منتخبات نسمات الأسحار - صفحه 240

عرسها، فسألها النبيّ صلى الله عليه و آله عن ذلك فقالت: تعلم ـ يا أبتي ـ أنّي لا اُحبّ الدنيا، ولكن نظرت إلى فقري في هذه الليلة فخشيت أن يقول عليّ: بأيِّ شيءٍ جئتِ؟ فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : لك الأمان؛ فإنّ عليّاً لم يزل راضياً مرضيّاً .
ثمّ بعد ذلك تزوّجتْ امرأة من اليهود، وكان لها من الجهاز شيءٌ كثير، فدعت نساء المشركين إلى عرسها، فلبسن أفخر الثياب ثمّ قلن: نريد أن ندعو فاطمة بنت محمّد لترى فقرها! فدعونها، فقالت لعليٍّ: إنّهنّ يردن أن يضحكن على فقري. فبكى عليٌّ رضى الله عنهفهبط جبريل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال: خذ هذه الحلَّة وقل لفاطمة تلبسها وتمضي إليهنّ. فلمّا لبستْها واتّزرتْ بإزارها وجلست بينهن رفعت الإزار فتشعشعت الأنوار، فقالت النساء: من أين هذا يا فاطمة؟ قالت: من أبي . قلن: ومن أين لأبيك؟ قالت: من جبريل . قلن: ومن أين لجبريل؟ قالت: من الجنّة . فقلن: نشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه . فمن أسلم زوجها استمرّت معه، وإلّا تزوّجت غيره.
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله صنع لها قميصاً جديداً ليلة زفافها، وكان لها قميص مرقّع، وإذا سائلٌ على الباب يقول: أطلب من بيت النبوة قميصاً خَلِقاً . قالت: فهممت أن أدفع له المرقَّع، فتذكَّرت قوله تعالى:«لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ»۱ فدفعت له الجديد، فلمّا قرب الزفاف نزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمّد، إنّ اللّه يقرئك السلام، وأمَرني أن اُسلّم على فاطمة منه، وقد أرسلَ معي لها هديةً من ثياب الجنّة من السندس الأخضر. فلمّا بلّغها السلام من ربّها وألبسها القميص الّذي جاء به من الجنّة، لفّها رسول اللّه صلى الله عليه و آله بالعباء، ولفّها جبريل بأجنحته حتّى لا يأخذ نور القميص بالأبصار، فلمّا جلستْ بين / 42 / النساء المسلمات والمشركات ومع كلّ واحدة شمعة ومع فاطمة سراج، رفع جبريل عليه السلام جناحه ورفع العباء، وإذا بالأنوار قد طبقت المشرق والمغرب، فلمّا وقع النور على أبصار المشركات خرج الشرك من قلوبهنّ، وقلن نشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه . انتهى كلام ابن الجوزي . ۲

1.سورة آل عمران، الآية ۹۲.

2.مختصر المحاسن المجتمعة، ص ۱۸۶؛ نزهة المجالس، ص ۵۷۶.

صفحه از 302