: «وَ لَا تُسْـئلُ عَنْ أَصْحَـبِ الْجَحِيمِ» ؛
فمدفوع بما ورد من أنّ أصحاب الكهف يُبعثون في آخر الزمان ويحجّون ويكونون من هذه الاُمّة تشريفاً لهم بذلك؛ أخرجه ابن عساكر في تاريخه، وأخرج ابن مردويه في تفسيره من حديث ابن عبّاس رضى اللّه عنهما مرفوعاً: أصحاب الكهف أعوان المهدي۴ فقد اعتدّ بما يفعله أصحاب الكهف بعد إحيائهم من الموت، ولا بدع أن يكون اللّه تعالى كتب لأبوي النبيّ صلى الله عليه و آله عمراً، ثمّ قبضهما قبل استيفائه، ثمّ أعادهما لأجل استيفاء تلك اللحظة الباقية وآمنا فيها، فيعتد به ويكون تأخير تلك البقية بالمدّة الفاصلة بينهما لاستدراك الإيمان من جملة ما أكرّم اللّه تعالى به نبيه صلى الله عليه و آله ، كما أنّ تأخير أصحاب الكهف هذه المدّة من جملة ما اُكرموا به ليحوزوا شرف الدخول في هذه الاُمّة.
وأما قوله «بل لو آمن عند المعاينة فكيف بعد الإعادة» فمردود أيضاً بأنّ الإيمان عند المعاينة إيمان بأس فلا يقبل، بخلاف الإيمان بعد الإعادة، وقد دلّ على هذا قوله تعالى: «وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ»۵ .
قال حافظ الدين الكردري في كتابه الموسوم بمناقب الإمام الأعظم ۶ :
من تَقرّر أنّه مات على الكفر يباح لعنه إلّا والدَي رسول اللّه تعالى صلى الله عليه و آله ؛ فإنّه قد ثبت في حديث أورده في التذكرة الإمام القرطبي وفي تفسيره أنّ اللّه أحيا له ـ عليه الصلاة والسلام ـ

1.سورة النساء، الآية ۱۸.

2.سورة البقرة، الآية ۲۱۷.

3.تقدم ذكر ذلك عن صاحب التيسير فلاحظ.

4.الدر المنثور، ج ۴، ص ۲۱۵ عن ابن مردويه.

5.سورة الأنعام ، الآية ۲۸ .

6.مناقب الإمام الأعظم ، ص ۱۵۷ في الفصل الثاني. وقد تقدم ذكر كلام القرطبي سابقاً فلاحظ .

صفحه از 302