منتخبات نسمات الأسحار - صفحه 238

والدتها اُمّ المؤمنين خديجة ـ رضي اللّه عنها ـ لمّا ولدتْها لم ينزل معها دم كما سيأتي، و«الفاطمة» لأنها فُطمت عن كدورات النفس، وفطمت من تَشبّث بها وأحبّها من عذاب النار بشفاعتها؛ كما تقدم، وكما سيأتي.
قال: فلمّا بلغتْ فاطمة مبلغ النساء فكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يغتمّ لأجلها ويقول: ليست لها والدة تُربّيها وتُهيّئ لها أسباب تزويجها! فنزل جبريل عليه السلام وقال: الجبّار يقرئك السلام، ويَخصّك بالتحية والإكرام، ويقول: لا تَغتمّ ؛ فإنّها أحبُّ إليّ منك إليها، فَفَوِّضْ أمر تزويجها إليَّ؛ فإنّي اُزوّجها ممّن اُحبّ . فسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله شكراً للّه تعالى، فنزل جبريل عليه السلام وبيده طبق وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ومع كل واحد منهم ألف ملك، ووضعوا الأطباق بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: إنّ اللّه تعالى يقول: إنّي زوّجت فاطمة مِن عليّ بن أبي طالب، وهذه أثواب من الجنان وأثمارها، ألبسها الثياب، وانثر عليها الثمار . فسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله شكراً للّه فقال: يا جبريل، إنّ فاطمة ترضى بما أرضى فإنّي اُحبّ أن تكون هذه الهدايا والعطايا في دار البقاء لا في دار الفناء، ولكن يا جبريل، كيف كان تزويج فاطمة في السماء؟قال جبريل: يا محمّد، إنّ اللّه تعالى أمر أن تفتح أبواب الجنان ففتحت، وتغلق أبواب النيران فغلقت، ثمّ زيّن اللّه تعالى العرش والكرسي وشجرة طوبى وسدرة المنتهى، ثمّ أمر الولدان والغلمان بأن ينصبوا في قصرٍ دكةً ـ أي خيمة ـ ويمدّوا الوليمة في عرس فاطمة، وأمر اللّه تعالى ملائكة السماء المقربين والروحانيين بأن يجتمعوا تحت شجرة طوبى، ثمّ أرسل اللّه تعالى الرياح المثيرة فهبّت في الجنان فأسقطت من أشجارها المسك والكافور والعنبر، ونثرت الحليّ والجواهر، وحنّت الولدان والغلمان، ثمّ نادى الجليل ـ جلّ جلاله وعزّ سلطانه ـ وأثنى على نفسه وقال: إنّي زوّجت سيدة النساء فاطمة من عليّ بن أبي طالب. وقال: يا جبريل، كن أنت خليفة عليٍّ وأنا خليفة رسولي محمّد، فزوّجها اللّه من عليّ، فهذا عقد نكاحها في السماء، فاعقده أنت ـ يا محمّد ـ في الأرض.
فأخبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله عليّاً بعقد فاطمة، وجمع أصحابه في المسجد، فنزل جبريل عليه السلام وقال: إنّ اللّه تعالى أمر عليّاً بأن يقرأ الخطبة لنفسه . فقرأ رضى الله عنهالخطبة فقال: ۱

1.ولخطبته عليه السلام صور ومصادر فلاحظ : دلائل الإمامة ، ص ۱۵؛ ونثر الدر ، ج ۱، ص ۳۰۳؛ وكشف الغمة والمناقب للخوارزمي وغيرها.

صفحه از 302