كشف المحجّة في شرح خطبة اللمّة - صفحه 366

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه الذي جعل كلام أوليائه دليلاً قاطعا على ولايتهم ، وبرهانا ساطعا على عصمتهم و إمامتهم ، والصلاة على أفصح مَن نطق بالضاد وآله الطاهرين ، سيّما بضعته وفلذة كبده سيّدة نساء العالمين (صلوات اللّه وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها أبد الآبدين ودهر الداهرين) ۱ .
أمّا بعد ، ۲ فلمّا كانت الخطبة الغرّاء الّتي رواها المخالف والمؤالف عن فاطمة الزهراء عليهاالسلام ساطعة الأنوار ، ظاهرة المنار ، قد تحيّرت منها أحلام الفصحاء ، وتعجّبت منها أفاضل البلغاء ، ألحّ عليّ بعض العلماء العالمين والفضلاء الورعين أن اُعلِّقَ عليها شرحا مختصرا يوضح بعضَ مشكلاتها ، ويفتح جملة من مغلقاتها ، فأجبتُ مأموله بالسمع والطاعة ، مع الاعتراف بقلّة البضاعة ، والقصور عن هذه المرتبة العليّة ، والدرجات السنيّة ، والتوفيق من اللّه مأمول ، والتأييد منه (سبحانه) ۳ مسؤول ، والعذر عند كرام الناس مقبول ، والمعترف بالتقصير معذور ، والميسور لا يسقط بالمعسور .

مقدمة

اعلم أنّ هذه الخطبة الشريفة يُغني فصاحة مضمونها وبلاغة مشحونها ۴ عن ملاحظة سندها ؛ فإنّ جواهر مبانيها وأنوار معانيها دلائل حقّ وشواهد صدق على صدورها عن ربّة العلوم الربّانية ، وصاحبة الأسرار الفرقانية ، المخلوقة من الأنوار الإلهيّة ، فهي كنهج البلاغة والصحيفة السجّادية ، ومع ذلك فقد اشتهرت بين العلماء الأبرار اشتهارَ الشمس في رابعة النهار ، وقد رواها على اختلاف في المتن ـ وزيادة ونقصان ـ جملةٌ من علمائنا ، منهم الطبرسي ۵ في الاحتجاج ۶ والسيّد ابن طاووس في الطرائف ۷ وعلي بن عيسى الإربلي في كشف الغمّة ۸ والسيّد المرتضى ۹ في الشافي ۱۰ وروى الصدوق ۱۱
بعض فقراتها في علل الشرائع ۱۲ وغيرهم . ۱۳
ورواها جمٌّ غفير من المخالفين كالجوهري في كتاب ۱۴ السقيفة ۱۵ و[ أبي عبيد اللّه محمّد بن عمران ]المرزباني ۱۶ وصاحب الفائق [ عن ] ۱۷ الحافظ [ أبي بكر أحمد بن مَردويه في كتاب المناقب ] ۱۸ وغيرهم ۱۹ .
وقال الفاضل المحقّق عبد الحميد ابن أبي الحديد في شرح النهج عند ذكر الأخبار الواردة في فدك ما لفظه :
الفصل الأوّل : في ما ورد من الأخبار والسِيَر المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم ، لا من كتب الشيعة ورجالهم [ ؛ لأنّا مشترطون على أنفسنا ألّا نحفل بذلك ] ، وجميع ما نورده في هذ الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفدك ، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدّث ۲۰ كثير الأدب ، ثقة وَرع ، أثنى عليه المحدّثون ورووا عنه مصنَّفاته وغير مصنَّفاته . ۲۱
ثمّ قال : قال أبو بكر : حدّثني محمّد بن زكريا ، عن جعفر بن محمّد بن عُمارة [ الكندي ] ، عن أبيه ، عن الحسن ۲۲ بن صالح [ بن حيّ ] ، قال : حدّثني رجلان ۲۳ من بني هاشم ، عن زينب بنت علي عليه السلام .
قال : وقال جعفر بن محمّد (بن عمارة : حدّثني أبي ، عن جعفر بن محمّد) ۲۴ بن علي بن الحسين ، عن أبيه عليه السلام .
قال أبوبكر : وحدّثني عثمان بن عمران العجيفي ، ۲۵ عن نائل بن نَجِيح ، عن ۲۶ عمرو ۲۷ بن شَمِر ، عن جابر الجُعفي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه السلام .
قال أبو بكر : وحدّثني أحمد بن محمّد بن يزيد ۲۸ ، عن عبد اللّه بن محمّد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن الحسن[ بن الحسن ] ، قالواجميعا : «لمّا بلغ فاطمة عليهاالسلامإجماعُ أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خِمارَها» ، ثمّ ساق الخطبة الآتية . ۲۹
ورواها المرتضى ۳۰ في الشافي ۳۱ عن جملة من العامّة ، وأشار إليها المسعودي في مروج الذهب ۳۲ وابن الأثير في النهاية ۳۳ ، ورواها أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر في كتاب بلاغات النساء ۳۴ وغيرهم . ۳۵
ونحن نذكر شرحها برواية الاحتجاج ، ونشير في الجملة إلى موضع الاختلاف من الروايات الاُخر .
قال رحمه اللهفي الاحتجاج : روى عبد اللّه بن الحسن ۳۶ بإسناده عن آبائه عليهم السلام أنّه لمّا أجمع أبو بكر ، أي أحكم النيّة وعزم على منع فاطمة عليهاالسلام فدك ، وبلغها ذلك ، أي ما يدلّ على ذلك العزم من أقواله وأفعاله ، لاثت ۳۷ خِمارَها على رأسها ، أي عَصَبَتْه وجَمَعتْه ، يقال : لاثَ العِمامَة على رأسه يَلْوثُها لَوْثا ، أي شَدَّها ورَبَطها .
والخِمار : المقنعة ، سُمّيت بذلك لأنّ الرأس يخمر بها ، أي يغطّى ، أو ۳۸ كلّ شيء غطّيته فقد خمرته ، وجمع الخِمار خُمُر ككتاب وكتب ؛ قال تعالى : «وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ» . ۳۹
واشتملت بجلبابها ، في مجمع البحرين في قوله تعالى : «يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـبِيبِهِنَّ»۴۰ قال : الجلابيب جمع جِلباب ، وهو ثوب واسع أوسع من الخمار ودون الرداء ، تلويه المرأة على رأسها وتُبقي منه ما ترسله على صدرها . وقيل : الجلباب : المِلْحَفَة وكلّ ما يستتر به من كساء أو غيره . ۴۱ وفي القاموس : الجلبابُ كسِرداب : القميص . ۴۲
وأقْبَلَتْ في لُمَةٍ من حَفَدَتِها ونساءِ قومِها ، اللُّمَة ـ بضم اللام وتخفيف الميم ـ هي الجماعة من غير حصر في عددٍ . وقيل : ما بين الثلاثة إلى العشرة . والحَفَدة ـ بالتحريك ـ جمع حافد ، قيل : هم الأعوان والخدم ، وقيل : الاُختان ، وقيل : الأصهار . والمحفود : المخدوم ۴۳ .
قال ابن الأثير في النهاية : في حديث فاطمة عليهاالسلام«أنّها خرجت في لُمَة من نسائها تَتَوَطَّأ ذَيلَها إلى أبي بكر فعاتَبَتْه» ، أي في جماعة من نسائها ، قيل : هي ما بين الثلاثة إلى العشرة . قيل : اللمة : المِثْلُ في السنّ والتِّرْب .
وقال الجوهري : الهاء عوض من ۴۴ الهمزة الذاهبة من وسطه . ۴۵ وهو مما اُخِذَتْ عَيْنُه كَسَهٍ ومُذْ ، وأصلها فُعْلَةٌ من الملاءَمة ، وهي مِن الموافقة ، انتهى . ۴۶
والموجود في جملة من النسخ «لُمَّة» بالضم والتشديد ، وهي الصاحب والأصحاب والمؤنس ۴۷ كما قاله الفيروز آبادي . ۴۸
تَطَأ ذُيُولَها ، أي كانت أثوابها طويلة ـ كما هو المتعارف لنساء العرب ـ تستر قدميها ، وتضع عليها قدمها ۴۹ عند المشي .
وجمع الذيل إما باعتبار الأجزاء ، أو لتعدّد الثياب . ويحتمل أن يكون وطأ الذيل لدهشتها عليهاالسلام ، كما يتّفق ذلك للمحزون المدهوش .
ما تَخْرِمُ مِشيتها مِشيةَ رسولِ اللّه۵۰ وفي بعض النسخ : «مِن مشي رسول اللّه » ۵۱ . والخرم : الترك والنقص والعدول . والمِشية ـ بالكسر ـ الاسم من مَشَى يَمْشي مَشْيا ، أي لم تنقص مشيتها ۵۲ من ۵۳ مشيته صلى الله عليه و آله ، كأنّه هو بعينه . قال في النهاية : فيه «ما خَرَمتُ مِن صلاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئا» ، أي ما تركتُ ، ومنه الحديث : «لم أخْرِمْ منه حَرْفا» ، أي لم أدَعْ . ۵۴
حتى دخلتْ على أبي بكر وهو في حَشْد ـ بالفتح وقد يحرّك ـ أي جماعة من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت ، أي عُلّقت أو ضربت دونها أي بينها وبين القوم مُلاءة ـ بالضمّ والمدّ ـ الإزار والستر . وفي بعض النسخ : «رَيطة» وهي بالفتح المُلاءة إذا كانت قطعةً واحدةً ولم تكن لِفْقَينِ ، أوهي كلّ ثوب ليّنٍ رقيق .
فجلستْ ۵۵ ثمّ أنَّتْ أنّةً ۵۶ أجْهَشَ أي فزعَ ۵۷ القومُ لها (أي لأجلها) ۵۸ بالبكاء ، والجهش هو أن يَفْزَعَ الإنسانُ إلى غيره ۵۹ وهو مع ذلك يريد البكاءَ كالصبي يفزع إلى اُمّه وقد تَهَيَّأ للبكاء ۶۰ .
فارتجّ المجلسُ أي اضطرب ، ثمّ أمهلتْ ۶۱ أي صبرت هُنَيّةً ۶۲ أي زمانا قليلاً ، حتى إذا سكن نشيجُ القومِ أي صوتهم وبكاؤهم ، والنشيج صوت معه ترجيع وبكاء ۶۳ كما يُردّد الصبى بكاءه في صدره ، وهَدَأت أي سكنت فَورَتُهم أي شدّتهم واضطرابهم افتتحَت الكلامَ بحمداللّه ۶۴ والثناء عليه والصلاة على رسوله ۶۵ صلى الله عليه و آله ، فعاد القُوم في بكائهم ، فلمّا أمسكوا أي عن ۶۶ البكاء والنحيب عادت ۶۷ في كلامها . فقالت : الحمدُ للّه على ما أنْعَمَ من النعم العظيمة والآلاء الجسيمة ، وله الشكرُ على ما ألْهَمَ من المعرفة والبيان والتمييز والإدراك ، ولعلّ تقديم الظرف هنا للإشعار بأنّ الشكر على الإلهام منحصرٌ ۶۸ فيه تعالى ؛ إذ لا يشاركه في الإلهام أحدٌ ، والثناء بما قدّم من النعم على العباد قبل الاستحقاق لها ، أو بما قدّم من نعمة الإيجاد .
مِن عمومِ نِعَمٍ ابتدَأها ؛ إذ هو المبتدأ بالنعم قبل استحقاقها ، و«مِن» بيانٌ لما أبهمته الموصولات المتقدّمة ، وسُبوغِ أي إكمال آلاءٍ جمعُ ألى ـ بالفتح والقصر وقد تكسر الهمزة ـ هي النعماء ؛ كذا في النهاية ۶۹
أسداها أي أولاها وأعطاها ، وتمامِ مِنَنٍ جمع منّة والاها ۷۰ أي تابعها بإعطاء نعمة بعد اُخرى بلا فصل .
جَمَّ أي كثر عن الإحصاءِ عددُها ، أي هي أكثر من أن تحصى ، وأجلّ من أن تستقصى . وعُدّي ب «عن» لتضمين معنى التعدّي والتجاوز ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : «وَ إِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ» . ۷۱
ونأى أي بَعُدَ عن الجزاء أمَدُها أي غايتها ومنتهاها ؛ إذ لا أمد لها على الحقيقة ولا منتهى ، وقد يطلق الأمد على الابتداء ، فهو أبلغ ؛ إذ ۷۲ المعنى : أي بَعُدَ عن الجزاء ابتداؤها فكيف انتهاؤها .
وتَفاوَتَ أي بَعُدَ عن الإدراكِ حقائق تلك النِعَم وأفرادها فضلاً عن شكرها أبدُها أي دوامها وأبديّتها ؛ لعدم انتهائها .
ونَدَبَهم أي حثَّهم ورغّبهم لاستزادتها أي لطلب زيادتها بالشكر ، يقال : نَدَبَه للأمر و إليه فانتدب ، أي دعاه فأجاب ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»۷۳ واللام في قولها عليهاالسلام : لاتصالها لتعليل الندب ، أي رغّبهم في استزادة النعمة بسبب الشكر ؛ لتكون نعمة متّصلة لهم غير منقطعة عنهم ، ويمكن أن تجعل اللام الاُولى للتعليل ، والثانية للصلة . وفي بعض النسخ : «لإفضالها» ، فيحتمل تعلّقه بالشكر .
واستَحْمدَ إلى الخلائِق بإجزالِها أي طلب تعالى من خلائقه الحمد بسبب إجزال النعم و إكمالها عليهم و إكثارها ، والتعدية ب «إلى» لتضمين معنى الانتهاء والتوجّه . ۷۴ ويمكن أن يكون «استحمد» بمعنى تحمّد ، كما يقال : «فلانٌ يَتَحمَّدُ عليَ» أي يمتنّ ۷۵ ، فيكون «إلى» بمعنى «على» ، أي امتنّ ۷۶ على الخلائق بإجزال تلك النعم ۷۷ ، هو و إن بَعُد إلّا أنّه يحصل به المغايرة بين الفقرتين .
وثنّى بالندب إلى أمثالها ، أي بَعْد أن أكمل لهم تعالى النعم الدنيويّة ندبهم إلى تحصيل أمثالها من النعم الاُخرويّة ، أو الأعم منها ومن مزيد النعم الدنيوية .
ويحتمل أن يكون المراد من الندب إلى أمثالها أمر العباد بالإحسان والمعروف ، وهو إنعام ۷۸ على المحسن أيضا ؛ إذ به يصير مستوجبا للأعواض والمثوبات الدنيوية والاُخروية .
وأشهدُ أن لا إله إلّا اللّه وحدَه لا شريكَ له ، كلمةً بالنصب على البدليّة جَعَلَ اللّه الإخلاصَ في الأعمال من الرياء والمفاسد وعدم التوسّل بغيره ۷۹ تعالى تأويلَها أي تأويل كلمة التوحيد ، وبالجملة فكلمة التوحيد لها ظاهر ولها تأويل ، فظاهرُها ما يعقله ۸۰ الأكثر ، وتأويلُها الإخلاصُ في الأعمال ؛ إذ مَن نفى الشريك ۸۱ عن اللّه تعالى وأثبت توحيده ، فلا ينبغي أن يشرك معه في العبادة والاستعانة والتوسّل والانقطاع والالتجاء ؛ فإنّ ذلك كلّه منافٍ للتوحيد الحقيقي ، فينبغي للموحّد أن تكون ۸۲ أقواله وأفعاله وأعماله وأحواله للّه تعالى ، فإن أطاع الشيطان فقد عبده ؛ كما قال تعالى : «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَـبَنِى ءَادَمَ أَن لَا تَعْبُدُواْ الشَّيْطَـنَ»۸۳ و إن أطاع هوى نفسه فقد عبده ؛ كما قال تعالى : «أَفَرَءَيْتَمَنِ اتَّخَذَ إِلَـهَهُ هَوَاهُ»۸۴ ، و إن أصغى إلى ناطق عن غير اللّه فقد عبد غير اللّه تعالى ؛ كما قال عليه السلام : «من أصغى إلى ناطق فقد عبده ؛ فإنْ كان الناطق يحكي عن اللّه فقد عبد اللّه ، و إن كان عن غير اللّه فقد عبده» . ۸۵ وقد أوضحنا إجمال ذلك في رسالتنا البرهان المبين في اُصول الدين .
وضَمَّنَ القلوبَ موصولَها ، أي ضمَّن اللّه تعالى القلوب وألزمها موصول هذه الكلمة ، أي ملزومها من توحيده تعالى ذاتا وصفاتا ، فتكون إشارة إلى أنّ التوحيد فطريّ قد فطر اللّه عليه القلوب والعقول ؛ كما دلّ عليه كثير من الآيات والروايات ، أو المعنى : جعل ما يصل إليه العقل من تلك الكلمة مدرجا في القلوب بما أراهم من الآيات ، كما قال تعالى : «سَنُرِيهِمْ ءَايَـتِنَا فِى الْأَفَاقِ وَ فِى أَنفُسِهِمْ»۸۶ أو المعنى (لم يكلّف العقول) ۸۷ الوصول إلى منتهى دقائق كلمة التوحيد وتأويلها ، بل إنّما كلّف عامّة القلوب بالإذعان بظاهرها ، أو يكون الضمير في موصولها راجعا ۸۸ إلى القلوب ، أي لم يلزم القلوب إلّا ما يمكنها الوصول إليها من تأويل تلك الكلمة .
وأنار في الفِكْرِ ۸۹ معقولَها ، أي أوضح في الأذهان ما يتعقّل من تلك الكلمة بالتفكّر في الدلائل والبراهين ، ويحتمل إرجاع الضمير إلى القلوب ، أو الفِكَر ـ بصيغة الجمع ـ أي أوضح بالتفكّر ما يتعقّله العقول منها .
الممتنعُ من الأبصار رؤيتُه ؛ كما قال عزّ من قائل ۹۰ : «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ»۹۱ وعلى تقدير أن يراد بالأبصار أبصار القلوب الّتي هي أدقّ من أبصار العيون ـ كما ورد في كثير من الأخبار ـ فالمرادُ بالرؤية : العلمُ الكامل والظهور التامّ .
و ۹۲ مِن الألسنِ صفتُه أي وصفُه بأن تكون مصدرا ، أو بيانُ وصفه ۹۳ ؛ فإنّ الألسن قاصرة عن وصفه تعالى ؛ إذ أعلم العلماء وأفصح البلغاء ـ و إن بالغ في تصحيح العبارات وتنقيح الكلمات ـ كان قاصرا عن وصف الحقّ بما يليق به . ۹۴ وتنزيهه عمّا لا يليق به ؛ إذ العبارات والكلمات تكون لا محالة مغيّاةً بغايات ۹۵ خياليةٍ ، ومحدودةً بحدودٍ وهميّةٍ ، ومربوطةً بصورٍ عقليّةٍ يتنزّه الحقّ عنها ؛ لأنّه وراء ما يدركه العقل والخيال والوهم وما يعبّر به اللسان من الألفاظ ، كما قال الصادق عليه السلام للسائل : «سميعٌ بغير جارحة ۹۶ ، بصيرٌ بغير آلة ، بل يَسمَعُ بنفسه ، ويُبصِر بنفسه ، وليس قولي «إنّه سميع يسمع بنفسه و[بصير ]يبصر بنفسه» أنّه ۹۷ شيء والنفس شيء آخر ، ولكنّي أردت عبارةً عن نفسي إذ كنتُ مسؤولاً ، و إفهاما لك إذ كنتَ سائلاً ، فأقول : يسمع بكلّه ، لا أنّ كلّه له بعض ۹۸ ، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي...» ۹۹ الحديث .
ومِن الأوهامِ كيفيّتُه ؛ لأنّ الأوهام إنّما تُدرِك الاُمورَ المتعلّقةَ بالمادّة ، وشأنُها فيما تُدركه أن تستعمل المخيلة في تقديره بتقديرٍ ۱۰۰ معيّنٍ ووضعٍ معيّن ، وتحكم بأنّ ذلك مبلغه ونهايته ، فلو أدركتْه الأوهامُ لقدّرتْه شخصا معيّنا قائما على مقدار معيّن ، وصوّرتْه بصورة معيّنة في محلّ معيّن ، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا .
وأيضا لمّا كان تعالى غير مركّب لم يكن للعقل الإحاطة به ، فالوهم أولى ؛ لأنَّ الوهم إنّما يتعلّق بالمعاني الجزئيّة المتعلّقة بالمحسوسات والموادّ ۱۰۱
الجسمانيّة ، فلا يمكنه إدراك الواجب المنزَّه عنها ، وفي الحديث [ عن ] الصادق ۱۰۲ : «يا ابنَ آدمَ ، لو أكل قلبَك طائرٌ صغير لم يُشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطّاه ، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض؟! إن كنت صادقا فهذه الشمس خلقٌ من خلق اللّه ۱۰۳ ، فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول» . ۱۰۴
ابتدعَ الأشياءَ لا من شيءٍ كان قبلَها ، لا يخفى لطف هذه العبارة الشريفة وما فيها من الإشارة إلى ردّ شُبه الثنويّة ، وقد تخرّجت عليهاالسلامبوجه حسن حيث لم تجعل العدم مادّة للأشياء بأن تقول : «من لا شيء» ، حتى ترد شُبه الملاحدة ؛ ونظير ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام : «الحمد للّه الذي لا من شيء كان ، ولا من شيء خلق ما كان» . ۱۰۵
وتوضيح ذلك أنّ أقوى ما تمسّك به الثنويّة في حدوث العالم من أصل ومثال ونفي حدوثه على سبيل الإبداع والاختراع أن قالوا : لا يخلو من أن يكون الخالق ۱۰۶ خلق الأشياء من شيء أو من لا شيء ، والثاني باطل ؛ إذ لا يجيئ من لا شيء ، شيءٌ بالضرورة ، فتعيّن الأوّل ، وهو المطلوب .
والجواب أنّ كلاًّ من شِقَّي الترديد باطل ؛ إذ ليس الشقّ ۱۰۷ الثاني نقيضا للشقّ الأوّل حتى يلزم من بطلان الثاني ثبوت الأوّل ، ومن بطلانهما ارتفاع النقيضين ؛ فإنّ لنا أن نختار شقّا ثالثا هو نقيض الأوّل ، وهو أنّه ۱۰۸ خلق لا من شيء .
ووجه بطلان الشقّين أنّ قولهم «من شيءٍ» خطأ ؛ لأنّه يستلزم عجز الواجب ، وسلب التدبير عنه ، وافتقاره إلى الغير في تنفيذ قدرته ، وثبوت قديم ۱۰۹ غيره ، وكلُّ ذلك محالٌ ، وقولهم «من لا شيء» إحالة وتناقض ؛ إذ قد تحقّق في محلّه أنّ العدم لا يكون مادّة للموجودات ، ولفظة «من» الابتدائيّة توجب شيئا يقع الابتداء منه ، ومدخولها وهو لفظة «لا شيء» ينفي ذلك الشيء ؛ ضرورة أنّ اللاشيء لا يصدق على شيء من الأشياء ، فبين مفهوم «من» ومفهوم «اللاشيء» تناقضٌ ، فأخرجتْ عليهاالسلامهذه اللفظة على أبلغ الألفاظ وأصحّها ، وسيبحيء توضيح معنى الإبداع في الفقرة الثانية .
وأنشأها بلا احتذاءِ أمثلةٍ امتَثَلَها ، يقال : احتَذَى مِثالَه : اقتَدى به ، وامتَثَلَها ، أي تَبِعها .
ولم يتعدّ عنها ۱۱۰ ، أي لم يخلقها على وفق صنع غيره ، وهذا هو الفارق بين الصنائع الإلهيّة والصنائع البشريّة ؛ فإنّ الأوّل على سبيل الإبتداع ۱۱۱ والاختراع دون الثاني ؛ وذلك لأنّ الصنائع البشريّة إنما تحصل بعد أن ترسم في الخيال صورة المصنوع وتصوّر وضعه ۱۱۲ وكيفيّته أوّلاً ، وتلك الصور والتصوّرات تارة تحصل عن أمثلة المصنوع ۱۱۳ ومقادير وكيفيات خارجيّة له يشاهدها الصانع ويحذو حذوها ، وتارةً تحصل بمحض الإلهام ، كما يفاض على أذهان بعض الأذكياء صورة شكلٍ لم يسبق إلى ۱۱۴ تصوّره فيتصوّره ويوجد صورته ۱۱۵ في الخارج ، وكلٌّ ۱۱۶ من الأمرين ليس اختراعا : أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني ـ مع أنّه يقال ۱۱۷ له ۱۱۸ في العرف مخترعا ـ فلأنّ التحقيق يشهد بأنّه إنّما فعل على وفق ما وجد في ذهنه من الشكل والهيئة والمقدار الفائض ، جميعُ ذلك من الحقّ تعالى ۱۱۹ ، فيكون في الحقيقة فاعلاً من مثال سبق من الغير ، فلا يكون مخترعا ولا مبدعا ، وصُنْعُ اللّه ِ تعالى العالمَ وجزئيّاته منزَّهٌ عن الوقوع على هذين الوجهين :
أمّا الأوّل فلأنّ اللّه تعالى كان ولم يكن معه شيءٌ ، فلم يكن في مرتبة وجوده مثال ومقدار ولا ممثّل ولا مقدور حتى يعمل ويخلق ـ جلّ شأنه ـ بمثله ويحذو حذوه .
وأمّا الثاني فلاستحالة حصول الصور والمقادير في ذاته تعالى ، ولامتناع استفاضتها من الغير ، فكان صنعه تعالى محض الابتداع ، وفعله مجرّد الاختراع من غير مثال ؛ تعالى عن صفات المخلوقين ، وتنزّه عن شبه المربوبين .
كَوّنَهَا بِقُدْرتِه الكاملة ، المنزّهة عن الضعف والنقصان ، إنّما يقول لما يشاء كونه ويريد وجوده : «كنْ» فيكون ذلك الشيء من غير مهلة وتراخٍ ، والمرادُ بقوله ۱۲۰ للشيء «كن» حكمُه وقضاؤه عليه بالوجود ، لا التلفّظ بهذا اللفظ والنطق به .
وذَرَأها أي خلقها وأوجدها من باب نفع ، بمشيّته أي بإرادته ، لا بعزم و إرادة زائدة على ذاته . وقيل : المشيّة هي العلم بالشيء مع ما به يترجّح به وجوده ، فهي حينئذٍ نوع من العلم مغايرة للإرادة .
وكيفما كان فمشيّته و إرادته تعالى تتعلّقان ۱۲۱ بالأشياء كلّها ، لكن تعلُّقهما ۱۲۲ بها على وجوه مختلفة : فتعلّقهما ۱۲۳ بأفعال نفسه بمعنى إيجادها والرضا بها ؛ لكونها كلّها حسنة واقعة على وجه الحكمة (،اشتر القليل تابع لخيرات كثيرة فيه وليس مرادا) ۱۲۴ بالذات ،
وتعلُّقهما بأفعال العباد : أمّا بالطاعات فهو إرادة وجودها والرضا بها أو الأمر بها ، و أمّا بالمباحات فهو الرخصة بها ، و أمّا المعاصي فهو إرادة أن لا يمنع منها بالجبر والقهر أو إرادة عدمها ، وبذلك فسّر قوله تعالى : «وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ»۱۲۵ أي لو شاء عدم شركهم على سبيل الإجبار ما أشركوا ، ولكن لم يشأ على هذا الوجه ؛ لمنافاته غرض التكليف ، و إنما شاء على سبيل الاختيار لتكون لهم القدرة على الفعل والترك .
مِن غيرِ حاجةٍ منه إلى تكوينِها ، ولا فائدةٍ له في تصويرِها من تشديد سلطان ، أو خوفٍ من زوال ونقصان ، أو استعانة على ضدّ أو ندّ ؛ لأنّه إنما يحتاج إلى الناصر والمعين الناقصُ العاجزُ عن التصرّف في ملكه ، واللّه ۱۲۶ هو الغني المطلق ، وما عداه مقهور تحت قدرته القاهرة ، والخوف من توابع الانفعالات ولواحق الممكنات المنزّه عنها تعالى ، ولانتفاء مبدأ الاستعانة وهو العجز ؛ لأنّ العجز من تناهي القوّة والقدرة المنزّه ۱۲۷ عنه تعالى ، بل لم يخلق الأشياء ولم ۱۲۸ يكوّنها إلّا تثبيتا لحكمته الباهرة الّتي اقتضت إفاضة الوجود على الممكنات وتنبيها للعباد على طاعته ؛ لأنّ أرباب العقول يتنبّهون ۱۲۹ بمشاهدة مصنوعاته ومخلوقاته بأنّ شُكر خالقها والمنعم بها واجبٌ ، أو أنّ خالقها مستحقّ للعبادة ، أو بأنّ مَن قدر عليها يقدر على إعادة الأموات والانتقام منهم و إثابتهم .
و إظهارا لقدرته الباهرة و إعلانا لربوبيّته الظاهرة وتعبّدا لبريّته ، أي خلق البريّة ليتعبّدهم ، أو خلق الأشياء ليتعبّد البرايا بمعرفته والاستدلال بها عليه ، وطلب منهم العبادة ، وحثّهم على طاعته فقال تعالى ۱۳۰ : «يَـعِبَادِ فَاتَّقُونِ»۱۳۱ وقال عزّ وجلّ ۱۳۲ : «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْاءِنسَ إِلَا لِيَعْبُدُونِ» . ۱۳۳
و إعزازا لِدعوتِه ، أي خَلَق الأشياء لتغلب وتظهر دعوته إلى معرفة ذاته وصفاته ، بالاستدلال بالمخلوقات على ذاته وصفاته ، أو لتظهر دعوة الأنبياء إليه بالاستدال بها . ثمّ جَعَلَ الثوابَ على طاعته ؛ تفضّلاً منه ورحمةً ، و إلّا فالقُوى والأعضاء والجوارح وسائر آلات الطاعة منه وملكه والتوفيق منه ، فلإثابة على ذلك محض التفضّل .
ووَضَعَ العقابَ على معصيته بمقتضى عدله وحكمته .
ذِيادةً ـ بالذال المعجمة ـ كالذود ، وهو السَّوق والطرد والدفع والإبعاد لعباده عن نِقمَتِه أي انتقامه وعذابه .
وحِياشةً لهم إلى جنّتِه ، يقال : «وحُشْتُ الصيدَ أحُوشُه» إذا جئته من حوإليه لتصرفَه إلى الحِبالة .
ولا يخفى ما في التعبير بالذيادة في الأوّل ، والحياشة في الثاني من اللطف والإشعار بأنّ الخلق بمقتضى طباعهم ۱۳۴ ونفوسهم مائلون إلى ما يوجب العقاب متنفّرون عمّا يوجب الثواب ، فيحتاجون إلى الذيادة في الأوّل والحياشة في الثاني .
وأشهدُ أنّ أبي محمّدا ۱۳۵ عبدُه ، والعبوديّة من أعلى المراتب كما قال عليه السلام ۱۳۶ : «إلهي ، كفاني فخرا أن أكون لك عبدا ، وكفاني عزّا أن تكون لي ربّا ۱۳۷ ، وقال تعالى مخاطبا لإبليس اللعين : «إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـنٌ»۱۳۸ ورسولُه الذي أرسله بشيرا ونذيرا بالهدى والحقّ ۱۳۹ إلى الخلق ، اختارَهُ وانتَجَبَهُ قبلَ أنْ أرسلَه في الذرّ حين ذرأه ، وفي البريّة حين برأه ، وسمّاه لأنبيائه وملائكته وأخذ العهود عليهم بالإيمان به قبلَ أن اجتَبَلَه ۱۴۰ أي خلقه ، والجِبِل : الخلق ، يقال : «جبلهم اللّه » أي خلقهم ، وزيادة البناء مبالغة للإشارة إلى أنّه ۱۴۱ خلق عظيم ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة ، يقال : «احتَبَلَ الصيدَ» أي أخذه بالحِبالة ، فهو كناية عن إيجاده صلى الله عليه و آله في عالم الأجسام ؛ فإنّ الأبدان للأرواح بمنزلة القَفَص للطائر ، لما تحقّق من تقدّم خلق الأرواح على الأبدان ، وفي بعضها : «قبل أن اجتباه» أي اصطفاه بالبعثة .
واصطفاه على جميع مخلوقاته المادّيات والمجرّدات قبلَ أن ابتعثه إلى دعوة الخلائق ؛ إذ الخلائقُ بالغيب مكنونةٌ ، أي اختاره وانتجبه واصطفاه حين كوّن الخلائق مكنونة ومستورة بالغيب الذي هو كناية عن العدم ، وبسترِ الأهاويلِ مصونةٌ ، أي ستر العدم أو حجب الأصلاب والأرحام ، ونسبتُه إلى الأهاويل لما يلحق الأشياء في تلك الأحوال من موانع الوجود وعوائقه ، أو المراد أنّها كانت مصونة عن الأهاويل بستر العدم ؛ إذ هي إنّما تحلقها بعد الوجود ، أو أنّ التعبير بالأهاويل من قبيل التعبير عن درجات العدم بالظلمات .
وبنهاية العدم مقرونةٌ ، وفيه إشارة إلى أنّ العدم له مراتب كالوجود ؛ إذ الوجود الناقص فيه ۱۴۲ شائبة العدم ، واصطفاء اللّه واختياره له صلى الله عليه و آله حين كوّن الخلائق في العدم البحت الذي هو منتهى مراتب العدم .
ويشهد لهذه الفقرات ما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «خُلقتُ أنا وعليُ بنُ أبي طالب عليه السلام من نور واحد نسبّح اللّه۱۴۳يمنة العرش قبل أن خلق۱۴۴آدم بألف عام ، فلمّا خلق اللّه آدم۱۴۵جعل ذلك النور في صلبه۱۴۶» الحديث .
و عن الصادق عليه السلام قال : «إنّ محمّدا و عليّا ۱۴۷ كانا نورا ۱۴۸ بين يدي اللّه ـ جلّ جلاله ـ قبل خلق اللّه الخلق بألفي ۱۴۹ عام .» ۱۵۰ الحديث .
عن الجواد عليه السلام قال : «إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ لم يزل متفرّدا بوحدانيّته ، ثمّ خلق محمّدا وعليا وفاطمة ۱۵۱ فمكثوا ألف دهر ، ثمّ خلق جميع الأشياء ، فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها» . ۱۵۲
وعنه عليه السلام قال : «إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام ، فهي أرواحنا ...» ۱۵۳ الحديث .
علما من اللّه تعالى ، أي فعل اللّه ۱۵۴ لأجل علمه بمآئل جمع مائل وهو العاقبة ، وفي بعض النسخ : «بمائل الاُمور» بصيغة المفرد .
و إحاطةً بحوادثِ الدهورِ ، أي ولأجل علمه و إحاطته تعالى بالحوادث الدهريّة بقضّها وقضيضها ، فعلم المصلحة في ذلك .
ومعرفةً بمواقعِ المقدورِ ، أي لأجل معرفته تعالى بما يصلح وينبغي من أزمنة الاُمور الممكنة وأمكنتها ، ويمكن أن يراد بالمقدور المقدّر .
ابتعثه اللّه ُ تعالى إتماما لأمره ، أي لحكمته الّتي خلق الأشياء لأجلها .
وعزيمةً على إمضاءِ حُكْمِه ، و إنفاذا لمقاديرِ حَتْمِه أي مقاديره المحتومة ، من إضافة الموصوف إلى الصفة .
فرأى الاُممَ فرقا أي متفرقة في أديانها ، لكلّ منها دين ومذهب ، عُكَّفا على وزن شُهَّد وغُيَّب جمع عاكف وهو المواظب الملازم على نيرآنها ۱۵۵ أي على عبادتها ، كما كان كثيرا منهم يعبدون النار .
عابدةً لأوثانها جمع وثن وهو الصنم ، ومنهم من فرّق بينهما بأنّ الوثن ما له جثّة معمولة من جواهر الأرض ومن الخشب والحجارة ۱۵۶ كصورة الآدمي تعمل وتنصب فتعبد ۱۵۷ ، والصنم الصورة بلا جثّة .
مُنكِرَةً للّه مع عِرفانِها ؛ إمّا لكون معرفته تعالى فطريّة فطر عليها العقول ؛ كما دلّت عليه الآيات والروايات كقوله تعالى : «فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا»۱۵۸ وقوله صلى الله عليه و آله : «كلّ مولودٍ يولد على الفطرة»۱۵۹ ، أو لقيام الأدلّة القاطعة والبراهين الساطعة على وجوده سبحانه .
فأنار اللّه ُ ۱۶۰ بمحمدٍ صلى الله عليه و آله ظُلَمَها ـ بضم الظاء وفتح اللام ـ جمع ظلْمة ، واستعيرت هنا للجهالة لكمال المناسبة بين العلم والنور ، والجهل والظلمة ، والضمير راجع إلى الاُمم .
وكَشَفَ عن القلوبِ بُهَمَها ، جمع بُهمة ـ بالضمّ ـ وهي مشكلات الاُمور .
وجلى أي أوضح عن ۱۶۱ الأبصار غُمَمَها جمع غُمَّة ، يقال : «أمر غُمَّة» أي مبهم ملتبس ، كما قال تعالى : «ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً»۱۶۲
وقام في الناسِ بالهدايةِ لهم إلى الرشاد ۱۶۳ وبيان ما يصلحهم في المبدأ والمعاد .
وأنْقَذَهم ۱۶۴ مِن الغَوايةِ ـ بالفتح ـ أي الضلالة والجهالة .
وبَصَّرَهم أي أعطاهم البصيرة وجعلهم بصراء من العَمايَة ـ بفتح العين ـ الضلالة ، أو المراد بها عمي القلب ۱۶۵ كما في قوله تعالى : «ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ»۱۶۶ وقوله تعالى : «إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا عَمِينَ»۱۶۷ ، وقوله تعالى : «لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى»۱۶۸ ، وقوله تعالى : «وَ مَن كَانَ فِى هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِى الْأَخِرَةِ أَعْمَى»۱۶۹
وهَداهُم أي بيّن لهم وأرشدهم إلى الدينِ القويمِ الذي لاعوج فيه ، ودعاهم إلى الطريقِ المستقيم مما يتعلّق بالاُصول والفروع .
ثمَّ قَبَضَه اللّه ُ تعالى إليه قَبْضَ رأفَةٍ به واختيارٍ ۱۷۰ من اللّه له ، أو باختيار منه صلى الله عليه و آله ؛ كما ورد في الأخبار «أنّه لا يقبض المؤمن إلّا برضاء منه واختيار» ۱۷۱ ، والأوّل أظهر ، وكذا الكلام في قولها عليهاالسلام : ورغبةٍ .
و إيثارِ محمّدٍ صلى الله عليه و آله بالإضافة ، وفي كثير من النسخ : «بمحمد صلى الله عليه و آله » ، فيكون الظرف متعلّقا بالإيثار على تضمين معنى الضنّة ونحوها ، ويمكن على تقدير عدم الباء أن تكون استينافيّة ؛ ويؤيّده ما في بعض الروايات : «فمحمّد» ۱۷۲ وفي بعضها : «رغبةً بمحمّد صلى الله عليه و آله » .
عن ۱۷۳ تعبِ هذه الدارِ في راحةٍ ۱۷۴ ، قد حُفَّ بالملائكةِ الأبرارِ ، ورضوان الربِّ ۱۷۵ الغفّار ، ومجاورةِ الملكِ الجبّارِ ، صلى اللّه على أبي ، نبيِّه وأمينِه على الوحي ، وصَفيِّه وخِيَرتِه من الخلقِ ورضيِّه ، والسلام عليه ورحمه اللّه وبركاته .
ثمّ التفتت ـ صلوات اللّه عليها ـ إلى أهل المجلس وقالت : أنتم عبادَ اللّه ِ بالنصب على النداء نَصْبُ [ أمرِه ونَهيه ]بالرفع خبر الضمير ، أي نصبكم اللّه لأمرِه ونهيه ، قال الفيروزآبادي : النَّصْبُ ـ بالفتح ـ العَلَمُ المنصوبُ ويُحَرَّك ، وهذا نُصْبُ عيني بالضمّ والفتح . ۱۷۶
وحَمَلَهُ دينِه ووحيِه ، أي تحملوه في قلوبكم بالسماع والتعلّم ، وتلقّوه بالتعليم والتبليغ لغيركم .
واُمناءُ اللّه ِ على أنفسِكم بأن تسلكوا بها سبل ۱۷۷ النجاة ، وتجنّبوها من طرق الهلكات .
وبلغاؤه إلى الاُممِ ، أي تؤدّون الأحكام الّتي سمعتموها وأخذتموها عن النبيّ ۱۷۸ إلى سائر الناس ؛ لأنّكم أدركتم صحبة رسول اللّه ۱۷۹ صلى الله عليه و آله وسمعتم منه ما يكون حجّة عليكم وعلى غيركم .
وزعمتم حقّ ۱۸۰ لكم ، أي زعمتم أنّ ما ذكر من الأوصاف ثابت لكم ، وتلك الأسماء صادقة عليكم بحقّ واستحقاق ، مع أنّ ذلك منكم زعم لاحقيقة له . ويمكن أن يُقرأ «حُقَّ» على صيغة الماضي مجهولاً أو معلوما وفي بعض النسخ : «وزعمتم حقّ له فيكم وعهد» ، وفي بعضها : «زعمتم أن لا حقّ لي فيكم» .
للّه فيكم عهدٌ ۱۸۱ قدّمه إليكم ، وبقيّةٌ استخلفها عليكم . العهدُ : الوصيّة ، وبقيّة الرجل : ما يخلفه في أهله ، والمراد بهما إمّا القرآن ، أو بالأوّل ما أوصاهم به في أهل بيته وعترته ، وبالثاني القرآن ، وفي بعض الروايات : «وبقيّة استخلفنا عليكم ، ومعنا كتاب اللّه » ، فالمراد بالبقيّة أهل البيت ، وبالعهد ما أوصاهم به فيهم .
كتابُ اللّه ِ الناطقُ بالأمر والنهي والوعد والوعيد والقصص والأمثال والمواعظ والحكم وغير ذلك ، والقرآنُ الصادقُ الذي «لَا يَأْتِيهِ الْبَـطِـلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» ، والنورُ الساطعُ لمن استنار به ، والضياءُ اللامعُ لمن استضاء به ، بيّنةٌ بصائرُه جمع بصيرة وهي الحجّة ، منكشفةٌ سرائرُه «فِى صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ»۱۸۲ الذين اصطفى اللّه من عباده ، متجلِّيةٌ ظواهرُه لمن عرف اللغة .
ولا يخفى ما في هذه الفقرات الشريفة من الدلالات الصريحة ۱۸۳ والمقالات ۱۸۴ الفصيحة على حجيّة محكمات القرآن نصّا وظاهرا .
مغتبطٌ به أشياعُه ، الغِبطةُ [ أن ] تمنّى مثل حال المغبوط من دون إرادة زوالها ، تقول : غبطته فاغتبط ، وهي راجحة إن كانت في الدين ، ومباحة [إن كانت] في الدنيا ، وقد تسمّى منافسة ، كما قال تعالى : «فِى ذَ لِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَـفِسُونَ»۱۸۵ والباء للسببيّة ، أي أشياعه مغبوطون بسبب اتباعه .
قائدٌ إلى الرضوانِ خبر مقدّم ، واتّباعُه مصدر مبتدأ مؤخّر ، أي اتّباعُ القرآن قائدٌ إلى الرِّضوان ، وهو ـ بكسر الراء وقد تضمّ ـ أعلى مراتب الرضا ، و«ال» عوض عن مضاف إليه ، أي رضوان اللّه ۱۸۶ ، وفي بعض النسخ : «أتباعه» بصيغة الجمع ، فيكون مفعولاً ل«قائد» .
مؤدٍّ إلى النجاة إسماعُه ـ على بناء الإفعال ـ أي تلاوته ، وفي بعض نسخ الاحتجاج وسائر الروايات : «استماعه» . ۱۸۷
به تنال حججُ اللّه المنوّرةُ ، وعزائمُه أي فرائضه المفسّرةُ به أو بالسنّة ، ومحارمه المحذّرة الّتي حذّر عنها بالوعيد والعقاب ، وبيّناته وهي المحكمات و ۱۸۸ البراهين الجاليةُ ، وبراهينُه الكافيةُ ، وفضائلُه ـ وهي السنن ـ المندوبةُ ، ورُخَصُه ـ وهى المباحات ـ الموهوبة للعباد أن يأخذوا بها ، وشرائعُه ، ولعلّ المراد بها ما سوى ما تقدّم من الأحكام كالحدود والديات أو الأعم ، المكتوبةُ أي المفروضة الواجبة ، أو ۱۸۹ المكتوبة في اللوح ، أو في الجامعة ونحوهما .
وفي بعض الروايات : «وبيّناته الجالية ، وجمله الكافية» ولعل المراد بالبيّنات حينئذٍ المحكمات ، وبالجمل المتشابهات ، ووصفُها بالكافية إشارةٌ إلى أنّ معرفة الراسخين في العلم بها كافٍ في فائدتها ، فلا يتوهّم عدم الفائدة فيها .
فجَعَلَ اللّه ُ الإيمانَ باللّه ۱۹۰ تطهيرا لكم من الشرك ، والصلاةَ تنزيها لكم عن الكبرِ ؛ فإنّ العرب كانوا قديما يأنفون من الانحناء حتى أنّه ربما يسقط من يد أحدهم سوطه فلا ينحني لأخذه ، وينقطع شراك نعله فلا ينكس رأسه ليصلحه ، ولذلك اُمروا بالصلاة والركوع والسجود مع الإيمان ؛ فإنّ في الصلاة أسرارا ۱۹۱ عظيمة ، ولذا كانت عمود الدين وقربان المتّقين ومعراج المؤمنين ، ومن جملة أسرارها مُثول العبد بين يدي سيّده قائما وقانتا وراكعا وساجدا .
والزكاةَ تزكيةً للنفس من رذيلة البخل ودنس اللؤم والذنوب ؛ كما قال تعالى ۱۹۲ : «خُذْ مِنْ أَمْوَ لِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِم»۱۹۳ .
ونماءً في الرزقِ إيماء إلى قوله تعالى ۱۹۴ : «وَ مَآ ءَاتَيْتُم مِّن زَكَوةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ»۱۹۵ وللزكاة أسرار :
منها التطهير من صفة البخل ، كما أشارت إليه صلوات اللّه عليها ؛ فإنّه من المهلكات ، كما قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «ثلاث مهلكات : شُحٌّ مطاع ، وهوىً متّبع ، و إعجاب المرء بنفسه» ۱۹۶ ، وقال تعالى : «وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»۱۹۷ ، و إنّما تزول صفة البخل بتعوّد البذل حتى يكون محبوبا ، وتقهر النفس على مفارقة الشحّ .
ومنها شكرُ النعمة الموجبُ للنموّ والزيادة ؛ كما قال تعالى : «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»۱۹۸ ؛ فإنّ نِعَم اللّه ۱۹۹ على العبد في النفس والمال ، فالعبادات البدنيّة شكر نعمة البدن ، والماليّة شكر نعمة المال ، وقد أشارت ـ صلوات اللّه عليها ـ إلى ذلك ۲۰۰ بالنماء . ومنها إثبات التوحيد ؛ فإنّ المتلفّظ بكلمة ۲۰۱ الشهادة يدّعي الإقرار بالتوحيد ووحدة المعبود ، وشرط تمام الوفاء بذلك أن لا يبقى للموحّد محبوب سوى الواحد الأحد ۲۰۲ الفرد ؛ فإنّ المحبّة لاتقبل الشركةَ ۲۰۳ ، والتوحيدُ باللسان قليلُ الجدوى ، و إنّما يُمتحن درجة الحبّ بمفارقة المحبوبات ، والاموالُ محبوبةٌ عند الخلق ، فامتحنوا ببذل المال الذي هو معشوقهم .
والصيامَ تثبيتا أي إثباتا و إبقاءً للإخلاص ، في بعض النسخ : «تبيينا» ، ۲۰۴ أي لبيان الإخلاص ، كما في الحديث النبوي قال صلى الله عليه و آله : قال اللّه تعالى : «الصوم لي ، وأنا أجزي به» ۲۰۵ ، و إنّما خصّ الصوم بالإخلاص والإضافة مع أنّ سائر العبادات له تعالى لوجهين : أحدهما ما أشارت إليه ـ صلوات اللّه عليها ـ من الإخلاص ؛ فإنّ الصوم كفّ وترك ، وهو في نفسه سرّ ليس فيه عمل يشاهَد ، وجميع الطاعات بمشهد من الخلق ومرئى ، والصوم لا يعلمه إلّا اللّه تعالى . ۲۰۶
والثاني أنّه قهر لعدوّ اللّه ؛ فإنّ وسيلةَ الشيطان الشهواتُ ، و إنّما تقوى الشهوات بالأكل والشرب ؛ ولذا قال النبي ۲۰۷ صلى الله عليه و آله : «إنّ الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم ، فضيّقوا مجاريه بالجوع» . ۲۰۸
والحجَّ تشييدا للدين ؛ لعلّ تخصيص تشييد الدين بالحجّ لظهوره ووضوحه ، وتحمّل المشاقّ فيه وبذلُ النفس والمال له في الإتيان به أدلُّ دليل على ثبوت الدين .
أو لأنّه لمّا كان مشتملاً على تكليفات شاقّة لا تدرك العقولُ حكمتَها كالطواف والهرولة والإحرام ، وكان الإتيان بها مع الإذعان والتسليم موجبا لاستقرار الدين في النفس .
أو يكون إشارة إلى ما ورد في جملة من الأخبار ۲۰۹ من أنّ علّة الحجّ التشرّف بخدمة الإمام ۲۱۰ وعرض النصرة عليه وتعلّم شرائع الدين ، ففيه كمال التشييد ، وفي رواية العلل : «تسليةً للدين» ، ولعلّ المعنى تسليةً للنفس بتحمّل المشاقّ وبذل الأموال بسبب التقيّد بالدين ، أو المراد أهل الدين ، وفي بعض الروايات : «تسنية للدين» ، أي سببا لرفعته وعلّوه .
والعدلَ تنسيقا للقلوب أي تنظيما وانتظاما لها ؛ فإنّ العدل ينظم اُمور الدين والدنيا ، وبذلك ينظم القلب ، وفي بعض الروايات : «مسلكا للقلوب» ، أي يمسكها عن القلق والاضطراب ، وفي القاموس : المُسْكَةُ ـ بالضمّ ـ : ما يُتَمَسَّكُ به وما يُمْسِكُ الأبدانَ مِن الغِذاءِ والشرابِ ، والجمع كصُرَدٍ ، والمَسَكُ ـ مُحَرَّكَةً ـ : الموضعُ يُمْسِكُ الماءَ ۲۱۱ . وفي بعض الروايات : «تنسُّكا للقلوب» ، أي عبادةً لها ؛ فإنّ العدل أمر نفساني تظهر آثاره على الجوارح .
وطاعتَنا نظاما للملّة ، قال الصادق عليه السلام : «نحن قومٌ فرض اللّه طاعتَنا ، وأنتم تأتمّون بمن لا يعذر الناس بجهالته» ، ۲۱۲ وقال عليه السلام : «نحن قوم فرض اللّه ۲۱۳ طاعتنا لنا الأنفال ، ولنا صفو المال» . ۲۱۴
وقال الباقر عليه السلام في قوله تعالى : «وَءَاتَيْنَـهُم مُّلْكًا عَظِيمًا»۲۱۵ قال : «الطاعة المفروضة» . ۲۱۶
وعن الحسين بن أبي العلاء قال : ذكرت للصادق عليه السلام قولَنا في الأوصياء أنّ طاعتهم مفترضة ، فقال : «نعم ، هم الذين قال اللّه عز و جل :«أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ»۲۱۷وهم الذين قال اللّه عز و جل :«إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ»۲۱۸،۲۱۹.
و إمامتَنا أمانا من الفُرقَة الحاصلة بالآراء الفاسدة والمذاهب الكاسدة ، فيحصل الائتلاف والاتفاق بإمامتهم ۲۲۰ ووجوب الرجوع إليهم والأخذ عنهم والردّ إليهم .
والجهادَ عزّا للإسلام وأمرُه واضح ، والصبرَ معونةً على استيجاب الأجر ؛ إذ به يتمّ فعل الطاعات وترك السيّئات ، وهو الركن الأعظم والرئيس الأقوم ؛ فإنّه إن كان عن شهوة البطن والفرج سمّي عفّةً ، أو على احتمال مكروه سمّي صبرا ، وضدّه الجزع ، أو على احتمال الغنى ۲۲۱ سمّي ضبط النفس ، وضدّه البطر ، أو في الحرب سمّي شجاعةً ، وضدّه الجبن ، أو في كظم الغيظ والغضب سمّي حلما ، وضدّه الغضب ، أو في نوائب الزمان سمّي سعة الصدر ، وضدّه الضجر ، أوفي إخفاء أمر سمّي كتمانا ، وضدّه الإذاعة ، أو في فضول العيش سمّي زهدا ، وضدّه الحرص ، إلى غير ذلك ؛ ولذا قال تعالى : «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ» . ۲۲۲
والأمرَ بالمعروف مصلحةً للعامّة وهم خلاف الخاصّة ، والجمع عوامّ مثل دابّة ودوابّ ، والهاء للتأكيد ؛ فإنّ الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحةٌ لعوامّ الناس وأكثرهم بمراتبه المعروفة ، وأمّا الخواصّ فهم يتنبّهون ۲۲۳ ويأمرون أنفسهم ويزجرونها .
وبِرَّ الوالدين وقايةً من السخط ۲۲۴ أي سخطهما الموجب لسخط اللّه ۲۲۵
أو سخطه تعالى .
وصِلَةَ الأرحامِ جمع رحم وهو القريب ۲۲۶ المعروف بالنسب و إن جاز نكاحه وبعدت لُحمتُه ، منماةً للعدد ۲۲۷ ، المنماة مصدر ميمي أو اسم مكان ، أي يصير سببا لكثرة الأولاد والعشائر ، كما أنّ قطعها تَذِرُ الديار بَلاقِع ، أو إنّها منماة لعدد العمر و ۲۲۸ المال ، قال الباقر عليه السلام : «صلة الأرحام تزكّي الأعمال ، وتنمي الأموال ، وتدفع البلايا ، وتيسّر الحساب ، وتنسئ في الأجل» . ۲۲۹
والقصاصَ حَقْنا للدماء إشارة إلى قوله تعالى : «وَ لَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ يَـأُوْلِى الْأَلْبَـبِ»۲۳۰ .
والوفاءَ بالنذر تعريضا للمغفرة ، وتوفيةَ المكائيل والموازين تغييرا للبَخْس ، وفي سائر الروايات : «للبَخْسَة» وهي النقيصة ، أي لئلّا ينقص مال مَن ينقص المكيال والميزان ؛ فإنّ التوفية موجبة للبركة وكثرة ۲۳۱ المال ، والبخس والنقيصة لعكس ذلك ، أو المعنى : لئلّا ينقص أموال الناس ؛ فإنّه أمر يحكم العقل بقبحه .
والنهيَ عن شربِ الخمر تنزيها عن الرجس أي النجس أو ما يجب التنزّه عنه عقلاً ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَـمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَـنِ»۲۳۲ قيل : هو ـ بالكسر ـ القذر ، وقيل : العقاب والغضب ، وقيل : هو النجس .
واجتنابَ القَذفِ حجابا عن اللعنةِ أي لعنة اللّه ۲۳۳ ، أو لعنة المقذوف ، وأصل القذف الرمي ، وشرعا رمي المحصنة أو المحصن ۲۳۴ بالفاحشة ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : «الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَـتِ» إلى قوله «لُعِنُواْ فِى الدُّنْيَا وَ الْأَخِرَةِ»۲۳۵ .
وتركَ السَّرِقَة إيجابا للِعفَّة عن أموال الناس ۲۳۶ ، وحرّم اللّه ُ الشركَ إخلاصا له بالربوبيّة وفي بعض الروايات ۲۳۷ بعد قولها عليهاالسلام للعفّة : «والتنزّهَ عن [ أكل ] أموالِ الأيتامِ ، والاستئثار بفَيئِهم إجارةً من الظلمِ ، والعدلَ في الأحكام إيناسا للرعِيَّة ، والتبرّئَ من الشرك إخلاصا للربوبيّة»
ف «اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ»۲۳۸ قال الطبرسي ۲۳۹ : فيه وجوه ثلاثة : أحدها ـ وهي أحسنها ـ : «أن يطاع ولا يعصى ، ويشكر ولا يكفر ، ويذكر ولا ينسى ۲۴۰ » ۲۴۱ ، وهو المروي عن أبي عبد اللّه . ۲۴۲
وثانيها : اتّقاء جميع معاصيه ، عن [ أبي علي ] الجبائي .
وثالثها : أنّه المجاهدة في اللّه ۲۴۳ ، وأن لا تأخذه فيه لومة لائم ، وأن يقام له بالقسط في الأمن و ۲۴۴ الخوف ، عن مجاهد . ۲۴۵
وأطعيواللّه ۲۴۶ فيما أمركم به من طاعتنا ومودّتنا ونصرتنا ، والمودّة في القربى ، و إرجاع الحقّ إلى أهله ، والأمر بالمعروف ، ونهاكم عنه من أضداد ما ذكر ؛ فإنّه «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ»۲۴۷ وأنتم تدّعون العلم بأوامر اللّه ۲۴۸ ونواهيه ، أو إنّكم عالمون بذلك ۲۴۹ وبحقوقنا مما أخبركم به النبيّ صلى الله عليه و آله ، فأنتم أحقّ بالخشية والخوف من اللّه ۲۵۰ . ۲۵۱
ثمّ قالت ۲۵۲ : أيّها الناسُ ، اعْلَمُوا أنّي فاطمةُ الّتي قال فيها من لا ينطق عن الهوى مرّةً بعد اُخرى وكرّةً بعد اُولى : «فاطمةُ بَضْعَةٌ منّي ، مَن آذاها فقد آذاني» .
وأبي محمّد ۲۵۳ الذي أمركم اللّه ۲۵۴ بطاعته ونصرته ومودّة عترته ، فقال ۲۵۵ : «قُل لَا أَسْـئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى»۲۵۶
أقول : مقالي هذا عودا وبدءا ، أي أوّلاً وآخرا . وفي رواية ابن أبي الحديد وغيره : «[ أقول ] عودا على بدء» والمعنى واحد .
ولا أقول ما أقول فيما ادّعيتُ غلطا ، ولا أفعل ما أفعل من طلب حقّي شَطَطا بالتحريك وهو البعد عن الحقّ ، ومجاوزة الحدّ في كلّ شيء ، تريد عليهاالسلام تنبيههم على عصمتها من الخطأ والزلل في القول والعمل ، والدليلُ على ذلك ـ مضافا إلى إجماع الطائفة الحقّة واتّفاق الفرقة المحقّة ـ آيةُ التطهير ، ومادلّ على أنّ إيذاءها إيذاء الرسول ۲۵۷ ، وأنّ اللّه يغضب لغصبها ويرضى لرضاها ، وقدروى البخاري ومسلم في صحيحهما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «إنّما فاطمة بَضْعةٌ منّي ، يُؤذيني ما آذاها» ۲۵۸ ، وروى ۲۵۹ [ التِرمِذي ]عنه صلى الله عليه و آله أيضا ۲۶۰ قال : «إنّما فاطمةُ بَضْعةٌ منّي ، يُؤذيني ما آذاها ، ويُنْصِبُني ما أنْصَبَها» . ۲۶۱
و في المشكاة عنه صلى الله عليه و آله : «فاطمةُ بَضْعَةٌ منّي ، فمَن أغضَبَها أغضَبَني» . ۲۶۲
ورووا هذا المعنى في صحاحهم بطرق ۲۶۳ اُخر .
ووجه الاستدلال بذلك على عصمتها ۲۶۴ أنّها عليهماالسلام لو كانت ممّن يقارف الذنوب ويرتكبها لجاز إيذاءها ، بل وجب ۲۶۵ إقامة الحدّ عليها لو فعلت ما يوجبه ، ولم يكن رضاها رضاه تعالى .
فإن قيل : لعلّ المراد : مَن آذاها ظلما فقد آذاني ، ومَن سرّها في طاعة اللّه ۲۶۶ فقد سرّني . ومثل هذا التخصيص (في العمومات شايع . فالجواب أمّا أوّلاً فإنّ التخصيص) ۲۶۷
خلافُ الأصل ، يحتاج إلى دليل ، وليس فليس ، والتأويلُ بلا دليلٍ يفتح باب الإلحاد والتضليل .
وأمّا ثانيا فإنّه يلزم من ذلك كونها عليهاالسلام كسائر المسلمين لامزيّة لها عليهم ، والتزامُ ذلك ـ مع تفريع كون إيذائها عليها السلام ۲۶۸ إيذاء الرسول صلى الله عليه و آله ۲۶۹ على كونها بضعة منه ۲۷۰ لا يخفى بطلانه على ذي مُسكة ، مع أنّ ذلك يوجب إلغاء كلامه صلى الله عليه و آله وخلوّه عن الفائدة ؛ إذ مدلوله حينئذٍ أنّ بضعته ۲۷۱ كسائر المسلمين ، مع أنّه قد أطبق الجمهور على أنّ هذه الروايات من مناقبها وفضائلها . ۲۷۲
فإن قيل : أقصى ما في هذه الأخبار أنّ إيذاءها إيذاء الرسول ۲۷۳ ، ومَن جوّز صدور الذنب عنه صلى الله عليه و آله لا يأبى عن إيذائه فضلاً عن إيذائها .
قلنا : مع قطع النظر عن الأدلّة العقلية والنقلية الّتي قامت على عصمة الأنبياء ۲۷۴ قد كفانا اللّه تعالى ۲۷۵ في محكم آياته مؤونة الجواب وأجاب هذا القائل بقوله : «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»۲۷۶ ، وقوله ۲۷۷ : «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُلَعَنَهُمُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَ الْاخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا»۲۷۸ ، وقوله ۲۷۹ : «وَ مَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ»۲۸۰ . فإن قيل : غاية ما في هذه الأخبار الدلالة على عدم جواز إيذائها ، وهو إنّما ينافي صدور الذنب ۲۸۱ عنها ۲۸۲ ، ويمكن للناس الاطّلاع عليه حتى يؤذوها نهيا عن المنكر ، ولا ينافي صدور معصية عنها خفيّة ، فلا تدلّ ۲۸۳ على عصمتها ۲۸۴ مطلقا .
والجواب ۲۸۵ من وجهين ۲۸۶
:
الأوّل ۲۸۷ أنّا نتمسّك في دفع هذا الاحتمال بالإجماع المركّب .
والثاني أنّ ما جرى من مجادلتها ـ صلوات اللّه عليها ـ في فدك وما صدر عنها من الإنكار على أبي بكر ومتابعيه و إقامة الحجج عليهم وتفسيقهم بل وتكفيرهم ، من الاُمور الظاهرة الّتي قد شاعت وذاعت وتحدّثت بها المخدّرات ، وأيّ ذنب أظهر من مثل هذا الردّ والإنكار على الخليفة المفترض الطاعة على العالمين بزعمهم؟
مع أنّ المخالفين قد رووا في صحاحهم وصرّحوا به في أساطيرهم أنّ من خالف الإمام ، وخرج من طاعته ، ولم يعرف إمام زمانه ، خرج من الإسلام ، ومات ميتة جاهليّة ؛ ففي المروي عن صحيح ۲۸۸ مسلم وصحيح البخاري وجامع الاُصول عن ابن عبّاس قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «مَن كَرِهَ مِن أميرِهِ شيئا فلْيَصْبِرْ ؛ فإنّه مَن خرج من طاعة السلطان شِبْرا مات ميتة جاهليّة» . وفي رواية اُخرى : «فليَصْبِرْ عليه ؛ فإنّه مَن فارق الجماعة شبرا فمات فميتته ۲۸۹ ميتة جاهليّة» ۲۹۰ . وفي ثالثة عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «مَن خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ، فمات مات۲۹۱مِيتةً جاهليّة» .۲۹۲
وقد رووا في صحاحهم مستفيضا أنّها عليهاالسلام كانت ساخطة على أبي بكر ۲۹۳ وأصحابه حاكمة بفسقهم وضلالهم غير مذعنةٍ ۲۹۴ بإمامتهم ولا مطيعة لهم ، بل رادّة عليهم ۲۹۵ فلا محيص ۲۹۶ لهم عن أحد الأمرين : إمّا تكفير مَن طهّرها اللّه ۲۹۷ في كتابه من كلّ رجس ، وقال النبيّ صلى الله عليه و آله في فضلها ما قال ، وكونها ماتت ميتة جاهليّة ردّا على اللّه ورسوله ۲۹۸ ، و إمّا بكفر إمامهم وخليفتهم الذي فرضوا طاعته وحرّموا مخالفته .
«لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ» ، أي من جنسكم من البشر ، أو من العرب ، أو من ۲۹۹ بني إسماعيل ، أو الجميع «عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ» أي شديد شاقٌّ عليه عنتكم وما يلحقكم من الضرر بترك الإيمان أو به مطلقا ۳۰۰ ، «حَرِيصٌ عَلَيْكُم» أي على إيمانكم وصلاح شأنكم ، «بِالْمُؤْمِنِينَ» منكم ومن غيركم ۳۰۱«رَءُوفٌ» أى شديد الرحمة «رَّحِيمٌ»۳۰۲ وتقديم الظرف لرعاية الفواصل ، وقيل : رؤوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين ، وقيل : رؤوف بأقربائه رحيم بأوليائه ، وقيل : رؤوف بمن رآه رحيم بمن لم يره ، فالتقديم حينئذٍ للاهتمام ۳۰۳ بالمتعلّق .
فإنْ تَعْزُوه ، يقال «عَزَوْتُه إلى أبيه» إذا نسبتَه إليه ، أي إن ذكرتم نسبه وعرفتموه ۳۰۴ تجدوه أبي دونَ نسائكم ، وأخا ابن عمّي دونَ رجالكم ، وفي بعض الروايات : «فإن تعزّروه وتوقّروه» ، ومعنى تعزّروه : تعظّموه ، أو تنصروه مرّةً بعد اُخرى ، والتوقير : التعظيم والترزين ، فيكون المقصود أنّ تعظيمه وتوقيره يقتضي تعظيمنا وتوقيرنا ۳۰۵ ونصرتنا .
ولنِعم المعزيّ إليه صلى الله عليه و آله ، فبلّغ الرسالةَ صادعا بالنِّذارةِ إشارة إلى قوله تعالى : «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ»۳۰۶ والصدعُ : الإظهارُ ، يقال : «صَدَعَ بالحقّ» إذا تكلّم به جهارا ، والنِّذارةُ ـ بالكسر ـ الإنذار ، وهو الإعلام على وجه التخويف .
مائلاً عن مَدْرَجَةِ المشركين ، والمَدْرجَةُ : المذهب والمسلك ، وفي بعض ۳۰۷ الروايات : ۳۰۸ «ناكبا عن سَنَنِ مَدْرجَة المشركين» ، وفي بعضها ۳۰۹ : «ماثلاً على مدرجة المشركين» ، أي قائما للردّ عليهم .
ضاربا ثَبَجَهم ـ بالثاء المثلّثة ثمّ الباء الموحّدة ثمّ الجيم المعجمة بالتحريك ـ أي وسطهم ومعظمهم .
آخذا بأكظامهم ، الكَظَم ، ـ بالتحريك ـ : مَخْرجُ النفس من الحلق ، أي كان صلى الله عليه و آله لا يبالي بكثرة المشركين واجتماعهم ولا يداريهم في الدعوة بل يضرب وسطهم ويأخذ بموضع أنفاسهم .
داعيا إلى سبيلِ ربِّه [ بالحكمة والموعظة الحسنة ] كما أمره اللّه تعالى بقوله : «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَـدِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ»۳۱۰ قيل : المرادُ بالحكمة البراهينُ القاطعة وهي للخواص ، وبالموعظة الحسنة الخطاباتُ المقنعة والعبر النافعة وهي للعوامّ ، وبالمجادلة بالتي هي أحسن إلزامُ المعاندين والجاحدين بالمقدمات المشهورة والمسلّمة ، وأمّا المغالطات والشعريات فلا تناسب درجة النبوّة .
ويكسر الأصنامَ ، ويَنكُتُ ـ بالتاءالمثنّاة من فوق ـ الهامَ ، والنكتُ : إلقاء الرجل على رأسه ، والهام جمع هامة ـ بالتخفيف فيهما ـ وهي الرأس ، والمراد قتل رؤساء المشركين وقمعهم و إذلالهم . وكونُ المراد به إلقاء الأصنام على رؤوسها بعيدٌ بالنظر إلى ما بعده . وفي بعض النسخ : «ينكس ۳۱۱ الهام» ، وفي بعضها ۳۱۲ : «يَجُذُّ الأصنامَ» ، مِن «جذذتُ الشيءَ» إذا كسرتَه ، ومنه قوله تعالى : «فَجَعَلَهُمْ جُذَ ذًا» . ۳۱۳
حتى انْهَزَمَ الجمعُ ووَلَّوا الدُبُرَ ـ بسكون الموحّدة وبالضمتين ـ خلاف القُبُل من كلّ شيء ، وهو كناية عن انهزامهم أيضا .
حتّى تَفَرّى الليلُ عن صبحه أي انشقّ حتّى ظهر ضوء الصباح ، وأسْفَرَ الحقُّ عن مَحضِه أي كشف الغطاء عن محضه وخالصه ، ويقال : «أسفر الصبح» أي أضاء ، ونَطَقَ زعيمُ الدينِ ، زعيمُ القوم سيّدُهم والمتكلّمُ عنهم ورئيسهم ، ويطلق أيضا على الكفيل ، والإضافة لامية ، وكونُها بيانيّة بعيدةٌ .
وخَرِسَتْ ـ بكسر الراء ـ شَقاشقُ الشياطين جمع شِقْشِقَة ـ بالكسر ـ وهو ما يخرجه البعير مِن فيه إذا هاج ، و إذا قيل للخطيب : «ذو شقشقة» فإنّما يشبّه بالفحل ، و إسنادُ الخرس إلى الشقاشق مجازٌ .
وطاح أي هلك ، أو ۳۱۴ أشرف على الهلاك ، أوْتاه في الأرض ، أو سَقَطَ وَشِيظُ النفاقِ ـ بالشين والظاء المعجمتين ـ هو الرذل والسفلة من الناس . وفي بعض النسخ : [ وسيط ]ـ بالمهملتين ـ وهو أشْرَفُ القوم نسبا وأرفعهم محلّاً ، وهو مناسب أيضا كما لا يخفى .
وانحلّت عُقَدُ جمع عقدة الكفرِ والشقاقِ ، وفُهتُم أي تلفّظتم بكلمةِ الإخلاصِ وهي كلمة التوحيد ، وفيه إشارة إلى أنّ إيمانهم لم يكن قلبيّا في نَفَرٍ من البِيضِ الخِماصِ ، والبيض جمع أبيض ، وهو من الناس خلاف الأسود ، والخِماص ـ بالكسر ـ جمع خميص ، والخِماص تطلق على دقّة البطن خِلْقَةً ، وعلى خلوّها من الطعام ، ويقال : «فلانٌ خميص البطن من أموال الناس» أي عفيف عنها ، والمراد بهم إمّا أهل البيت عليهم السلام بقرينة ما في رواية كشف الغمّة : «في ۳۱۵ نَفَرٍ من البيض الخِماص الذين أذهب اللّه ُ عنهم الرجسَ وطهرّهم تطهيرا» ، ووصفُهم ۳۱۶ بالبيض لبياض وجوههم ، أو لنورانيّة ظاهرهم وباطنهم ۳۱۷ ، أو إشارة إلى قوله تعالى : «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ»۳۱۸ ، وبالخماص لكونهم ضامري البطون بالصوم وقلّة الأكل ، أو لعفّتهم عن أكل أموال الناس بالباطل ۳۱۹ ، أو المراد بهم جماعة خاصّة من كُمَّل الإيمان ، أو مَن آمن من أهل فارس لغلبة البياض عليهم كسلمان ۳۲۰ ، و الأوّل أظهر .
«وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ»۳۲۱ شفا كلِّ شيءٍ : طَرَفُه وشفيره ، أي كنتم على شفير جهنّم مشرفين على دخولها لشرككم وكفركم .
مُذقَةَ الشارِب أي شرْبته ونُهْزَةَ الطامع ، النهزة ـ بالضمّ ـ : الفرصة ، أي محلّ نهزته ، وهو كناية عن كونهم قليلين أذلّاء يتخطّفهم الناس بسهولة ، وكذا قولها عليهاالسلام : وقَبْسَةَ العَجْلان ، القبسة ـ بالضمّ ۳۲۲ ـ : شعلة من نار تقتبس من معظمها ، والإضافة إلى العَجْلان لبيان القلّة والحقارة ، ومَوطِئَ الأقدامِ وهو مثل مشهور يكنّى به عن المغلوبيّة والمذلّة .
تَشرَبون الطَّرْقَ ۳۲۳ ـ بالفتح ـ وهو ماء السماء الذي تبول فيه الإبل ، وتَقْتَاتُون الوَرَقَ ـ بالتحريك أيضا ـ أي ورق الشجر ، وفي بعض النسخ : «تقتاتون القِدَّ» ۳۲۴ وهو ـ بكسر القاف وتشديد الدال ـ سَيرٌ يُقَدُّ من جِلْدٍ غير مدبوغ ، والمقصود وصفهم بخباثة المشرب وجُشوبة المأكل ؛ لعدم اهتدائهم إلى ما يصلحهم في دنياهم ، ولفقرهم وقلّة ذات ۳۲۵ يدهم وخوفهم من الأعادي .
أذلّةً خاسئين ، الخاسئ : المُبْعَدُ المطرود ، تَخَافُونَ أن يَتَخَطَّفَكم الناسُ مِن حولكم ؛ فيه اقتباس من قوله تعالى : «وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ [قَلِيلٌ] مُّسْتَضْعَفُونَ فِى الأَْرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَـئاوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَـتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»۳۲۶ وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام : «أنّ الخِطابَ في هذه الآية لقريش خاصّة» ۳۲۷ فالمراد بالناس سائر العرب أوالأعم . والتخطّف : استلاب الشيء وأخذه بسرعة .
فأنْقَذَكم اللّه ُ ـ تبارك وتعالى ـ بمحمّد صلى الله عليه و آله بعد اللَّتَيّا واللَّتي ، واللتيّا ـ بفتح اللام ، وجوّز بعضهم ضمّها ، وتشديد الياء ـ تصغير «الّتي» ، وهما كنايتان ، عن الداهية الصغيرة والكبيرة ۳۲۸ ، وفي مجمع البحرين : أنّهما كنايتان عن الشدائد المتعاقبة ، فهي كالمثل ، وأصله أنّ رجلاً تزوّج قصيرة فقاسا منها شدّة فطلّقها وتزوّج طويلة فقاسا منها أضعاف ذلك ۳۲۹ فطلّقها ، فقال : بعد اللتيّا والّتي لا أتزوّج أبدا . ۳۳۰
وبعدَ أن مُنِيَ ـ بصيغة ۳۳۱ المجهول ـ أي ابتلي ۳۳۲ ببُهَم ـ كصُرَد ـ شجعان ۳۳۳ الرجال ؛ لأنّهم لشدّة بأسهم مبهم أمرهم لا يُدرى من أين يُؤتون ، وذُؤبانِ العرب أي لصوصهم وصعاليكهم الذين لا مال لهم ولا اعتماد عليهم ومَرَدَةِ أهلِ الكتاب أي العتاة المتكبّرون المجاوزون للحدّ منهم .
«كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ»۳۳۴ اقتباس من الآية الشريفة أو نَجَمَ بصيغة الماضي كنصر ، يقال : «نجم نجوما» أي ظهر وطلع قَرْنٌ أي قوّة للشيطانِ ، ولعلّه كناية عن اُمّته ومتابعيه ، أو فَغَرَتْ فاغرةٌ مِن المشركين يقال : وفَغَرَ فاه : فتحه ، وفَغَرَ فُوهُ أي انفتح ـ يتعدّى ولا يتعدّى ـ ، والفاغرة من المشركين : الطائفة العادية ۳۳۵ منهم تشبيها لها بالحيّة أو السبع .
قذف أي رمى أخاه أمير المؤمنين عليه السلام في لَهَواتِها بالتحريك جمع لَهاة ، وهي اللَّحْمة الّتي في أقصى سقف الفم ، وهو كناية عن اقتحامه عليه السلام بحبوحة المهالك ، وفي بعض النسخ : «مَهْواتها» ـ بالميم ـ وهي بالتسكين الحفرة وما بين الجبلين ، وهي كناية عن ذلك أيضا .
فلا يَنكَفِئُ ـ بالهمزة ـ أي يرجع حتّى يَطَأَ صِماخَها ـ بالكسر ـ ثَقبُ الاُذن أو الاُذن نفسها ، وبالسين كما في بعض الروايات لغة فيه أيضا ، بأخْمَصِه الأخمص ما لا يُصيب الأرضَ من باطن القدم عند المشي ، وهو كناية عن القهر والغلبة على أبلغ وجه ، وكذا قولها ۳۳۶ : ويُخْمِدَ لَهَبَها بسيفه أي بماء سيفه ، وهو استعارة بليغة .
مكدودا أي متعوبا متأذيا في الغاية في ذاتِ اللّه ِ ۳۳۷ أي في أمره ودينه وكلّ ما يتعلّق به سبحانه ۳۳۸ مجتهدا باذلاً جهده وطاقته في أمرِ اللّه ِ ، قريبا مِن رسولِ اللّه ِ ۳۳۹ قربا جسمانيا وروحانيّا ، وأفعالاً وصفاتا ، سيِّدَ ۳۴۰ أولياءِ اللّه ِ بالنصب كسابقه ، وقرائتُه بالجرّ على أن يكون صفة للنبيّ صلى الله عليه و آله بعيدٌ .
مشمِّرا ، التشمير في الأمر الجدّ و الاهتمام فيه ، ناصحا للدين أوللّه وللنبي ۳۴۱ في السّرو العلانية مجدّا أي مهتمّا كادحا ۳۴۲ الكدح هو العمل والسعي ، وأنتم في رفاهية من ۳۴۳ العيش أي سعته وادِعُون أي ساكنون منخفضون من غير كلفةٍ ، مأخوذ من الدَّعَة وهي الخفض ، والفعل وَدُعَ ، واسم الفاعل وَدِيعٌ ووادِعٌ ، فاكهون[ آمنون ] الفُكاهة ـ بالضمّ ـ : المزاح ، و ـ بالفتح ـ مصدر فَكِهَ الرجلُ ـ بالكسر ـ فهو فَكِهٌ إذا كان طيِّبُ النفس مزّاحا ، والفِكَهُ ـ أيضا ـ الأشِرُ البَطِرُ ، وبه قُرِئ «وَ نَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَـكِهِينَ»۳۴۴ أي أشرين ، بطرين ، وفاكهين ، أي ناعمين ، وفي بعض الروايات : ۳۴۵ «وأنتم في بُلَهنِيَة وادعون آمنون» .
قال الجوهري : هو في بُلَهْنِيَةٍ من العيش ، أي ۳۴۶ سعةٍ ورفاهيّةٍ ، وهو ملحق بالخُماسي بألفٍ في آخره ، و إنّما صارت ياءً لكسرةِ ما قبلها ۳۴۷ .
وفي رواية اُخرى ۳۴۸ : «وأنتم في رُفَهنيةٍ» وهي مثلها لفظا ومعنىً .
تتربّصون بنا الدوائر وهي صروف الزمان وحوادث الأيّام والعواقب المذمومة . قيل : وأكثر ما تستعمل «الدوائر» في تحوّل النعمة إلى الشدّة . والتربّص : الانتظار ، أي كنتم تنتظرون نزول البلايا علينا وزوال النعمة والغلبة عنّا ، مع مالنا عليكم من الإنعام والفضل .
وتَتَوكَّفون أي تتوقّعون الأخبارَ أي أخبار المصائب والمحن والفتن ، وفي بعض النسخ : «تتواكفون الأخيار» ، ۳۴۹ يقال : «واكَفَهُ في الحرب» أي واجَهَهُ .
وتَنْكُِصُون عندَ النِّزالِ ، النُّكوص هو الرجوع عن الشيء ، وفي مجمع البحرين : النِّزال في الحرب ـ بالكسر ـ أن يَنزلَ الفريقان عن إبلهما إلى خيلهما فيتضاربون ۳۵۰ .
وتفرّون عندَ ۳۵۱ القتال ، والمراد من هذه الفقرات أنّهم لم يزالوا منافقين لم يؤمنوا قطّ .
فلمّا اختار اللّه لنبيّه صلى الله عليه و آله دارَ أنبيائه ، ومأوى أصفيائه وهي دار الخلد والرضوان ، ظَهَرَ فيكم حَسِيكةُ النِّفاقِ ، الحَسِيكةُ والحُساكة : الضغن والعداوة ، وفي بعض الروايات : «حسكة النفاق» ۳۵۲ فهو على الاستعارة من حَسَكِ السَّعْدانِ ، وهي عُشْبَةٌ شوكها مدحرج ، واحدها حَسَكَةٌ .
وسَمَلَ كنصر ، يقال : سَمَلَ الثوبُ : صار خَلَقا جِلبابُ الدين ، الجِلبابُ ـ بالكسر ـ المِلْحَفَةُ ، أو ثوب واسع للمرأة ۳۵۳ غير المِلْحَفَة ، أو ۳۵۴ إزار ورداء ، أو هو كالمقنعة تغطّي به المرأة رأسَها وظَهرَها وصدرَها .
ونَطَقَ كاظلمُ الغاوين ، الكُضُوم هو السكوت ، ونَبَغَ خاملُ الأقلّين ، يقال : نَبَغَ الشيء ـ كَمَنَعَ ونَصَرَ ـ أي ظهر ، و«نَبَغَ الرجلُ» إذا لم يكن يقول الشعر ثمّ قاله وأجاد . والخامل : مَن خفي ذِكرُه وصوته وكان ساقطا لانَباهة له ، والمراد بالأقلّين الأذلّون .
وهَدَرَ فَنِيقُ المُبطِلِينَ ، الهدير : ترديد البعير صوتَه في حَنجرته ، والفنيق ـ بالفاء والنون والياء ۳۵۵ والقاف ـ قال في النهاية : هوالفَحْل المُكَرَم من الإبل الذي لا يُركَب ولا يُهان لكرامته على أهله ۳۵۶ وجمعه فُنُق وأفناق . ۳۵۷
فخَطَرَ في عَرَصاتِكُم ، الضمير في «خطر» راجع إلى «فنيق» أي ضرب ذلك الجمل ذَنَبَه في عرصاتكم ، يقال : خَطَرَ البعيرُ بذَنَبِه يَخْطِرُ ـ بالكسر ـ خَطْرا أو خَطَر انا ، إذا رَفَعَه مرَّةً بعد مرّة ، وضرب به ۳۵۸ فَخِذَيه ، ومنه قول الحجّاج ۳۵۹ لمّا نصب المَنجَنيق على الكعبة : «خَطَّارةٌ كالجمل الفَنيق» شبّه رَمْيَها ۳۶۰
بِخَطَران الفنيق .
وأطْلَعَ الشيطانُ رأسَه مِن مَغْرِزِه ، مَغرِزُ الرأس ـ بالكسر ـ ما يختفي فيه ، وقيل : لعلّ في الكلام تشبيها للشيطان بالقنفذ ؛ فإنّه إنّما يُطلع رأسَه عند زوال الخوف ، أو بالرجُل الحريص المُقدِم على أمر ؛ فإنّه يمدّ عنقه إليه . هاتفا بكم أي مناديا لكم ، والهِتافُ : الصياح .
فألفاكم أي وجدكم لدعوته مستجيبين ، وللغِرَّة ـ بكسر الغين المعجمة ـ أي الاغترار فيه ملاحظين ، وملاحظةُ الشيء : مراعاتُه ، وأصله من اللَّحْظ وهو النظر بمؤخَّر العين ، وهو إنّما يكون عند تعلّق القلب بشيء ، أي وجدكم الشيطان لشدّة قبولكم للانخلاع ۳۶۱ كالذي كان مطمح نظره أن يغترّ بأباطيله . ۳۶۲
وفي بعض النسخ : «للعزّة» ـ بتقديم العين المهملة على الزاي المعجمة ـ أي وجدكم طالبين للعزّة .
ثمّ استَنْهَضَكُم أي طلب الشيطان نهوضكم وقيامكم بأمره ومبادرتكم إلى طاعته ، فوجدكم خفافا أي مسرعين إلى طاعته ، مبادرين إليه ، وأحمشكم ـ بالحاء المهملة ثمّ الميم ثمّ الشين المعجمة ـ يقال : أحْمَشْتُ الرجلَ : أغضبتُه ، والنارَ : ألْهَبتُها ، أي أغضبكم .
فألفاكم أي وجدكم ۳۶۳ غضابا لغضبه أو من عند أنفسكم ، وفي بعض الروايات ۳۶۴ : «عطافا» من العطف بمعنى الميل ، فَوَسَمتُم غيرَ إبلِكم ، الوسمُ أثرُ الكَيِّ للعلامة ، وأورَدتُم من الورود وهو حضور الماء للشرب ، والإيرادُ : الإحضارُ ، غيرَ شِرْبِكم ، [ الشرب ] ـ بالكسر ـ الحظُّ من الماء . وهاتان الفقرتان كنايتان عن أخذ ما ليس لهم بحقّ من الخلافة والإمامة ۳۶۵ والميراث النبوّة .
هذا أي فعلتم هذا الأمر و الحال أنّه العَهْدُ بالنبوّة والوصيّة قريبٌ لا ينسى ، والكَلْمُ الجرح رَحيبٌ أي وسيعٌ ، من الرُّحب ـ بالضمّ ـ بمعنى السعة ، والجُرْحُ بالضمّ اسم مصدر ، وبالفتح مصدر ، لمّا يَندَمِلْ أي لم يصلح بعدُ ، والرسولُ لمّا يُقبَرْ أي يدفن ابتدارا أي ابتدرتم لغصب الخلافة وترويج البيعة ، ويحتمل أن يكون مفعولاً له للأفعال السابقة ، وفي بعض النسخ : «بدارا» .
زعمتُم خوفَ الفتنةِ أي ادَّعيتم وأظهرتم ۳۶۶ للناس كذبا وخديعةً أنّا إنّما اجتمعنا في السقيفة دفعا للفتنة مع أنّ ۳۶۷
الغرض كان غصب الخلافة عن أهلها وهو عين الفتنة «أَلَا فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَة بِالْكَـفِرِينَ»۳۶۸ وكان مقتضى السياق أن يقال : ألا في الفتنة سقطتم ، ولكن حسن الالتفات موافقة الآية الشريفة .
فهيهات أي بعد منكم ، وهيهات و إن وردت للتبعيد ۳۶۹ إلّا أنّ فيها معنى التعجّب أيضا ؛ كما ۳۷۰ صرّح به الشيخ الرضي ۳۷۱ ، وكذلك كيف بكم وأنَّى تُؤفَكُون أي كيف تصرفون و إلى أين يصرفكم الشيطان وأنفسكم الأمّارة والحال أنّ كتاب اللّه بينَ أظهُرِكم؟! يقال : فلان بين أظهر قوم وبين ظهرانيهم ، أي مقيم ۳۷۲ بينهم ، محفوف من جانبيه ۳۷۳ أو من جوانبه بهم .
اُمورُه ظاهرةٌ ، وأحكامُه زاهرةٌ أي مشرقة متلألئة ، وأعلامُه باهرةٌ أي نيّرة مضيئة ، وزواجرُه أي النواهي والوعيدات الّتي تزجر المكلّفين عن ارتكابها لائحةٌ ، يقال : «لاح النجم وألاحَ إذا بدا وظهر ، وأوامِره واضحةٌ قد خلّفتموه ۳۷۴ وراء ظهوركم ولم تلتفتوا إلى أوامره ونواهيه وزواجره وأحكامه .
أرَغبَةً عنه إلى غيره تُرِيدُون؟ ومن رغب عن القرآن إلى غيره فقد ضلّ وأضلّ ، أم بغيره تَحْكُمُون؟! «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَـفِرُونَ»۳۷۵«بِئْسَ لِلظَّــلِمِينَ بَدَلًا»۳۷۶ أي من الكتاب ما اختاروه من الحكم الباطل المخالف لدين الإسلام ، «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْاءِسْلَـمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الْأَخِرَةِ مِنَ الْخَـسِرِينَ»۳۷۷ ثمّ لم تلبثوا إلّا رَيثَ ـ بالراء المهملة والياءالمثنّاة والثاء المثلّثة ـ بمعنى قدر ، وهي لغة يستعملها أهل الحجاز كثيرا ، وتستعمل مع «ما» ، أي قدر أن تَسْكُنَ نَفرَتُها ، نفرَةُ الدابة ـ بالفتح ـ : ذهابها وعدم انقيادها ، وضمير المؤنّث راجع إلى فتنة وفاة الرسول صلى الله عليه و آله ، ويَسلَسَ أي يسهل ويلين قِيادُها ـ بالكسر ـ : ما يقاد به الدابة من حبل أو غيره ، شَبَّهتْ عليهاالسلامتلك النازلة العظمى والمصيبة الكبرى في وفاته صلى الله عليه و آله بالدابّة الصعبة .
ثمّ أخذتم أي شرعتم تُورون وَقْدَتَها ، يقال : «وَرَى الزَّنْدُ يَرِي ورْيا» إذا خرجت نارُه ، ووَقدةُ النارِ ـ بالفتح ـ : وَقودها ، ووقَدها : لهبُها . وتُهَيّجُون جَمْرَتَها وهي المتوقِّد من الحَطَب ، وتَسْتَجِيبُون لِهِتافِ ـ بالكسر ـ أي صياح الشيطانِ الغَوِيّ ودعوته ، وهتف به ، أي دعاه ، و إطفاءِ أنوارِ الدينِ الجليِ ، و إهمادِ سنن النبيّ ۳۷۸ الصفيّ ، إهماد النار : إطفاؤها بالكلّية ، والحاصل أنّكم إنّما صبرتم حتّى استقرّت الخلافة المغصوبة عليكم ، ثمّ شرعتم في تهييج الشرور والفتن واتّباع الشيطان و إبداع البدع .
تُسِرُّون ۳۷۹ حَسْوا في ارتغاءٍ ، الإسرارُ : ضدُّ الإعلان ، والحَسْو ـ بفتح الحاء وسكون السين المهملتين ـ : شربُ المَرَق وغيره شيئا بعد شيء ، والارتغاء : شرب الرَُِغْوَة ـ مثلّثة ـ وهي زُبْد اللبن ، وفي المثَل المعروف : «يُسِرُّ حَسْوا في ارتغاءٍ» يُضرب لمن يُظهِر أمرا ويريد غيره ، وعن أبي زيد والأصمعي أنّ أصل المثل : الرجلُ يؤتى باللبن فيُظهر أنّه يريد الرغوة خاصّةً ولا يريد غيرَها ، فيشربها وهو في ذلك ينال من اللبن ؛ يُضرب لمن يُريك أنّه يُعينك و إنما يَجُرُّ النفعَ لنفسه .
وتَمشُون لأهله وولده في الخَمَرِ ۳۸۰ والضَّراء ، الخَمَر ـ بالخاء المعجمة والتحريك ـ : كلُّ ما سترك من شجر أو بناء أو غيره كما في النهاية ۳۸۱ والضَّراء ـ بالضاد المعجمة المفتوحة والراء المخفّفة ـ : الشجر المُلْتَفُّ في الوادي ، ويقال لمَن خَتَلَ صاحبَه وخادعه : يَدِبّ له الضَّراء ، ويمشي له الخَمَر . وعن ابن الأعرابي : الضراء ما انخفض من الأرض .
ونَصبِر منكم على مثل حَزِّ المُدى الحَزُّ ـ بفتح الحاء المهملة ـ : القطعُ ، أو قطع الشيء من غير إبانة ، والمُدى ـ بالضم ـ : جمع مُدْيَة وهي السكّين والشَّفْرَة ، ووَخْزِ السنان في الحشا الوَخْزُ : الطعنُ بالرمح ونحوه لا يكون نافذا ، يقال : وَخَزَه بالخنجر .
وأنتم ۳۸۲ تزعمون أن لا إرثَ لنا ؛ أفَحُكْمَ الجاهليةِ تَبْغُونَ «وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ»۳۸۳ أفلا تعلمون؟! بل تجلّى ۳۸۴ لكم كالشمسِ الضاحيةِ أي الظاهرة البيّنة أنّي ابنته .
أيّها المسلمون ، أاُغْلَبُ على إرثيهْ ـ بكسر الهمزة ـ بمعنى الميراث ، والهاء للسكت كما في سورة الحاقّة : «كِتَـبِيَهْ» و «حِسَابِيَهْ» و «مَالِيَهْ» و «سُلْطَـنِيَهْ»۳۸۵ تثبت في الوقف وتسقط في الوصل ، وقرئ بإثباتها في الوصل أيضا .
يا ابنَ أبي قحافةَ ، اسمه عبد اللّه بن عثمان ، أفي كتابِ أنْ تِرَثَ أباك ولا أرِثُ أبي؟! لقد جئتَ في ادّعائك هذا شيئا فريّا ۳۸۶ أي أمرا عظيما بديعا ۳۸۷
! وقيل : أي أمرا منكرا قبيحا ، وهو مأخوذ من الافتراء بمعنى الكذب .
أفعلى عمدٍ تركتم كتابَ اللّه ِ ونبذتموه وراءَ ظهورِكم إذ يقول : «وَ وَرِثَ سُلَيْمَـنُ دَاوُودَ»۳۸۸ ؟! وقال فيما اقْتَصَّ من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : «رَبِّ . . . . هَبْ۳۸۹لِى مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِى وَ يَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ»۳۹۰ ولعلّها عليهاالسلامحكت خلاصة معنى الآية ، أو أنّها كانت هكذا فحرّفت ، و إلّا فالموجود في القرآن الذي في أيدينا هكذا : «وَ إِنِّى خِفْتُ الْمَوَ لِىَ مِن وَرَآءِى وَ كَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِرًا فَهَبْ لِى مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِى وَ يَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا»۳۹۱ وقوله تعالى : «وليّا» أي ولدا يكون أولى بميراثي ، وليس المراد بالوليّ من يقوم مقامه (ولدا كان أو غيره ، لقوله تعالى حكايةً عن زكريا عليه السلام «رَبِّ (هَبْ لي )۳۹۲مِنْ لَدُنْكَ ذُرّيَةً طَيّبةً (إنّك سَمِيعُ الدعاء)۳۹۳»۳۹۴ ، وقوله : «رَبِّ لَا تَذَرْنِى فَرْدًا وَ أَنتَ خَيْرُ الْوَ رِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَ وَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى»۳۹۵ والقرآن يفسّر بعضه بعضا .
واختلف المفسّرون ۳۹۶ في أنّ المراد بالميراث العلم أو المال؟
فعن ابن عبّاس والحسن والضّحّاك أنّ المراد به ۳۹۷ في قوله ۳۹۸ تعالى : «يَرِثُنِى» وقوله : «وَ يَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ» ميراث المال .
وقال أبو صالح : المراد به في الموضعين ميراث النبوّة .
وقال السُّدِّي ومجاهد والشَّعبي : المراد به في الأوّل ۳۹۹ ميراث المال ، وفي الثاني ميراث النبوّة ، وحكي هذا القول عن ابن عبّاس والحسن والضحّاك .
وحكي عن مجاهد أنّه قال : المراد من الأوّل العلم ، ومن الثاني النبوّة .
ووجه دلالة ۴۰۰ الآيتين على المراد أنّ لفظ الميراث لغةً وشرعا وعرفا إذا اُطلق لا يتبادر منه إلّا ميراث المال ، ولا موجب لصرفه عن حقيقته إلى المجاز ؛ على أنّ القرائن موجودة في إرادة المعنى الحقيقي في الآية الثانية من وجوه :
الأوّل : أنّ زكريّا ۴۰۱ اشترط في وارثه أن يكون رضيّا ، ولا معنى لهذا الاشتراط إذا حمل الميراث على العلم والنبوّة ، (بل كان لغوا عبثا ؛ لأنّه إذا سأل من يقوم مقامه في العلم والنبوّة) ۴۰۲ فقد دخل في سؤاله الرضا وما هو أعظم منه ، فلا يحسن اشتراطه ، كما لا يحسن أن يقال : اللَّهُمَّ ابعث إلينا نبيّا ، واجعله مكلّفا عاقلاً عادلاً . ۴۰۳
و ۴۰۴ الثاني : أنّ الخوف من بني العمّ ونحوهم إنّما يناسب المال دون النبوّة والعلم ، وكيف يَخاف مثل زكريّا ۴۰۵ من أن يبعث اللّه ۴۰۶ إلى خلقه نبيّا يقيمه مقام زكريّا ۴۰۷ ولم يكن أهلاً للنبوّة والعلم ، سواء كان من موالي زكريّا أو من غيرهم؟ على أنّ زكريا عليه السلام كان إنّما بُعث لإذاعة العلم ونشره في الناس ۴۰۸ فلا يجوز أن يخاف من الأمر الذي هو الغرض في بعثته ۴۰۹ .
فإن قيل : كيف يجوز على مثل زكريّا ۴۱۰ الخوف من أن يرث الموالي ما له ؟ وهل هذا إلّا الضنَّ والبخل؟
قيل : ۴۱۱ لمّا علم زكريّا عليه السلام من حال الموالي أنّهم من أهل الفساد ، خاف أن ينفقوا أمواله ۴۱۲ في المعاصي ، ويصرفوه في غير الوجوه المحبوبة ، مع أنّ في وراثتهم ماله كان يقوى فسادهم وفجورهم ، فكان خوفه خوفا من قوّة الفسّاق وتمكّنهم في سلوك الطريق المذمومة وانتهاك محارم اللّه عز و جل ، وليس مثل ذلك من الشحّ والبخل .
فإن قيل : كما جاز الخوف على المال من هذا الوجه ، جاز الخوف على وراثتهم العلم ؛ لئلّا يفسدوا به ۴۱۳ الناس ويضلّوهم .
قيل : ۴۱۴
لا يخلو هذا العلم الذي ادّعيتم فيه ذلك إمّا أن يكون كتبا علميّةً وصحفا حكميّة ، أو يكون علما يملأ القلوب وتعيه الصدور ، فإن كان الأوّل رجع إلى [ معنى ]المال ، و إن كان الثاني فلا يخلو أيضا من أن يكون هو العلم الذي بُعث النبيّ ۴۱۵ لنشرة وأدائه إلى الخلق ، أو أن يكون علما مخصوصا لا يتعلّق بشريعة ولا يحبّ اطّلاع الاُمّة عليه كعلم العواقب وما يجري في مستقبل الأوقات ونحو ذلك .
والقسم الأوّل : لا يجوز أن يَخاف النبيّ ۴۱۶ من وصوله إلى بني ۴۱۷ عمّه ، وهم من جملة اُمّته المبعوث إليهم ؛ لمنافاته غرض البعثة .
والثاني : لا معنى للخوف من أن يرثوه ؛ إذا كان أمره بيده ، ويقدر على أن لا يلقيه إليهم ، ولو صحّ الخوف على القسم الأوّل لجرى ذلك فيه أيضا .
وقال تعالى : «وَأُوْلُواْ الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَـبِ اللَّهِ»۴۱۸ وقال «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَـدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ»۴۱۹ وقال تعالى ۴۲۰ : «إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَ لِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ»۴۲۱ وقال تعالى : «لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَ لِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ [ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَ لِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ]مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْكَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا»۴۲۲ وقد اجتمعت الاُمّة على عموم الآيات إلّا مَن أخرجه الدليل ، فيجب التمسّك بعمومها إلى أن تقوم دلالة قاطعة على خلافها ، وليس فليس ، وقد قال سبحانه عقيب آيات الميراث : «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّـتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَـرُ خَــلِدِينَ۴۲۳فِيهَا . . . * وَمَن [يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَ ]يَتَعَدَّ حُدُودَهُ . . . وَلَهُ۴۲۴عَذَابٌ مُّهِينٌ»۴۲۵ ولم يقم دليل على خروج النبيّ صلى الله عليه و آله عن حكم الآية ، فمن تعدّى حدود اللّه في نبيّه صلى الله عليه و آله يدخله اللّه النار خالدا فيها وله العذاب المهين .
وأمّا جواب المخالفين ۴۲۶ بأنّ العمومات مخصّصة بما رواه أبو بكر عن النبيّ ۴۲۷ من قوله : «نحن معاشر الأنبياء لا نُورِث ، ما تركناه صدقة» فهو أوهن من بيت العنكبوت ؛ لأنّه أوهن البيوت ؛ لأنّ الخبر ـ مع الضعف سنده ۴۲۸ وشذوذه وتفرّد أبي بكر ۴۲۹ بروايته ـ مخالفٌ للقرآن ، لا مخصّص بالنسبة إلى أصل الميراث كما عرفت ؛ وقد تواتر عنه صلى الله عليه و آله فيما وراه الفريقان أنّ : «ما خالف كتاب اللّه فهو زخرف» ۴۳۰ ، والخبر مناقضٌ للقرآن ؛ لدلالة الآيتين في شأن داوود وزكريّا عليهماالسلامعلى الوراثة . على أنّ الراوي منكم ۴۳۱ في حكم المدّعي لنفسه والجارّ إليها نفعا ؛ لأنّه وسائر المسلمين سوى أهل البيت ۴۳۲ تحلّ لهم الصدقة ويجوز أن يصيبوا منها ، وهذه تهمة في الحكم والشهادة ، على أنّ تصحيحَ أبي بكر للخبر ۴۳۳ معارضٌ بتكذيب أمير المؤمنين عليه السلام له على ما رووه في صحاحهم ؛ ففي صحيح مسلم وجامع الاُصول عن مالك بن أوس في رواية طويلة قال : قال عمر لعلي ۴۳۴ والعبّاس : قال أبو بكر : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «لا نُورِث ، ما تركناه صدقة» ، فرأيتماه كاذبا [ آثما ] غادرا خائنا! واللّه يعلم أنّه صادق بارّ ۴۳۵ الحديث .
وفي المروي عن البخاري في صحيحه في منازعة عليّ ۴۳۶ والعبّاس نحو ذلك . ۴۳۷ وقد رووا عنه صلى الله عليه و آله بأسانيد متضافرة أنّه قال : «عليٌ مع الحقّ ؛ والحقُّ مع عليّ ، يدور معه حيثما دار» . ۴۳۸
علي أنّ فاطمة عليهاالسلام قد كذّبته أيضا ، وهي معصومة ؛ لما تقدّم ، ۴۳۹ على ۴۴۰ أنّه من البعيد المستحيل ـ مع صحّة صدور الخبر ـ أن يكون النبيّ صلى الله عليه و آله لم يعتن بشأن بضعته الّتي يؤذيه ما آذاها ، ويريبه ما رابها ، و ۴۴۱
بابن عمّه وأخيه المواسي له بنفسه ، ولم يخبرهما بذلك الخبر حتّى تخرج عليهاالسلام ۴۴۲ من بيتها مستعدية ساخطة صارخة في ملأ المهاجرين والأنصار تلوم إمام زمانها الذي من خالفه مات ميتة جاهليّة ۴۴۳ على معتقدكم ، وتنسبه إلى الجور والظلم وتستصرخ المهاجرين والأنصار لنصرتها والوثوب عليه .
ومع غضّ النظر عن ذلك كلّه فالقرائن القطعيّة والشواهد اليقينيّة على كذب هذا الخبر لا يَشكّ فيها ذو إنصاف ؛ أمّا أوّلاً فمن المعلوم جريان عادة الناس واهتمامهم قديما وحديثا بالإخبار عن كلّ ما جرى بخلاف المعهود بين كافّة الناس ، وخرج عن عادتهم سيّما إذا وقع في كلّ عصر وزمان ، ومن المعلوم أنّ جميع الاُمم على اختلافهم في مذاهبهم ۴۴۴ يهتمّون بضبط أحوال الأنبياء ۴۴۵ وسيرتهم وأحوال أولادهم وضبط خصائهم ، ومن المعلوم أنّ العادة قد جرت منذ خلَق اللّه الدنيا وأهلها إلى فنائها ۴۴۶ أن يرث الأولاد آباءهم ، ولم ينقل ذلك أحد من الناس ومن أهل الملل عن نبيٍ من الأنبياء ۴۴۷ من آدم ۴۴۸ إلى الخاتم ۴۴۹ سوى الصدّيق! فكيف خفي هذا الحكم على جميع أهل الملل والأديان والخاصّ والعامّ والإنس والجانّ واختصّ به الصدّيق؟! ولم ينقل أحد أنّ عصا موسى ۴۵۰ أو سيف سليمان ۴۵۱ و خاتمه أو ثياب سائر الأنبياء وأسلحتهم فرّقت بين الناس ۴۵۲ على وجه الصدقة ، ولم ينقل عن أحد من أولاد الأنبياء ۴۵۳ منازعة أوصيائهم والقائمين مقامهم في ذلك و إن كان بخلاف حكم اللّه تعالى ۴۵۴ ، فقد حسد أولاد يعقوب ۴۵۵ مع علوّ قدرهم أخيهم يوسف وألقوه ۴۵۶ في الجبّ ، والأنبياء كانوا مئة ألف وأربعة وعشرين ۴۵۷ ألف نبيّ فكيف لم يتّفق لأحد ۴۵۸ من ورّاثهم وأولادهم منازعة في ذلك؟ إنّ هذا لعجيب وأيّ عجيب! وأعجب من ذلك أن مخالفينا ـ هداهم اللّه و إيّانا سواء الطريق وجعل لنا ولهم التوفيق خير رفيق ـ قدأطبقوا على صحّة هذا الخبر بمجرّد رواية أبي بكر له مع مخالفته العيان والبرهان والفرقان ۴۵۹ والقرآن ، و ۴۶۰ قد أطبقوا على تكذيبنا في وجود النصّ على أمير المؤمنين عليه السلام مع كثرة الناقلين له من يوم السقيفة إلى الآن ، ووجودِ الأخبار في صحاحهم وزُبرهم وبيّناتهم بأسانيد عديدة ومتون سديدة ، وادّعاء الشيعة تواتر ذلك ۴۶۱ من أوّل الأمر إلى الآن ، ويستندون في ذلك إلى أنّه لو كان حقّا لما خفي على أحد أو علينا ؛ لتوفّر ۴۶۲ الدواعي على نقله وروايته . اللَّهُمَّ احكم بيننا وبينهم بالحقّ في الدنيا والآخرة ، وأنت ۴۶۳ خير الحاكمين .
وزَعمتُم أن لا حُِظْوة لي ، الحظوة ـ بكسر الحاء وضمّها وسكون الظاء المعجمة ـ : المكانة والمنزلة . وفي بعض الروايات ۴۶۴ : «فزعمتُم أن لاحظَّ لى» .
ولا أرِثُ من أبي ولا رحمَ بيننا حيث زعمتم أنّا لا ندخل في آيات ۴۶۵ الميراث والأرحام أفَخَصَّكم اللّه ُ بآيةٍ أخرَجَ منها أبي؟! حتّى أنّه لا يورث دونكم أم هل تقولون : إنّا أهلَ ملّتين لا يَتوارثان؟! ولستُ أنا وأبي من أهل ملّةٍ واحدةٍ؟! أم أنتم أعلمُ بخصوصِ القرآنِ وعمومِه من أبي وابنِ عمّي؟! الذين اُنزل الكتاب في بيوتهم وعلماء تفسيره وتأويله ومجمله ومتشابهه وظاهره وباطنه وعمومه وخصوصه .
فدونكها مَخطُومةً مرحولةً ، الضمير راجع إلى فدك المدلول عليها بالمقام ۴۶۶ والأمر بأخذها للتهديد كقوله تعالى : «اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ»۴۶۷ . والخِطامُ ـ بالكسر ـ : كلّ ما يُوضَع في أنفِ البعير لِيقاد به . والرَّحْل ـ بالفتح ـ للناقة كالسرج للفرس .
شَبّهت عليهاالسلام فدك ـ في كونها مسلّمة له لا يعارضه في أخذها أحد ـ بالناقة المنقادة المهيّأة للركوب .
تَلقاكَ يومَ حشرِك ، فنِعْمَ الحَكَمُ أي الحاكم اللّه ُ ۴۶۸
، والزعيمُ ۴۶۹ وهو الكفيل والغارم والضامن ، وفي بعض النسخ ۴۷۰ : «والغريم» أي طالب الحقّ محمّد صلى الله عليه و آله ۴۷۱ والموعدُ القيامةُ ، وعندَ الساعةِ ما تَخْسَرون ، كلمة «ما» مصدرية ، أي في القيامة يظهر خسرانكم ، ويحتمل أن تكون زائدة .
لايَنْفَعُكُم الندم إذ تَنْدَمُونَ ، و «لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ» أي لكلّ خبرٍ بالعذاب والعقاب أو ۴۷۲ الإيعاد به وقتُ استقرار ووقوعٍ «وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ»۴۷۳ عند وقوعه «مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ» وهو الغرق والعذاب ۴۷۴«وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ»۴۷۵ وهو عذاب النار . والاقتباس من موضعين : أحدهما سورة الأنعام ، والآخر في هود في قصّة نوح عليه السلام حيث قال : «إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ» .
ثمّ اعملوا أنّه قد وردت الروايات المتضافرة أيضا أنّها عليها السلام ۴۷۶ ادّعت أنّ فدكا كانت نحلةً لها من رسول اللّه ۴۷۷ ، ولم تتعرّض لتلك الدعوى في هذه الخطبة ؛ ليأسها من قبولهم إيّاها ، إذ كانت الخطبة بعد ما ردّ أبو بكر شهادة أمير المؤمنين عليه السلام والحسنين واُمّ أيمن ، وقد كان من حضر معتقدا لصدقه ، فتمسّك عليهاالسلام ۴۷۸ بحديث الميراث ؛ لكونه من ضروريّات الدين كما أشرنا إليه .
وحاصل ما ذكره أصحابنا في ذلك ۴۷۹ أنّ فدكا كانت نحلةً لفاطمة عليهاالسلام من النبيّ صلى الله عليه و آله ، وقد مُنعت منها ظلما ؛ اذ كانت فدك مما أفاء اللّه ۴۸۰ على رسوله ۴۸۱ بعد فتح خيبر ، فكانت خاصّة له صلى الله عليه و آله ؛ إذ لم يوجف عليها بخيل ولاركاب ، وقد وهبها ۴۸۲ لفاطمة ، فتصرّف ۴۸۳
فيها وكلاؤها ونوّابها ، فانتزعها أبو بكر في خلافته ، فجاءته مستعدية فطالبها بالبيّنة ، فجاءت بعليّ والحسنين عليهم السلام واُمّ أيمن المشهود لها بالجنّة فردّ شهادة أهل البيت الذين عصمهم اللّه ۴۸۴ من الزلل وفطمهم من الخلل بجرّ النفع ، وشهادةَ اُمّ أيمن بقصورها عن نصاب الشهادة ، ثمّ ادّعتها على وجه الميراث فردّ عليها بما يأتي ، فغضبتْ عليه وعلى فاروقه فهجرتهما ، وأوصت بدفنها ليلاً ؛ لئلّا يصلّيا عليها .
ثمّ لمّا انتهت الإمارة إلى عمر بن عبد العزيز ردّها إلى بني فاطمة ، ثمّ انتزعها منهم يزيد بن عبد الملك ، ثمّ دفعها السفّاح إلى الحسن بن الحسن بن علي عليهماالسلام . ثمّ أخذها المنصور ، ثم أعادها المهدي ، ثم قبضها الهادي ، ثمّ ردّها المأمون لمّا جاءه رسول بني فاطمة ۴۸۵ ، فنصب وكيلاً من قبلهم وجلس محاكما فردّها عليهم ، وفي ذلك يقول دِعْبِل الخُزاعي :
أصبح وجه الزمان قد ضحكا
بردّ مأمون هاشما فدكا۴۸۶

ولم نجد أحدا من المخالفين أنكر كون فدك خالصةً لرسول اللّه صلى الله عليه و آله في حياته ، وقد روي عن جامع الاُصول عن عمر أنّ أموال بني النضير ممّا أفاء اللّه ۴۸۷ على رسوله ۴۸۸ ، مما لم يُوجِفْ عليه المسلمون ۴۸۹ بخيلٍ ولا ركابٍ ، فكانت لرسول اللّه صلى الله عليه و آله خاصّة ۴۹۰ قُرى عُرَينة وفدك . . . الحديث ۴۹۱ ، وقد ادّعت ۴۹۲ الهبة وقد كانت في يدها واستشهدت مع عصمتها بثلاث معصومين ۴۹۳ ، وامرأة شهد لها النبيّ صلى الله عليه و آله بالجنّة .
وفي النهج عن ۴۹۴ أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه إلى عثمان بن حُنيف : «بَلَى كانت في أيدينا فدكٌ مِن كلِّ ما أظَلَّتْه السماءُ ، فَشَحَّتْ عليها۴۹۵نفوسُ قومٍ (وسَخَتْ عنها نفوسُ)۴۹۶آخرين ، ونِعْمَ الحَكَمُ اللّه ُ» .۴۹۷
وقال ابن أبي الحديد في الشرح :
إنّ الناس يظنّون أنّ نزاع فاطمة ۴۹۸ أبابكر في أمرين : في الميراث والنِّحلة ، وقد وجدتُ في الحديث أنّها ۴۹۹ نازعت في أمر ثالث ، ومنعها أبو بكر إيّاه أيضا ، وهو ۵۰۰ سهم ذوي القربى ۵۰۱ .
ثمّ روى من طرقهم ما يشهد بذلك .
ثمّ رمتْ بطرفها نحو الأنصار ، الطَّرْفُ ـ بالفتح ـ مصدر طَرَفَ ، يقال : «طَرَفَتْ عينُ فلان» إذا نظرت وهو أن ينظر ثمّ يُغمِضَ . والطَّرْفُّ ـ أيضا ـ : العينُ .
فقالت : يا معاشرَ الفِتْيَة ، المَعْشَرُ : الجماعة . والفِتْيَةُ بالكسر ۵۰۲ جمعُ فتى ، وهو الشابّ والكريم والسخيّ ، وفي بعض الروايات : «يا معشرَ البقيّة» . ۵۰۳
وأعضادَ المِلَّة ، الأعضادُ جمعُ عَضُد ـ بالفتح ـ أي الأعوان والأنصار ، يقال عَضَدْتُه كنصرته لفظا ومعنىً ، وأنصارَ ۵۰۴ الإسلام .
ما هذه الغَمِيزةُ في حقّي؟! الغميزة هي الطعن ۵۰۵ ، والضعف في العمل والجَهْلَة ۵۰۶ في العقل ، وفي بعض الروايات ۵۰۷ بالراء المهملة من ۵۰۸ قولهم : «غَمِرَ عليَ» أي حَقَدَ وضَغَنَ ، أو من الغمر بمعنى الستر . وفي بعضها ۵۰۹ : «ما هذه الفَترة» ـ بالفاء المفتوحة وسكون التاء ـ وهي السكون .
والسِّنَةُ عن ظُلامَتي ، السِّنَةُ ـ بالكسر ـ مصدرُ وَسِنَ يَوسَنُ ـ كعلم يعلم ـ وَسْنا وسِنَةً ، وهي أوّل النوم والنوم ۵۱۰ الخفيف ، والهاء عوض ۵۱۱ عن الواو . والظُّلامة ـ بالضمّ ـ كالمظلمة ۵۱۲ ـ بالكسر ـ : ما أخذه الظالمُ منك فتطلبه عنده .
أما كان رسولُ اللّه ۵۱۳ أبي يقول : «المرء يُحفظ في ولده»؟! سَرعانَ ما أحدثتُم! وعَجلانَ ذا إهالَةً! سَُِرعان ـ مثلثة السين ـ وَعجلان ـ بفتح العين ـ كلاهما من أسماء الفعل بمعنى سَرِعَ وعَجِلَ ، وفيهما معنى التعجّب ، أي ما أسرع ما أحدثتم من البدع والفتن! وما أعجل ما أهلتم! والإهالةُ ـ بكسر الهمزة ـ : الوَدَك ، وهو دَسَم اللحم ، وفي القاموس :
قولهم : «سرعانَ ذا إهالة» أصلُه أنّ رجلاً كانت له نعجبةٌ عَجفاءُ وكان رُغامُها (وهو ما يسيل من الأنف) ۵۱۴ يَسيل من مَنْخِرَيْها لهُزالِها ، فقيل له : ما هذا الذي يسيل؟ فقال : ودكُها . فقال السائل : «سرعانَ ذا إهالةً» ، و«نَصَبَ» إهالة على الحال ، و«ذا» إشارة إلى ۵۱۵ الرغام ۵۱۶ ، أو تمييز على تقدير نقل الفعل كقولهم : تصبّب زيدٌ عَرَقا . والتقدير : سَرعان إهالةُ هذه ، وهو مَثَلٌ يُضرب لمن يُخبِر بكينونةِ الشيء قبل وقته ۵۱۷ . انتهى .
ولعلّ المثل كان بلفظ «عجلان» أيضا مع أنّهما مترادفان ، وغرضها عليها السلام ۵۱۸ التعجّب من تعجيل الأنصار ومبادرتهم إلى إحداث البدع وترك السنن والأحكام والتخاذل عن نصرة الحقّ و إعانةِ عترة النبيّ الأطهار مع قرب عهدهم وعدم نسيانهم ما أوصاهم به فيهم وقدرتهم على نصرتها وأخذ حقّها ممن ظلمها .
ولكم طاقةٌ بما اُحاوِلُ ، وقوّةٌ ۵۱۹ على ما أطْلُبُ واُزاوِلُ ، الواو للحال ، والجملتان حاليتان أتقولون : مات محمّد صلى الله عليه و آله ؟ فخَطْبٌ جليلٌ استَوْسَعَ وَهْيُهُ ۵۲۰ و ۵۲۱ الخَطْب ـ بالفتح ـ الشأن . والوَهْي ـ كالرمي ـ : الشَّقُّ والخَرقُ ، يقال : «وَهي الثوبُ» إذا بَليَ وتَخَرَّق .
واستوسع ۵۲۲ واسْتَنْهَرَ ـ كاستفعل ـ مِن النَّهَر بمعنى السعة ، أي اتسع فَتْقُه أي شَقُّه ورَتْقُه ، وانفَتَقَ أي انشقّ رَتْقُهُ ، والضمائر المجرورات الثلاثة راجعة إلى الخطب .
وأظْلَمتِ الأرضُ لغيبته ، وكُسِفَتْ ۵۲۳ النجومُ ۵۲۴ أي ذهب نورها لمصيبته ، وهذان الضميران راجعان إلى النبيّ صلى الله عليه و آله ، وأكْدَتِ الآمالُ ، أكْدى فلانٌ ، أي بخل أو قلَّ خيرُه ، وخَشَعَتِ الجِبالُ ، واُضِيعَ الحريمُ ، حريم الرجل ما يحميه ويقاتل عنه ، واُزِيلَتِ الحُرْمَةُ وهي ما لا يَحِلُّ انتها كها عِنْدَ مماتِه ، فتلك واللّه ِ النازلةُ هي الشديدة الكُبرى ، والمصيبةُ العظمى الّتي لا مثلُها نازلةٌ ، ولا مثلُها بائقةٌ عاجلةٌ ، البائقة : الداهية ، أعلن بها كتابُ اللّه ـ جلّ ثناؤه ـ في أفنيتكم جمع فِناء ـ بكسر الفاء ككساء ۵۲۵ ـ : العرصةُ المُتَّسعة أمام الدار ونحوها وفي مُمساكم ومُصبحِكم بضمّ الميم فيهما ، مصدران وموضعان من الإصباح والإمساء هِتافا ـ بالكسر ـ أي صياحا وصُراخا ـ بالضم كغراب ـ : الصوت أو الشديد منه وتِلاوةً ـ بكسر التاء ـ أي قراءةً و إلحانا أي إفهاما ، يقال : ألْحَنَه القولَ أي أفهمه ، وقد يطلق على الغناء والطرب والتغريد .
ولَقَبْلَهُ بفتح اللام لام الابتداء ، أي ولما حَلَّ بأنبياء اللّه ورُسُلِه قبله من الموت والفناء ۵۲۶ حكمٌ فصلٌ أي مقطوع به لا ريب فيه ولا مَرَدَّ له ۵۲۷ ، أو قاطع فارق ۵۲۸ بين الحقّ والباطل ، وقضاءٌ حتمٌ ، الحتم ـ في الأصل ـ إحكام الأمر . والقضاء الحتم هو الذي لا يتطرّق عليه التغيير .
«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ» أي مضت و ماتت «مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ» فليس موته شيئا مبدعا «أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ» استفهام توبيخي ۵۲۹«انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَـبِكُمْ؟» ، الانقلابُ على العقب : الرجوعُ [ ال ]قهقرى ، والمراد به هنا الارتداد بعد الإيمان ، «وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىعَقِبَيْهِ» بأن يرتدّ بعد الإيمان «فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْـئا» بل ۵۳۰ إنّما أضرّ نفسه ، «وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّـكِرِينَ»۵۳۱ أي المطيعين المعترفين بالنعم الحامدين عليها .
وارتباط هذه الفقرات من قولها عليهاالسلام : «أتقولون : مات محمّد صلى الله عليه و آله » إلى هنا ۵۳۲ يحتاج إلى تأمّل .
وعن بعض الأماثل أنّه قال في ذلك : اعلم أنّ الشبهة العارضة ۵۳۳ للمخاطبين بموت النبيّ صلى الله عليه و آله إمّا عدم تحتّم العمل بأوامره وحفظ حرمته في أهله لغيبته ۵۳۴ ؛ فإنّ العقول الضعيفة مجبولة على رعاية الحاضر أكثر من الغائب ، وإنّه إذا غاب عن أبصارهم ذهب كلامه عن أسماعهم ، ووصاياه عن قلوبهم ، فدفع هذه الشبهة ما أشارت إليه صلوات اللّه عليها من إعلان اللّه ـ جلّ ثناؤه ـ و إخباره بوقوع ۵۳۵ تلك الواقعة الهائلة قبل وقوعها ، وأنّ الموت ممّا قد نزل بالماضين من أنبياء اللّه ۵۳۶ ورسله ۵۳۷
تثبيتا للاُمّة على الإيمان ، و إزالةً لتلك الخصلة الذميمة عن نفوسهم .
ويمكن أن يكون معنى الكلام : أتقولون : مات محمّد صلى الله عليه و آله وبعد موته ليس لنا زاجر ولا مانع عمّا نريد ، ولا نخاف أحدا في ترك الانقياد للأوامر وعدم الانزجار عن النواهي ؟! ويكون الجواب حينئذٍ ما يستفاد من حكاية قوله سبحانه وتعالى : «أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ» الآية ، لكن مدخلية إعلان اللّه ۵۳۸ و إخباره بموت الرسول ۵۳۹ في الجواب يحتاج إلى تكلّف .
ويحتمل أن تكون شبهتهم عدم تجويزهم الموت على النبيّ صلى الله عليه و آله كما أفصح عنه عمر بن الخطاب بقوله : «كلّا إنّ محمّدا ما مات ولا يموت» وبعد تحقّق موته عرض لهم شكّ في الإيمان ووهنٌ في الأعمال ، فلذلك خذلوها وقعدوا عن نصرتها ، وحينئذٍ فمدخلية حديث الإعلان ۵۴۰ وما بعده في الجواب واضح .
وعلى التقادير لا يكون قولها عليهاالسلام : «فخطب جليل» داخلاً في الجواب ، ولا مقولاً لقول المخاطبين على الاستفهام التوبيخي ، بل هو كلام مستأنف لِبَثِّ الحزن والشكوى ، بل يكون الجواب ما بعد قولها ۵۴۱ : «فتلك واللّه النازلة الكبرى» ، ويحتمل أن يكون مقولاً لقولهم ، فيكون حاصل شبهتهم أنّ موته صلى الله عليه و آله الّذي هو أدهى الدواهي قد وقع ، فلا يبالي بما وقع بعده من المحظورات ، فلذلك لم ينهضوا ۵۴۲ بنصرها والانتصاف ممّن ظلمها ، ولمّا تضمّن ما زعموه كون مماته صلى الله عليه و آله أعظم المصائب سلّمت عليهاالسلام أوّلاً في مقام جواب ۵۴۳ تلك المقدّمة ، لكونها محض الحقّ ، ثمّ نبّهت على خطائهم ـ في أنّها مستلزمة لقلّة المبالاة بما وقع ، والقعود عن نصرة الحقّ ، وعدم اتّباع أوامره صلى الله عليه و آله ـ بقولها ۵۴۴ : «أعلن بها كتاب اللّه » ۵۴۵ إلخ ، فيكون حاصل الجواب أن اللّه ۵۴۶ قد أعلمكم ۵۴۷ بها قبل الوقوع ، وأخبركم ۵۴۸ بأنّها سنّة ماضية في السلف من أنبيائه ۵۴۹ ، وحذّركم الانقلاب على أعقابكم كي لا تتركوا العمل بلوازم الإيمان بعد وقوعها ، ولا تهنوا عن نصرة الحقّ وقمع الباطل ، وفي تسليمها ۵۵۰ ما سلّمتْه ۵۵۱ أوّلاً ۵۵۲ دلالة على أنّ كونها أعظم المصائب ممّا يؤيّد وجوب ۵۵۳ نصرتي ؛ فإنّي أنا ۵۵۴ المصابة بها حقيقة و إن شاركني فيها ۵۵۵ غيري ، فمن نزلت به تلك النازلة الكبرى فهو بالرعاية أحقّ وأحرى .
ويحتمل أن يكون قولها عليهاالسلام : «فخطب جليل» من أجزاء الجواب ، فتكون شبهتهم بعض الوجوه المذكورة ، أو المركّب من بعضها مع بعض ، وحاصل الجواب حينئذٍ ۵۵۶ أنّه إذا نزل بي مثل تلك النازلة الكبرى ـ وقد كان اللّه تعالى أخبركم بها [ وأمركم ]أن لا ترتدّوا بعدها على أعقابكم ـ فكان الواجب عليكم دفع الضيم عنّي والقيام بنصرتي ، ولعلّ الأنسب بهذا الوجه [ ما في ] رواية [ ابن أبي طاهر ] ۵۵۷ : «وتلك نازلة» بالواو بدل الفاء .
ويحتمل أن لا تكون الشبهة العارضة للمخاطبين مقصورة على أحد الوجوه المذكورة ، بل تكون الشبهة لبعضهم بعضا وللآخرين اُخرى ، وتكون كلّ مقدّمة من مقدّمات الجواب إشارة إلى دفع واحدة منها .
وقيل ۵۵۸ : يحتمل أن لا تكون هناك شبهة حقيقة ، بل يكون الغرض أنّه ليس لهم في ارتكاب تلك الاُمور الشنيعة حجّة ومتمسّك ، إلّا أن يتمسّك أحد بأمثال تلك الاُمور الواهية الّتي لا يخفى على أحد بطلانها ، وهذا شائع في الاحتجاج .
أيها ـ بفتح الهمزة والتنوين ـ بمعنى هيهات ، بني قَيْلَةَ منادى حُذف منه حرف النداء ، وبنو قيلة : الأوس والخزرج قبيلتا ۵۵۹ الأنصار ، وقَيلة ـ بالفتح ـ اسم اُمٍّ لهم قديمة ، وهي قيلة بنت كاهل .
أاُهْضَمُ تُراثَ أبِي ۵۶۰ ؟ يقال : «هَضَمَهُ حقَّه فاهتضمه ۵۶۱ » إذا ظلمه وكسر عليه حقَّه . والتراث ـ بالضمّ ـ الميراث ، وأصل التاء فيه واو ، وأنتم بمَرأىً منّي ومَسْمَعٍ؟! أي بحيث أراكم وأسمعكم ، وفي بعض الروايات ۵۶۲ «منه» بدل «منّي» أي من النبيّ صلى الله عليه و آله .
ومبتدءٍ ومجمعٍ ، المبتدأ في أكثر النسخ بالباء الموحّدة مهموزا ، فلعلّ المعنى أنّكم في مكان ۵۶۳ يبتدأ منه الاُمور والأحكام ، وفي بعض الروايات : «منتدىً» ۵۶۴ بالنون غير مهموزة ۵۶۵ بمعنى المجلس ۵۶۶ ، فيكون المجمع كالتفسير ۵۶۷ له ، ويكون الغرض الاحتجاج عليهم بالاجتماع الذي هو من أسباب القدرة على دفع الظلم ، والمبتدأ والمجمع ۵۶۸ غير موجودين في بعض الروايات . ۵۶۹
تَلبَسُكم ـ على بناء المجرّد ـ أي تغطّيكم وتحيط بكم الدعوةُ وهي المرّة من الدعاء ۵۷۰ أي النداء ، وتَشْمَلُكم الخَبْرةُ ـ بالفتح ـ من الخُبر ـ بالضمّ ـ بمعنى العلم أو ۵۷۱ الخِبرَة ـ بالكسر ـ بمعناه . والمراد بالدعوة نداء المظلوم للنصرة ، وبالخبرة علمهم بمظلوميّتها ، والتعبير بالإحاطة والشمول للمبالغة أو للتصريح بأنّ ذلك قد عمّهم جميعا .
وأنتم ذَوُوا العددِ الكثير والعُدَّةِ ـ بالضمّ ۵۷۲ ـ وهي ما يعدّ لحوادث الدهر من المال والسلاح ونحو ذلك ، والجمع عُدَد كغرفة ، والأداةِ وهي آلة الحرب ۵۷۳ من سلاح ونحوه ، والقُوَّة ، وعندَكم السِّلاحُ ـ بكسر السين ـ ما يقاتل به في الحرب و يدافع [ به ] ، والتذكير فيه أغلب من التأنيث ، ويجمع في التذكير على أسلحة ، وفي التأنيث على سلاحات ، والجُنَّةُ ـ بالضمّ والتشديد ـ السترة وما يتستّر به من سلاح ونحوه .
تُوافِيكم يقال : وافيته موافاة : أتيته الدعوةُ للنصرة فلا تُجِيبُون ، وتَأْتيكم الصَّرْخَةُ والاستعانة فلا تُغِيثُون ، وأنتم موصوفون بالكِفاحِ وهو استقبال العدوّ في الحرب بلا تُرسٍ ولا جُنّةٍ ، ويقال : «فلان يُكافِح الاُمور» أي يباشرها بنفسه معروفون بالخير والصلاح ، والنُّجَبَةُ الّتي انتُجِبَتْ ۵۷۴
] النُّجَبَة [كهُمَزَة وهو النجيب الكريم ، ويحتمل أن تكون بفتح الخاء المعجمة أو سكونها بمعنى المنتخب المختار ، والخِيَرَةُ الّتي اختِيرَتْ ۵۷۵ الخِيرةُ ـ كعِنْبَة ـ : المفضّلُ من القوم ، المختارُ منهم .
قاتلتم العربَ ، وتَحَمَّلْتم الكَدَّ وهو الشدّة في العمل والإلحاح في الطلب ۵۷۶ ، والتعبَ ، وناطحتم الاُممَ أي حاربتم ودافعتم بجدّ واهتمام الخُصوم والأعداء من كلّ اُمّة ، وكافحتم البُهَمَ ، المكافحة : التعرّض للدفع من غير توانٍ وضعف ، والبهم : الشجعان .
فلا نَبْرَحُ أو تَبْرَحون معطوف على مدخول النفي ، فالمنفيّ أحد الأمرين ، ولا ينتفي إلّا بانتفائهما معا ، فالمعنى ۵۷۷ لانبرح ولا تبرحون .
نَأْمُركم فتَأْتَمِرُون أي كنّا لم نزل آمرين وكنتم لنا مطيعين في أوامرنا ، وفي بعض الروايات ۵۷۸ بالواو ، فالعطف على مدخول النفي أيضا كما مرّ .
قيل : وفي عطفه على النفي إشعارٌ بأنّه قد كان يقع منهم براحٍ ۵۷۹ كما في غزوة اُحد وغيرها ، بخلاف أهل البيت عليهم السلام ؛ إذ لم يعرض لهم كلال عن الدعوة ]والهداية] . ۵۸۰
وفي بعض الروايات : «لا نبرح نأمركم» بترك المعطوف ، أيْ لم تزل عادتنا الأمر وعادتكم الائتمار ، وهو أظهر .
و في بعضها ۵۸۱ : «لا نبرح ولا تبرحون نأمركم» ، فيحتمل أن تكون «أو» في تلك النسخة بمعنى الواو ، أي لا نزال نأمركم ولا تزالون تأتمرون
حتى إذا دارت بنا أي بسببنا رحى الإسلام وهو كناية عن انتظام أمر الإسلام ، ودرَّ حَلَبُ الأيّام ، درُّ اللَّبنِ : جريانُه وكثرتُه ، والحَلْبُ ـ بالفتح ـ استخراجُ ما في الضَّرْع من اللَّبنِ ، وبالتحريك اللبن المحلوب .
وخَضَعَتْ أي ذلّت وخشعت ثُغْرَةُ الشركِ ـ بالثاء المثلثة المضمومة والغين المعجمة ـ وهي نُقْرَة النَّحر بَين التَّرقُوَتَين ، وحينئذٍ فخضوع ثغرة الشرك كناية عن محقه وسقوطه كالحيوان الساقط على الأرض .
وفي بعض النسخ : «نُعَرَةُ الشرك» ـ بالنون والعين والراء المهملتين ۵۸۲ ـ مثال هُمَزَة : الخَيشُوم وَالْخُيَلاء وَالكِبر ، أَوْ بفتح النون من قولهم : «نَعَرَ الْعِرْقُ بِالدَّم» أَيْ فارَ ، فيكون الخضوع بمعنى السكون .
وسَكَنَتْ ۵۸۳ فَورَةُ الإفْكِ ـ بالكسر ـ الكذب ، وفَورته : غَلَيانه وَهَيَجانه ، وخمدتْ نيرانُ الكفرِ ، خَمَدَتِ النارُ ، أيْ سَكَنَ لهبُها وَلَمْ يَطْفَأْ جَمْرُها ، وفيه إشعار بنفاق بعضهم وبقاء مادّة الكفر في قلوبهم .
وهَدَأَتْ أي سكنت دعوةُ الهَرجِ ، الهَرجُ هو الفتنة والاختلاط ، واسْتَوسَقَ أي اجتمع وانضمّ ، من الوَسَق ـ بالفتح ـ وهو ضمّ الشيء إلى الشيء ، واتّساقُ الشيء : انتظامه ، نظامُ الدين .
فأنَّى جُرتم بعدَ البيان؟ كلمة «أنّى» ظرف مكان بمعنى أين ۵۸۴ ، وقد تكون بمعنى كيف . وجرتم إمّا ۵۸۵ بالجيم ۵۸۶ مِن الجَور ، وهو المَيل عن القَصد والعدولُ عن الطَّرِيقِ ، أيْ لماذا تركتم سبيل الحق بعد ما تبيّن لكم؟ أو بالحاء المهملة ۵۸۷ المضمومة من الحور بمعنى الرُّجوع أو النقصان ، يقال : «نَعوذ باللّه من الحَور بعد الكَور» أيْ مِن النقصان بعد الزيادة ، و إمّا بكسرها مِن الحَيْرة .
وأسْرَرتُم النصر والإعانة بعدَ الإعلانِ بهما ، ونَكَصْتُم ؛ النُّكوصُ : الرجوع إلى خلف ، أي رجعتم عن الإسلام أو الإيمان أو الجهاد بعدَ الإقدام عليه ، وأشركتم بعدَ الإيمان «أَلَا تُقَـتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ۵۸۸أَيْمَـنَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»۵۸۹ . نَكَثَ العَهْدَ ـ بالفتح ـ نَقَضَه .
والأيمانُ ـ جمع اليمين ـ وهو القَسَم .
والمشهور بين المفسّرين أنّ الآية نزلت في اليهود الذين نقضوا عهدهم وخرجوا مع الأحزاب وهمّوا بإخراج ۵۹۰ الرسول ۵۹۱ من المدينة ، وبدؤُوا بنقض العهد والقتال .
والمرادُ بالقوم الناكثين في كلامها عليهاالسلام الغاصبون لحقّ أهل البيت ۵۹۲ ، الناقضون ما عهد إليهم الرسول ۵۹۳ حين بايعوه من الانقياد له في أوامره ۵۹۴ والانتهاء عند نواهيه ، وأن لا يضمروا ۵۹۵
له و ۵۹۶ لأهل بيته العداوة ، وأن لا يوذوا ۵۹۷ ذوي القربى ، وعزموا على إخراج مَن هو كنفس الرسول صلى الله عليه و آله وقائم مقامه عن مقام الخلافة .
ألا للتنبيه قد ۵۹۸ أرى بعيني أو أعلم أن قد ۵۹۹ أخلدتم أي ركنتم وملتم إلى الخَفْض ـ بالفتح ـ سعة العيش ، وأبعدتم مَن هو أحقُّ بالبَسطِ والقبض وهو أمير المؤمنين عليه السلام ، وأفعل التفضيل خارج عن بابه كما في قوله ۶۰۰ تعالى : «أذَ لِكَ خَيْرٌ» نزلاً «أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ» . ۶۰۱
وخَلَوتُم أي انفردتم واجتمعتم في الخلوة بالدَّعَةِ أي الراحة والسكون عن الجهاد والنصرة ، ونَجَوتُم مِن الضيقِ الحاصل من الجهاد والمخاصمة بالسعة ۶۰۲ فمججتم ما وَعَيْتُم ؛ يقال : «مجَّ الشرابَ مِن فِيه» أي رمى به . والوعي : الحفظ ، ودَسَعتم الذي تَسَوَّغتم ، والدَّسْع ـ كالمنع ـ الدفع والقيء و إخراج البعير جَرَّتَه إلى فيه . وساغ الشرابُ يَسُوغ سَوْغا ، إذا سَهُل مدخَلُه في الحلق .
وحاصل المعنى ۶۰۳ أنّكم إنّما تركتم أمير المؤمنين ۶۰۴ عليه السلام والحقّ مع وضوحه ، وخلعتم بيعته من رقابكم ، ورضيتم ببيعة غيره ؛ لعلمكم بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام يحملكم على الحقّ وهو مُرٌّ ، وأنّه لا يتهاون ولا يداهن في دين اللّه ، ولا تأخذه في اللّه ۶۰۵ لومة لائم ، ويأمركم بارتكاب الشدائد في الجهاد وغيره ، وتركِ ما تشتهون من زخارف ۶۰۶ الدنيا ، ويقسم بينكم [الفيء] ۶۰۷ بالسوية . ۶۰۸ و يعدل في الرعيّة ، ويساوي بين القويّ والضعيف والحقير والشريف ، وغيرُه سلس القياد ، مداهن في الدين ، يخالف اللّه برضا ۶۰۹ العباد ؛ فلذا رفضتم الإيمان ، وخرجتم إلى الكفر وطاعة الشيطان ، وخالفتم الرحمان .
ف «إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَ مَن فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا» من الثقلين فلا يضرّ ذلك إلّا أنفسكم ؛ «فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ» عن طاعتكم و إيمانكم «حَمِيدٌ»۶۱۰
أي مستحقّ للحمد في ذاته ، أو محمود تحمده الملائكة ، بل جميع الموجودات بلسان حالها .
ألا وقد قلتُ ما قلتُ من استنصاركم واستصراخكم وإقامة الحجج الشافية والبراهين الكافية والدلائل الوافية على ما ادّعيت على معرفةٍ ۶۱۱ منّي بالخذلة أي ترك النصرة الّتي خامَرَتْكم أي خالطَتْكم والغَدْرةِ وهي ضدّ الوفاء الّتي استشعرَتْها قلوبُكم ؛ يقال : استشعره ، أي لبسه ، والشِّعار : الثوبُ الملاصقُ للبدن .
ولكنّها فيضةُ النفسِ ، الفَيض ـ في الأصل ـ كثرة الماء وسَيَلانه ، يقال : «فاض الخبر» أي شاعَ ، و«فاض صدرُه بالسرِّ» أيْ باحَ به وأظهَرَه ، والمراد به ۶۱۲ هنا إظهار المضمر في النفس لاستيلاء الهمّ وغلبة الحزن .
ونَفْثَةُ الغيظِ ؛ النفثة شبيهة بالنفخة لفظا ومعنىً ، وقد يكون للمغتاظ ۶۱۳ تنفّس ۶۱۴ عالٍ تسكينا لحرّ القلب و إطفاء لنائرة الغضب .
وخَوَرُ القَنا ، الخَوَر ـ بالفتح والتحريك ـ : الضَّعف . والقَنا : جمع قَناة وهي الرُّمح ، ولعلّ المراد بخَوَر القنا ضعف النفس عن الصبر ۶۱۵ على الشدّة وكتمان الضرّ ، أو ضعف ما يعتمد عليه في النصر على العدوّ ، والأوّل أنسب .
وبَثّةُ الصَّدرِ ، البَثّ : النَّشر والإظهار ، والهَمُّ الّذي لا يَقدِر صاحبُه على كتمانه فيَبُثُّه أي يُفرِّقه .
وتَقْدِمَةُ الحُجَّةِ ، وهي إعلام الرجل قبل وقت الحاجة قطعا لاعتذاره بالغفلة . وحاصل المعنى أنّ استنصاري منكم وتظلّمي لديكم و إقامة الحجّة عليكم لم يكن رجاءً للعون والمظاهرة ، بل تسليةً للنفس وتسكينا للغضب و إتماما للحجّة ؛ لئلّا تقولوا يوم القيامة : «إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـذَا غَـفِلِينَ»۶۱۶
فَدُونَكُمُوها ، اسم فعل بمعنى خذوها ، وقد شبّهتْ عليهاالسلام ما غصبوه من الخلافة وسائر الحقوق بالناقة المهيّاة للركوب .
فاحتقِبُوها ؛ الحَقَبُ ۶۱۷ ـ بالتحريك ـ حَبْل يُشَدُّ به الرَّحلُ ۶۱۸ إلى ۶۱۹ بطن البعير ، يقال : «أحْقَبتُ البعيرَ» أي شَددتُه به ، فكُلُّ ما شُدَّ في مؤخَّر رحل ۶۲۰ أَوْ قَتَبٍ فقد احتَقبَ ۶۲۱
، ومِنه قيل : احتَقَبَ ۶۲۲ فُلانٌ الإثمَ كأنَّه جَمَعَه واحتَقَبَه مِن خَلْفه ، ولعلّه كان «أحتقبوها» ۶۲۳ ـ بصيغة الإفعال ـ أي شَدّوا عليها ذلك وهيّؤوها للركوب .
دَبِرَةَ الظَّهْرِ ؛ الدَّبَر ـ بالتحريك ـ : الجرح في ظهر البعير ، وقيل : جرحُ الدابّة مطلقا .
نَقِبَةَ الخُفِّ ، النَّقَب ـ بالتحريك ـ رقّة خفّ البعير .
باقيةَ العارِ لا زوال له ، موسومةً بغضبِ اللّه ِ ؛ يقال : «وَسَمْتُه وَسما وَسِمَةً» إذا أثَّرتَ فيه بِسِمَةٍ وكيٍ .
وشَنارِ أي عيب وعار الأبدِ ، موصولةً أي متّصلةً ب «نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» المؤجّجة على الدوام «الَّتِى تَطَّـلِعُ عَلَى الْأَفْـئدَةِ»۶۲۴ أي تُشرِف على القلوب بحيث يبلغها ألمها كما يبلغ ظواهر البدن ، وقيل : معناه أنّ هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر بخلاف نيران الدنيا .
فبعَينِ اللّه ِ ما تَفْعَلُون ، أي بعلمه أعمالكم ۶۲۵ وأفعالكم متلبّسة بعلم اللّه ۶۲۶ واطّلاعه كما يَعلم أحدكم ما يراه ويبصره ، «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَـلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»۶۲۷ أي ينقلبون أيَ انقلاب .
وأنا ابنةُ نذيرٍ لكم بينَ يَدَي عذابٍ شديدٍ ، أي ابنة من أنذركم بعذاب اللّه ۶۲۸ على ظلمكم ، فقد تمّت الحجّة عليكم .
فاعلموا «إِنَّا عَـمِلُونَ * وَ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ»۶۲۹ والأمر فيهما للتهديد كما في قوله تعالى : «اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ» . ۶۳۰
فأجابها أبو بكر عبدُ اللّه بن عثمان فقال : يا بنتَ رسولِ اللّه ِ ، لقد كان أبوك صلى الله عليه و آله بالمؤمنين عطوفا كريما رؤوفا رحيما ، وعلى الكافرين عذابا أليما وعقابا عظيما ، فإن عَزَوْناه أي نسبناه وجدناه أباكِ دونَ النساءِ ، وأخا لبعلك ۶۳۱ دونَ الأخلّاء آثَرَه أي آثر بعلك علي رسول اللّه صلى الله عليه و آله على كلِّ حميمٍ أي قريب ، وساعده في كلّ أمرٍ جسيم ، لا يُحبّكم إلّا كلُّ ۶۳۲ سعيدٍ ، ولا يُبْغضكم إلّا كلُّ شقيٍ ۶۳۳ ، فأنتم عترةُ رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله الطَّيِّبُون ، والخِيَرَةُ المنتجبون ، على الخير أدِلَّتُنا ، و إلى الجنّةِ مسالِكنا ، قدّم الظرف فيهما للاختصاص ، وأنتِ ـ يا خَيرَة النساءِ وابنةَ خيرِ الأنبياءِ ۶۳۴ ـ صادقةٌ في قولكِ ، سابقةٌ في وُفُورِ عقلك ، أي لا يسبقكِ أحد في وفور العقل وكثرته ، بل أنتِ سابقة ۶۳۵ في ذلك على كلّ أحد غير مردودةٍ عن حقِّكِ ، ولا مَصْدُودَةٍ عن صِدقك . وواللّه ِ ما عَدَوْتُ أي تجاوزت رأيَ رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ولا عَمِلتُ إلّا بإذنه ، و إنّ الرائدَ لا يَكذب أهله .
هذا مثل معروف ۶۳۶ استشهد به لصدق دعواه ۶۳۷ من الخبر الذي افتراه على النبيّ صلى الله عليه و آله ، والرائد : مَن يَتقدَّم القومَ يُبْصِر لهم الكَلأَ وَ مساقط الغيث ، جعل نفسه ـ لاحتماله الخلافة الّتي هي الرئاسة العامّة ـ بمنزلة الرائد للاُمّة الذي يجب عليه أن ينصحهم ويخبرهم بالصدق . ۶۳۸
و إنّي اُشهِدُ اللّه َ ۶۳۹ وكفى به شهيدا أنّي سَمِعْتُ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يقول : «نحن معاشرَ الأنبياءِ لا نُورِثُ ذهبا ولا فضّةً ولا دارا ولا عِقارا ، و إنّما نُورِثُ الكتبَ ۶۴۰ والحكمَة والعلمَ والنبوّةَ ، وما كان لنا مِن طُعْمَةٍ ، فلِوَليِ الأمرِ بعدَنا أَن يَحْكُمَ فيه بحكمه» ، فقد جعلنا ماحاولته ۶۴۱ في الكُراع والسلاح ؛ قال في النهاية : في حديث ابن مسعود : «كانوا لا يَحبِسون إلّا الكُراعَ والسلاح» الكُراع اسم لجميع الخيل ۶۴۲ يقاتل به ۶۴۳ المسلمون ، ويجاهدون الكُفّار ، ويُجالِدُونَ المَرَدةَ ؛ المجالدةُ : المضاربة بالسيوف ، ثمّ ۶۴۴ الفجّار ، وذلك أي جعلُ ولاية المسلمين له بعد النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى يكون أمر الطعمة إليه بإجماع من المسلمين ، وكأنّه يزعم أنّه لا يقدح خروجها وبعلها وابنيها وجماعة من بني هاشم عن هذا الإجماع لم أتفرّد به ۶۴۵ وحدي ، ولم أستبدّ أي لم أنفرد وأستقلّ بما كان الرأيُ فيه ۶۴۶ عندي ، وهذه حالي ومالي هي لكِ وبين يديكِ ، لا نَزْوي أي لا نقبض ولانصرف حالنا ومالنا عنكِ ، ولا ندّخر دونكِ ، وأنتِ سيّدةُ اُمّةِ أبيك ، والشجرةُ الطيِّبَةُ لبنيكِ ، لا يُدْفَعُ ۶۴۷ ما تحقّق لكِ مِن فضلك ، ولا يُوضَعُ مِن فرعِكِ وأصلِكِ أي لا تحطّ درجتك ، ولا ننكر فضل اُصولك وأجدادك وفروعك وأولادك ، حكُمكِ نافذٌ فيما مَلَكَتْ يداي ، فهل تَرَيْنَ ـ من الرأي بمعنى الاعتقاد ـ أن ۶۴۸ اُخالِفَ في ذلك أباكِ صلى الله عليه و آله ؟
فقالت عليهاالسلام : سبحانَ اللّه ! كلمة اُريد بها التعجّب ما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن كتاب اللّه صادفا أي معرضا ، ولا لأحكامه مخالفا ، بل كان يَتّبِعُ أثَرَه ؛ الأثر ـ بالتحريك وبالكسر ـ أثر القدم ، وهو كناية هنا عن الأخذ بأحكام القرآن وعدم مخالفته ، ويقفو أي يَتّبِعُ ۶۴۹ سُوَرَه جمعُ سورة ، وهي في الأصل كلّ منزلة من البناء ، ومنه سورة القرآن ؛ لأنّها منزلة بعد منزلة ، وتجمع على سُوَر بفتح الواو .
أفتجمعون وتميلون إلى الغدر وعدم الوفاء اعتلالاً عليه أي إبداءً للعلّة واعتذارا بالزور أي الكذب؟
وهذا الذي صدر عنكم بعدَ وفاتِه شبيهٌ بما بُغي أي طلب له من الغوائل أي المهالك والدواهي في حياته وأشارت صلوات اللّه عليها بذلك إلى قصّة عقبة الهرشى والدباب ومَن ارتقاها ممن انتسب إلى الأصحاب ، وهي عندهم مشهورة وفي كتبهم مسطورة ؛ رووها عن حذيفة . ۶۵۰
هذا كتابُ اللّه ِ حكما عدلاً لا جور فيه ، وناطقا فصلاً بين الحقّ والباطل لا ريبة تعتريه يقول : «يَرِثُنِى وَ يَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ»۶۵۱ و «وَرِثَ سُلَيْمَـنُ دَاوُودَ»۶۵۲ فبيّن عز و جل فيما وزّع أي قسّم عليه من الأقساط جمع قِسط ـ بالكسر ـ الحصّة والنصيب ، تريد عليها السلام بذلك تقسيم اللّه ۶۵۳ في كتابه الإرث بالنسبة إلى الأولاد والبنات وغيرهم .
وشَرّعَ مِن الفرائضِ والميراثِ ، وأباحَ مِن حظِّ الذُّكْرانِ والإناثِ ما أزاح ۶۵۴ أي أذهب وأبعد علَّةَ المُبطلين من ادّعائهم عدم توريث الأنبياء ، وأزال التظنّي أي إعمال الظنّ ، وأصله التظنُّن والشبهاتِ في الغابرين الغابر : الباقي ۶۵۵ ، وقد يطلق على الماضي كلّا ردع وزجر «بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا» والتسويل : تحسين ما ليس بحَسَن وتزيينُه وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله ، وقيل : هو تقدير معنىً في النفس على الطمع في تمامه .
«فَصَبْرٌ جَمِيلٌ» أي فصبري صبر جميلٌ ، أو فصبري جميل ۶۵۶ أجمل من الجزع الذي لا ينفع ، والصبر الجميل : الذي يقصدون به وجه اللّه تعالى «وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ»۶۵۷ من الزور والبهتان والافتراء .
فقال أبو بكر : صدَق اللّه ، وصدق رسوله ، وصدقتْ ابنته ، أنتِ مَعدِنُ الحكمة ، ومَوطِنُ الهدى والرحمةِ ، وركنُ الدين ، وعينُ الحُجّة ، لا اُبْعِد ۶۵۸ صوابَك ، ولا اُنْكِر خطابَك مصدر مضاف للفاعل ، هؤلاء المسلمون بيني وبينكِ قَلَّدونى ما تَقَلَّدْتُ من أمر الخلافة أو فدك ، وباتّفاقٍ منهم أخذتُ ما أخذتُ غيرَ مكابرٍ أي مغالب ولا مستبدٍّ ولا مُسْتَأثرٍ أي منفرد ، وهم بذلك شهود .
فالْتَفَتَتْ فاطمة عليهاالسلام إلى الناس وقالت : معاشرَ الناس المُسْرِعةَ إلى قيلِ الباطلِ .
القيل : بمعنى القول وكذا القال .
وقيل : القول في الخير ، والقيل والقال في الشرّ .
وقيل : القول مصدر ، والقيل والقال اسمان له .
المُغضيةَ على ۶۵۹ الفعلِ القبيحِ الخاسِر ؛ الإغضاء : إدناء الجُفون ، وأغضى على الشيء أي سكت ورضي به «أفلا تتدبّرون القرآنَ أم على قلوبٍ أقفالُها» ۶۶۰ وروي عن الصادق والكاظم عليهماالسلام أنّ المعنى «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ»۶۶۱ فيقضوا بما عليهم من الحقّ ۶۶۲ .
وتنكير القلوب لإرادة قلوب هؤلاء ومن كان مثلهم من غيرهم .
«كلّا بل رانَ أي طَبع وغَطّى على قلوبكم» ۶۶۳ ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ، ولبئس ما تأوّلتم ؛ التأوُّل والتأويل : التصيير والإرجاع ونقلُ الشيء عن موضعه ، ومنه تأويل الألفاظ ، أي نقلُ اللفظ عن الظاهر .
وساء ما به أشرتم ؛ الإشارة : الأمر بأحسن الوجوه في أمرٍ من الاُمور . وشرَّ ما منه اعتضتم ، وشرّ ـ كفَرّ ـ بمعنى ساءَ . والاعتياض : أخذ العِوَض والرضا به ، والمعنى : ساء ما أخذتم منه عوضا عمّا تركتم .
لَتجِدَنّ واللّه ِ مَحْمِلَه ثقيلاً ؛ المحمل ـ كمجلس ـ مصدر وغِبَّه وبيلاً ، الغِبُّ ـ بالكسر ـ : العاقبة . والوبال ـ في الأصْل ـ : الثقْل والمكروه ، ويُراد به في عُرف الشرع : عذابُ الآخرة . والعذاب الوبيل : الشديد .
إذا كُشِفَ لكم الغطاءُ ، وارتفع الغشاء بالموت ومفارقة العلائق البدنيّة والمودّ ۶۶۴ الجسمانيّة ، وبانَ لكم ماوراءه الضَّراء ؛ الضراء ـ بالفتح والتخفيف ـ : الشجر المُلتفُّ ـ كما مرّ ـ يقال : توارَى الصيدُ منّي في ضراء .
وبدا لكم مِن ربّكم ما لم تكونوا تَحتَسِبُون ، أي ظهر لكم من صنوف العذاب ما لم تكونوا أنتم تنتظرونه ، ولا تظنّونه واصلاً إليكم ولم يكن في حسبانكم .
«وَ خَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِـلُونَ»۶۶۵ أي أصحاب الباطل .
ثمّ عطفتْ على قبر النبيّ صلى الله عليه و آله وقالت ؛ وفي كشف الغمة : «ثمّ التفتت إلى قبر أبيها صلى الله عليه و آله متمثّلةً بقول هند ابنة اُثاثة» :
قد كان بعدك أنباء جمع نبأ بمعنى خبر وهَنْبَثَةٌ واحدة الهنابِث ، وهي الاُمور الشِّداد المختلفة ، والهَنْبَثَة : الاختلاط في القول والنونُ زائدة ، كما في النهاية ۶۶۶ .
لو كنتَ شاهِدَها لم تكثر ۶۶۷ الخُطَبُ ؛ الشهود : الحضور . والخَطْب ـ بالفتح ـ : الأمر الذي تقع ۶۶۸ فيه المخاطبة ، والشأن والحال .
إنّا فَقَدْناك فَقْد الأرضِ وابِلَها ؛ الوابل : المطر الشديد .
واخْتَلَّ قومُك فاشْهَدْهم فقد نكبوا ۶۶۹ ؛ يقال : نَكِبَ فلان عن الطريق ـ كنَصَر وفَرِح ـ أي عدل ومال وفي نهاية ابن الأثير : «فاشهدهم ولا تَغِبُ» ۶۷۰
وكلُّ أهلٍ له قربى ومنزلةٌ
عند الإله على الأدنين مُقترِبُ۶۷۱

القُربى ـ في الأصل ـ القرابة في الرَّحم . والمنزلة : المرتبه والدرجة ، ولا تُجمع . والأدنِين : هم الأقربون ، واقتَربَ ، أيْ تَقارَب ، وفيه زيادة مبالغة على «قَرُبَ» ، كما في «اقتَدَرَ» بالنسبة إلى «قَدَرَ» .
وقد صحّ تركيب البيت بوجوه :
الأول : ـ وهو الأظهر ـ ، أنّ جملة «له قربى» صفة ل «أهل» ، والتنوين في «منزلة» للتعظيم ، والظرفان متعلّقان بالمنزلة لما فيها من معنى الزيادة والرجحان ، و«مقترب» خبر ل « كل » ، أي ذو القرب الحقيقي ، أو عند ذي الأهل ، كلّ أهل كانت له مزيّة وزيادة على غيره من الأقربين عند اللّه تعالى .
والثاني : تعلّق الظرفين بقولها ۶۷۲ «مقترب» ، أي كلّ أهل له قرب ۶۷۳ ومنزلة من ذي الأهل فهو عند اللّه مقترب مفضّل على سائر الأدنين .
والثالث : تعلّق الظرف الأوّل ب «المنزلة» والثاني ب «المقترب» ، أي كلّ أهل اتّصف ۶۷۴
بالقربى بالرجل وبالمنزلة عند اللّه فهو مفضّل على من هو أبعد منه .
الرابع : أن يكون جملة «له قربى» خبر[ ا ] للكل ۶۷۵ ، و«مقترب» خبرا ثانيا ، وفي الظرفين تجري الاحتمالات السابقة ، والمعنى أن كلّ أهل نبيّ من الأنبياء له قرب ومنزلة عند اللّه ۶۷۶ ، ومفضَّل على سائر الأقارب عند الأُمّة .
أبْدَتْ رجالٌ لنا نجوى صُدورِهم
لمّا مضَيتَ وحالَتْ دونَك التُّرَبُ

الإبداء : الإظهار . والنجوى : الاسم مِن نَجَوتُه إذا سارَرتَه ، ونجوى صدورهم : ما أضمروه في نفوسهم من العداوة ولم يتمكّنوا من إظهاره في حياته[ صلى الله عليه و آله ] ،
وفي بعض النسخ : «فحوى صدورهم» ، فحوى القول : معناه ، والمآل واحد .
والتُرَب ـ بضمّ التاء وفتح الراء ـ جمع تُرْبة ؛ كما عن مصباح اللغة : التربة : المقبرة ، والجمع تُرَب مثل غُرفة وغُرَف . ۶۷۷
وحالَ الشيءُ بيني وبينك ، أى مَنَعَني مِن الوصول إليك .
ودونَ الشيء : قريبٌ منه .
تَجَهَّمَتْنا رجالٌ واستُخِفَّ بنا
لمّا فُقِدتَ وكلُّ الأرضِ مغتَصَبُ

التجهّم : الاستقبال بالوجه الكريه . والمغتصَبُ ـ على بناء المفعول ـ : المغصوب .
وكنتَ بدرا ونورا يُستضاءُ به
عليك تُنزَلُ مِن ذي العِزَّةِ الكُتُبُ

وكان جبريلُ بالآيات يُونسنا
فقد فُقِدْتَ فكلُّ۶۷۸الخيرِ مُحْتَجِبُ

على بناء الفاعل .
فليتَ قبلَكَ كان الموتُ صادَفَنا
لمّا مَضَيْتَ وحالتْ دونَكَ الكُثُبُ

يقال : صادفه ، أي وجده ولقيه ، والكُثُب ـ بالضمّتين جمع كثيب وهو التلُّ من الرمل .
إنّا رُزئنا بما لم يُرزَ ذوشَجَنٍ
من البريةِ لاعُجمٌ ولا عربُ

الرُّزء ـ بالضمّ مهموز[ ا ] ـ : المصيبة بفقد الأعزّة ، ورُزئنا على بناء المجهول .
والشَّجَن ـ بالتحريك ـ : الحزن . والعجم ـ بالضمّ وبالتحريك ـ خلاف العرب .
ثمّ انكفأتْ عليهاالسلام أي رجعت إلى محلّها وأميرُ المؤمنين عليه السلام الواو للحال ، أي والحال أنّه يتوقّع رجوعها إليه ويتطّلع طلوعها عليه ؛ يقال : «توقّعتُ الشيءَ واستوقعتُه» أي انتظرتُ وقوعَه . وطَلَعتُ على القوم : أتيتُم ، وَتَطَلُّع الطلوع : انتظاره .
فلمّا استَقَرَّت بها الدارُ أي سكنتْ كأنّها اضطربت وتحرّكت بخروجها ، أو على سبيل القلب كما هو شائع ، أي استقرَّتْ .
قالت لأمير المؤمنين عليه السلام : يا ابنَ أبي طالب ، اشتملتَ شَمْلةَ الجنينِ ، وقعدتَ حُجرةَ الظَّنينِ ؛ اشتمل بالثوب ، أي أداره على جسده كلّه ، والشَّمْلَة ـ بالفتح ـ كِساء يُشتمل به ، والشِّملة ـ بالكسر ـ هيئة الاشتمال ، والشملة إمّا مفعول مطلق من غير الباب كقوله تعالى : «أنبتكُم . . . نَبَاتًا»۶۷۹
أو في الكلام حَذف و إيصال .
وفي بعض الروايات ۶۸۰ : «مَشِيمة الجنين» ، وهو ۶۸۱ محلّ الولد في (الرحم والجنين الولد مادام في ۶۸۲ ) البطن والحُجرة ـ بالضمّ ـ حَظيرة الإبل ، ومنه حجرة الدار . والظنين : المتَّهَم ، والمعنى اختفيت عن الناس كالجنين ، وقعدت عن طلب الحقّ ، ونزلت منزلة الخائف المتّهم ۶۸۳ .
وفي بعض الروايات ۶۸۴ «الحجزة» ـ بالزاي المعجمة ـ ، وفي بعض النسخ : «قعدت ۶۸۵ حجزة الظنين» والحجزة : موضع شَدِّ الإزار ، ثُمَّ قيل للإزار : حُجزة للمجاورة ، كما في النهاية ۶۸۶ وفي القاموس نحوه وقال : شدَّة الحُجزة : كناية عن الصبر . ۶۸۷
نقضتَ قادمةَ الأجدلِ ، فخانَك رِيشُ الأعزل .
قَوادمُ الطَّير : مَقاديم ريشه وهي عَشر في كُلّ جَناح ، واحِدها قادمة . والأجدل : الصَّقَر . والأعزل : الذي لا سلاح معه .
قيل : لعلّها عليهاالسلام شبّهت الصقر الذي نقضت قوادمه بمن لا سلاح له ، والمعنى : تركت طلب الخلافة في أوّل الأمر قبل أن يتمكنّوا منها ويشيّدوا أركانها ، وظننت أنّ الناس لا يرون غيرك أهلاً للخلافة ، ولا يقدّمون عليك أحدا ، وكنت كمن يتوقّع الطيران من صقر منقوضة القوادم . ۶۸۸
وقيل ۶۸۹ : يحتمل أن يكون المراد أنّك نازلت الأبطال ، وخضت الأهوال ، ولم تبال بكثرة الرجال حتى نقضت شوكتهم ، واليوم غُلبتَ من هؤلاء الضعفاء والأراذل ، وسلّمتَ لهم الأمر ۶۹۰ ولا تنازعهم ، وعلى هذا ، الأظهر أنّه كان في الأصل : خاتك ـ بالتاء المثنّاة الفوقانية ـ فصحّف ، قال الجوهري : خات البازي واختات ، أي انقَضَّ لِيأخذه .
والخائتة : العُقاب اِذا انقَضَّت فسمعتَ صوتَ انقضاضها ، والخَوات دَويُ جَناح العُقاب ، وفي بعض الروايات ۶۹۱ : «نفضت» ـ بالفاء ـ وهو يويّد المعنى الأوّل .
هذا ابن أبي قُحافةَ ؛ قُحافة ـ بضمّ القاف وتخفيف المهملة ۶۹۲ ـ يَبْتَزُّني نحيلةَ ۶۹۳ أبي ؛ الابتزاز : الاستلاب وأخذُ الشيء بقهر وغَلَبة مِن البزّ بمعنى السَّلْب ، وَالنَّحيلة (بالنون والحاء المهملة فعيلة بمعنى مفعول من النِّحلة) ۶۹۴ ـ بالكسر ـ بمعنى الهِبة والعطيَّة عن طيب ۶۹۵ نفْس مِن غير مطالبة أو مِن غير عوَض .
وبُلغَةَ ابنيَ ؛ البُلْغَة ـ بالضمّ ـ ما يُتبلَّغ به مِن العَيش وَيُكتفى به ، وفي أكثر النسخ : «بُلَيْغَة» ـ بالتصغير ـ أيضا ، وابني إمّا بالتخفيف فالمراد به الجنس ، أو بالتشديد ۶۹۶ على التثنية .
لقد أجهر في خصامي ؛ إجهار الشيء : إعلانه . والخِصام ـ مصدر ـ كالمخاصمة ، ويحتمل أن يكون جمع خَصْم ، أي أجهر العداوة أو الكلام لي بين الخصام ، والأوّل أظهر .
وألفيتُه أي وَجَدتُه ألَدَّ في كلامي ؛ الأَلدُّ : الشديد الخصومة ، وليس فعلاً ماضيا ؛ فإنّ فعله على بناء المجرّد ، والإضافة في «كلامي» من إضافة المصدر إلى المفعول (أو إلى الفاعل) ۶۹۷ ، و«في» للظرفية أو السببية .
وفي بعض الروايات ۶۹۸ : «هذا بني أبي قحافة» إلى أن قالت : «لقد أجهد ۶۹۹ في ظلامتي ، وألدّ في خصامتي» .
حتى حَبَستني قَيلَةُ نصرَها ؛ قَيلة ۷۰۰ ـ بالفتح ـ اسم اُمٍّ قديمةٍ لقبيلتي الأنصار ، والمراد : بنو قيلة كما تقدّم ، ومنعَتني الطائفة المهاجرةُ وهم المهاجرون وصلَها أي عونها وغَضَّتِ الجماعةُ دوني طَرْفَها ؛ يقال غَضَّه : خفضه ۷۰۱ . والطَّرْف ـ بالفتح ـ العين .
فلا دافع ولا مانع لي منهم ، وزيد في بعض الروايات ۷۰۲ : «ولا ناصر ولا شَافع» .
خرجتُ كاظمةً ؛ كظَمَ الغيظ : تَجَرَّعه وصبر عليه .
وعُدْتُ راغمةً ؛ رَغَم فلانٌ ـ بالفتح ـ : إذا ذلَّ وعجز عن الانتصاف ممن ظلمه ، ولعلّ المراد من «كاظمة» الامتلاء من الغيظ الذي هو من لوازم الكظم ، ليناسب الخروج الظاهر في الخروج من البيت ، أو ۷۰۳ المراد الخروج من المسجد المعبّر عنه ثانيا بالعود .
أضْرَعْتَ خدَّك أي أذللتَ نفسك ، ونُسب إلى الوجه لظهور الذلّ عليه . وضَرَعَ الرجل ـ مثلّثة ـ أي خضع وذلَّ ، وأظهرُ أفراد الضراعة وضع الخدّ على التراب ، فلذا نسب إليه ، يومَ أضَعْتَ حدَّك ؛ إضاعة الشيء وتضييعه : إهماله و إهلاكه ، وحدُّ الرجل ـ بالحاء المهملة ـ : بأسُه وبَطْشُه ، وفي بعض النسخ جِدّك بالجيم ، أي تركتَ اهتمامك وسعيك .
وفي بعض الروايات ۷۰۴ : «فقد أضعتَ جدَّك يوم أضرعتَ خدَّك» .
افْتَرَسْتَ الذئابَ ، وافتَرَشْتَ الترابَ ؛ فَرَسَ الأسدُ فريستَه ـ كضرب ـ وافترسها : دقَّ عنقَها ، ويستعمل في كلّ قتل ، أي كنت تفترس الذئاب ، واليوم افترشتَ التراب ، ويحتمل على بُعد أن تكون التاء في «افترست» للتأنيث والذئاب فاعل ۷۰۵ ، أي وافترسَت الذئابُ الغاصبون ۷۰۶ الخلافةَ ۷۰۷ الّتي هي فريستك ، وقعدتَ عن طلب الخلافة ، ولزمتَ الأرض ، ويؤيّده ما في بعض النسخ : «افترسَت الذُّباب» ـ بالباءين الموحّدتين ـ جمع ذُبابة ، وفي بعضها : «افترست الذئاب وافترستك الذئاب» ، فتعيّن الخطاب في الأوّل .
ما كففتَ أي ما منعت قائلاً ، ولا أغْنيتَ أي لا صرفت ولا كففت باطلاً ، وفي بعض الروايات ۷۰۸ : «ولا أغنيت طائلاً» ، فالمراد بالغناء النفع . قال الجوهري : يقال : «هذا أمر لا طائل فيه» إذا لم يكن فيه غناء ومزيّة ۷۰۹ ، ولا خيارَ لي ، أي لستُ في خيار من أمري ، أو ۷۱۰ لا محيص لي عن الرفق والصبر .
يا ۷۱۱ ليتني مِتُّ قبلَ هَينَتي ـ بالهاء المفتوحة والياء المثنّاة من تحت والنون .
والهينة ـ بالفتح ـ : العادة في الرفق والسكون ، ويقال : «امشِ على هَينَتك» أيْ على رِسْلك ، والمعنى ليتني متّ قبل هذا اليوم الذي لا بدّ لي من الصبر على ظلمهم ، ولا محيص لي عن الرفق .
ودونَ زَلّتي ؛ الزَلَّة ـ بفتح الزاي ـ : الاسم مِن قولك : «زَلِلتُ في طين أو منطق» إذا زَلِقْتَ ، ويكون بمعنى السَّقْطة ، والمراد بها هنا عدم القدرة على دفع الظلم ، وفي بعض الروايات ۷۱۲ بالذال المعجمة ، وهو أظهر .
عَذيري أي عاذري ۷۱۳ ومعذري اللّه ُ منك أي من أجل الإساءة إليك و إيذائك حال كونك عاديا أى صارفا للمكاره عنّي أو متجاوز الحدّ في القعود عن نصري ۷۱۴ ومنك حاميا و«عذيرى اللّه ُ» مرفوعان بالابتدائيّة والخبريّة ، و«عاديا» إمّا من قولهم «عَدَوتُ فلانا عن الأمر» أي صَرفتُه عنه ، أو مِن العُدوانِ بمعنى تجاوُز الحدّ ، وهو حال عن ضمير المخاطب ، أي اللّه يقيم العذر من قِبلي في إساءتي إليك حال صرفك المكاره ودفع[ ك ] الظلم عنّي ، أو حال تجاوزك الحدّ في القعود عن نصرتي ، أي عذري في سوء الأدب تقصيرك في إعانتي والذبّ والحماية عنّي .
ويلاي في كلِّ شارقٍ ؛ قال في المجمع : ويل : كلمة تقال عند الهلكة : ويقال : ويل وادٍ في جهنّم لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حرّه . ۷۱۵ وفي الصحاح : ويلٌ : كلمةٌ مثل ويحٍ ، إلّا أنّها كلمة عذاب يقال : وَيلَهُ وويلَك وويلي ، وفي الندبة : ويلاه . قال : وتقول : ويلٌ لزيدٍ ، وويلاً لزيدٍ ، فالنصب على إضمار الفعل ، والرفع على الابتداء .
هذا إذا لم تُضِفه (فإذا أضفته) ۷۱۶ فليس إلّا النصب ؛ لأنّك لو رفعتَه لم يكن له خبر . ۷۱۷
ولعلّها عليهاالسلام جمعتْ هنا بين ألف الندبة وياء المتكلّم ، أو أنّها بصيغة التثنية مبتدأ والظرف خبر ، والمراد به تكرار الويل .
والشارق : الشمس ، أي عند كلّ شروق وطلوع صباح كلّ يوم .
مات العمدُ ـ بالتحريك وبالضمّتين ـ جمع العمود ۷۱۸ ، ولعلّ المراد ۷۱۹ به هنا ما يعتمد عليه في الاُمور (أو لأنّ الدين لا يقام إلّا به كما أنّ الخيمة لا تقوم إلّا بالعمود لا يقام العمود إلّا بالخيمة) ۷۲۰ ، ووَهَت ۷۲۱ العضد أي ضعفت وسقطت قوّته ، والعضد : المعين والناصر . شكواي إلى أبي ؛ الشكوى من قولك : شكوتُ فلانا شكاية .
وعدواي إلى ربّي ؛ العدوى : طلب المظلوم من الوالي أن ينتقم له ممّن ظلمه . اللَّهُمَّ أنت أشدُّ ۷۲۲
قوّةً وحولاً ؛ الحول : القوّة والحيلة والدفع والمنع ، والكلّ هنا محتمل .
وأحدُّ ۷۲۳ بأسا وتنكيلاً ؛ البأس : العذاب . والتنكيل : العقوبة ، وجَعْلُ الرجل نَكالاً وعبرةً لغيره .
فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام : لاويلَ عليكِ ۷۲۴ الويلُ ۷۲۵ لشانئكِ ، أي العذاب والشرُّ لمُبغضيك ، وفي رواية [ السيّد ] : «لمن أحزنكِ» .
نَهْنَهي ۷۲۶ عن وَجْدِكِ يا بنتَ الصفوةِ ۷۲۷ أي كفِّي عن غضبك . يقال : «نَهْنَهْتُ الرجلَ عن الشيء فتَنَهْنَه» أي كففتُه وزجرته فكفّ . والوَجْد : الغضب ، أي امنعي نفسَكِ عن الغضب . والصفوة ـ مثلّثة ـ : خلاصة الشيء وخياره .
فما وَنَيتُ عن ديني ، ولا أخطأتُ مَقْدُوري ؛ الونَى ـ كفتى ـ : الضعف والفتور والكَلال ، والفعل ـ كوَقَى يَقي . والخطأ : التجاوزُ . والمقدور : ما دخل تحت القدرة ، أي ۷۲۸ ما ضعفتُ ولا عجزت عن القيام بما أمرني به ربّي ، وما تركتُ ما دخل تحت قدرتي .
فإن كنتِ تُرِيدِين البُلْغَة ـ بالضمّ ـ ما يُتَبَلَّغ به من العيش فرزقُكِ مضمونٌ عند اللّه ۷۲۹ ، وكفيلُكِ مأمونٌ وهو اللّه تعالى ۷۳۰ ، وما اُعِدَّ وهيّئ لكِ من الثواب الجزيل والثناء الجميل والقرب لدى الجليل ومزيد التعظيم والتبجيل وما لا عين رأت ولا اُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر أفضلُ مما قُطِعَ عنكِ ، فاحْتَسبي اللّه َ أي اصبري وادّخري ثواب ذلك عند اللّه ۷۳۱ . والاحتساب : الاعتداد ، ويقال لمن يَنوِي بعلمه وجهَ اللّه تعالى : احتسَبه .
فقالت : حسبي اللّه ، وأمْسَكَتْ .
وربّما يخطر في بال كثير من الناس أنّ اعتراض فاطمة عليهاالسلام على أمير المؤمنين عليه السلام في ترك التعرّض للخلافة ، وعدم نصرتها ، وتخطئته فيهما ـ مع علمها بإمامته عليه السلام ، ووجوب اتّباعه وعصمته ، وأنّه لم يفعل شيئا إلّا بأمره تعالى ـ ممّا ينافي عصمتها وجلالتها .
واُجيب ۷۳۲ : بأنّ هذه الكلمات صدرت عنها لبعض المصالح ، ولم تكن واقعا منكِرة لما فعله ۷۳۳ عليه السلام ، بل كانت راضية ، و إنّما كان غرضها أن يتبيّن للناس قبح أعمالهم وشناعة أفعالهم ، وأنّ سكوته عليه السلام ليس لرضاه بما أتوا به .
ومثل هذا كثيرا ما يقع في العادات والمحاورات ، كما أنّ ملكا يعاتِب بعض خواصّه في أمر بعض الرعايا ، مع علمه ببراءته من جنايتهم ؛ ليظهر لهم عظم جرمهم ، وأنّه ممّا استوجب به أخصّ الناس بالملك منه المعاتبه .
ونظير ذلك ما فعل موسى عليه السلام «وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَـنَ أَسِفًا» من إلقائه الألواح ، وأخذِه برأس أخيه يجرّه إليه ، ولم يكن غرضه الإنكار على هارون ، بل أراد بذلك أن يعرّف القوم عظم جنايتهم وشدّة جرمهم .
وأمّا حمله على أنّ شدّة الغضب والأسف والغيظ حملتْها على ذلك ـ مع علمها بحقّية ما ارتكبه عليه السلام ـ فلا ينفع في دفع الفساد ، وينافي عصمتها وجلالتها الّتي عجزت عن إدراكها أحلام العباد .
وربما يقال أيضا : إنّ طلب الحقّ والمبالغة فيه و إن لم يكن منافيا للعصمة ، لكن زهدها عليهاالسلام وتركها للدنيا وعدم التفاتها إلى نعيمها ولذّاتها ، لا يناسب مثل هذا الاهتمام في أمر فدك ، والخروج إلى مجمع ۷۳۴ الناس ، والمنازعة مع المخالفين .
ويجاب بوجهين :
الأول : أنّ ذلك لم يكن حقّا مخصوصا لها ۷۳۵ ، بل يشترك فيه أولادها البررة الكرام ۷۳۶ ، فلم يكن يجوز لها المداهنة والمساهلة والمحاباة وعدم المبالاة في ذلك ، ليصير سببا لتضييع حقوق جماعة من الأئمّة الأطهار عليهم السلام .
نعم لو كان مختصّا بها ۷۳۷ كان لها تركه والزهد فيه [و عدم التأثّر من فوته] الثاني ـ وهو أقوى ـ : أنّ تلك الاُمور لم تكن لمحبّة فدك وحبّ الدنيا ، بل كان الغرض إظهار ظلمهم وجورهم وكفرهم ونفاقهم ، وهذا كان من أهمّ اُمور الدين وأعظم الحقوق على المسلمين .
ويؤيّده أنّها عليهاالسلام صرّحت في آخر الكلام حيث قالت ۷۳۸ : «قلت ما قلت على معرفة منّي بالخذلة» . الخ
وكفى بهذه الخطبة العجيبة بيّنة ۷۳۹ على نفاقهم وعنادهم .
يشيّد ذلك ويؤيّده ما رواه ابن أبي الحديد في الشرح عن الجوهري :
أنّ أبا بكر لمّا سمع خطبة فاطمة عليهاالسلام في فدك ۷۴۰ شقّ عليه مقالتها ، فصعد المنبر فقال : أيّها الناس ، ما هذه الرِّعة (إلى كلّ قالة! أين) ۷۴۱ كانت هذه الأماني في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ ألا مَن سمع فليقل ، ومن شهد فليتكلّم ، إنّما هو ثعالة شهيدُه ذَنبه ، مُربٍّ لكلّ فتنة ، هو الذي يقول : كرّوها جَذَعَة بعد ما هرمت ، يستعينون بالضعفة ۷۴۲ ويستنصرون بالنساء ، كأُمّ طِحال أحبّ أهلها إليها البغي . ألا إنّي لو أشاء أن أقول لقُلتُ ، ولو قلتُ لبحتُ ، إنّي ساكت ما تركت .
ثمّ التفت إلى الأنصار فقال : قد بلغني ـ يا معاشر الأنصار ـ مقالة سفهائكم ، وأحقّ من لزم عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنتم ، فقد جاءكم فآوَيتم ونَصرتم ، ألا و إنّي لستُ باسطا يدا ولسانا على مَن لم يستحقّ ذلك منّا . ثمّ نزل .
فانصرفتْ فاطمة عليهاالسلام إلى منزلها .
قال ابن أبي الحديد :
قرأتُ هذا الكلام على النقيب [ أبي يحيى جعفر بن ] يحيى بن أبي زيد البصريّ ، فقلت له : بمن يعرّض؟
فقال : بل يصرّح .
قلت : لو صرّح لم أسألك؟
فضحك وقال : بعليّ بن أبي طالب عليه السلام .
قلت : أهذا الكلام كلّه لعليّ ۷۴۳ عليه السلام [ يقوله ]؟!
قال : نعم إنّه المُلك يا بنّي!
قلت : فما مقالة الأنصار؟
قال : هتفوا بذكر عليٍ فخاف من اضطراب الأمر عليهم ۷۴۴ فنهاهم .
فسألته عن غريبه .
فقال : «ما هذه الرِّعَة» ـ بالتخفيف ـ أي الاستماعُ والإصغاءُ .
والقالَة : القول .
وثُعالة : اسم للثعلب ، عَلَمٌ غير مصروف ، مِثل ذُؤالة للذئب .
و«شهيده ذنبه» أي لا شاهد له على ما يدّعي إلّا بعضه وجزء منه ، وأصله مَثَل ، قالوا : إنّ الثعلب أراد أن يُغري الأسد بالذئب ، فقال : إنّه أكل الشاة الّتي أعددتُها لنفسك . ۷۴۵ قال : فمن يشهد لك بذلك؟ فرفع ذَنَبه وعليه دم ، وكان الأسد قد افتقد الشاة ، فقبل شهادته وقتل الذئب .
ومُرِبٌّ : ملازم ، أرِبَّ : لازَمَ ۷۴۶ بالمكان . وكرّوها جَذَعَة : أعيدوها إلى الحال الاُولى ، يعني الفتنة والهرج .
واُمّ طِحال : [ امرأةٌ ] بغيٌ في الجاهليّة ، فضرب بها المثل ، يقال أزنى من اُمّ طِحال ، ۷۴۷ انتهى . ۷۴۸
والحمد للّه أوّلاً وآخرا وظاهرا وباطنا ،
والصلاة (والسلام) ۷۴۹ على (خير خلقه) ۷۵۰
محمّد وآله الطاهرين .
وبعده في نسخة س :
وعجّل فرجهم تمّ تأليفه ... ۷۵۱ ذي القعدة الحرام سنة «1225» الخامسة والعشرين بعد المئتين وألف من الهجرة المشرّفة النبوّيّة على مشرّفها وآله الف ألف سلام وتحيّة . ۷۵۲

1.ما بين الهلالين من «س» .

2.س : و بعد

3.من «س»

4.س : «مشمونها»

5.س + : «ره»

6.الاحتجاج ، ج ۱ ، ص ۲۵۳ .

7.الطرائف ، ص ۲۶۳ .

8.كشف الغمة ، ج ۲ ، ص ۱۹۶ من كتاب السقيفة لأبي بكر الجوهري .

9.س : + «ره» .

10.الشافي ، ج ۴ ، ص ۶۹ .

11.س : + «ره» .

12.علل الشرائع، ص ۲۴۸، باب ۱۸۲، ح ۲ و۳ .

13.لاحظ مقدمة التحقيق .

14.في «م» : «أصحاب»!

15.كتاب السقيفة هو من الكتب المفقودة ، جمعه الشيخ هادي الأميني وصدرت عن مكتبة النينوى ، بطهران ، ونقلها عن كتاب السقيفة ابن أبي الحديد في شرح النهج (ج ۱۶ ، ص ۲۱۱) كما سيأتي ، وعلي بن عيسى الإربلي في كشف الغمة كما تقدّم .

16.نقلها عنه السيد المرتضى في الشافي ، ج ۴ ، ص ۶۹ ؛ والشيخ الطوسي في تلخيص الشافي ، ج ۳ ، ص ۱۳۹ .

17.بدل ما بين المعقوفين في «م» : «و»؟ ، وفي «س» : «وصاحب الفائق وغيرهم» بدل و«صاحب الفائق والحافظ وغيرهم» .

18.نقلها عنه السيد ابن طاووس في الطرائف ، ص ۲۶۳ .

19.لاحظ مقدمة التحقيق .

20.م : «محدّث عالم» .

21.قوله : «وغيرمصنّفاته» لا يوجد في المصدر ، ولكن ورد في نقل البحار (ج ۲۹ ص ۲۱۶) عن شرح النهج .

22.في «م» والمصدر المطبوع : «الحسين» وهو تصحيف .

23.في «س» و نقل البحار عن شرح النهج : «ابن خالات» ، وكذا كان أوّلاً في «م» ثمّ شطب عليها وكتب فوقها : «رجلان» .

24.ما بين الهلالين سقط من «م» والمصدر المطبوع ، وورد أيضا في نقل البحار عن شرح النهج .

25.في «م» : «الجعفي» وفي خ ل بهامشها : «الفجيعي» ، وكلاهما تصحيف .

26.في المصدر: بن وهو تصحيف .

27.في المصدر : «عمير» ، وهو تصحيف .

28.في «س» والبحار : زيد .

29.شرح نهج البلاغة ، ج ۱۶ ، ص ۲۱۰ ـ ۲۱۳ .

30.س : + «ره» .

31.الشافي ، ج ۴ ، ص ۶۹ .

32.مروج الذهب ، ج ۲ ، ص ۳۰۴ .

33.النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۷۳ .

34.بلاغات النساء ، ص ۲۳ .

35.انظر مقدمة التحقيق .

36.س : + «عليه السلام» .

37.م : + «عليها السلام» .

38.س : «و» .

39.سورة النور ، الآية ۳۱ .

40.سورة الأحزاب، الآية ۵۹ .

41.مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۲۳ .

42.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۷۳ .

43.س : «الحفود : الخدوم» .

44.م : «عن» .

45.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۲۰۲۶ .

46.النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۷۳ .

47.هنا في النسخة زيادة : «كقوله»؟

48.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۵۰ .

49.المثبت من «س» وهو موافق للبحار ، وفي «م» : «قدميها» .

50.س : + «صلّى اللّه عليه وآله» .

51.س : + «ص» .

52.س : + «عليها السلام» .

53.س : «عن» .

54.النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۷ .

55.س : + «عليها السلام» .

56.في هامش «م» : أنَّ أنّا وأنينا ، والمرّة أنّة . «۱۲» .

57.م : «أفزع» .

58.من «م» .

59.م : «لغيره» .

60.م : «بالبكاء» .

61.س : + «عليها السلام» .

62.في هامش «م» : هُنَيّةً بضمّ الهاء وفتح النون وتشديد الياء .

63.م : «الترجيع والبكاء» .

64.س + : «تعالى» .

65.المثبت من «س» والمصدر وفي «م» والبحار : «رسول اللّه » .

66.س : «من» .

67.س : + «ع» .

68.س : تنحصر .

69.النهاية ، ج ۱ ، ص ۶۳ .

70.في المصدر المطبوع : أولاها .

71.سورة إبراهيم ، الآية ۳۴ ؛ سورة النحل ، الآية ۱۸ .

72.م : «إلى» بدل «إذ» .

73.سورة إبراهيم، الآية ۷ .

74.م : «التوجيه» .

75.م : «يتمنّن» .

76.م : «امتنن» .

77.م : «النعمة التنعيم» .

78.م : «الإنعام» .

79.س : «لغيره» .

80.س : «يعقلها» .

81.م : «الشرك» .

82.س : «أن يكون» .

83.سورة يس ، الآية ۶۰ .

84.سورة الجاثية ، الآية ۲۳ .

85.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۱ ، ص ۵۶۲ ، ضمن ح ۲۸۵ ؛ تحف العقول ، ص ۴۵۶ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۹۴ ، ح ۳۰ وج ۲۶ ، ص ۲۳۹ ح ۱ وج ۷۲ ، ص ۲۶۴ ، ح ۱ .

86.سورة فصّلت ، الآية ۵۳ .

87.من «س» وسقطت من «م» .

88.م : «راجع» وهو تصحيف .

89.في المصدر : التفكّر .

90.م : «تعالى» .

91.سورة الأنعام، الآية ۱۰۳ .

92.س : + «تمتنع» .

93.في البحار : «صفته» .

94.س : + «تعالى» .

95.م : «بغاية» .

96.س : «بلا جارحة» .

97.س : + «تعالى» .

98.في النسخة هنا زيادة : «لأنّ الكل له بعض» ولم ترد في المصدرين .

99.الكافي ، ج ۱ ، ص ۸۳ ، ح ۶ ؛ التوحيد للصدوق ص ۱۴۴ ، باب ۱۱ ، ح ۱۰ ، وص ۲۴۵ ، باب ۲۶ ح ۱ ؛ وعنه بحار الأنوار ج ۴ ص ۷۰ ، ح ۱۵ وج ۱۰ ، ص ۱۹۵ ـ ۱۹۶ ح ۳ .

100.م : «في تقدير» .

101.م : ـ «والموادّ» .

102.س : + «ع» .

103.س : + «عزّ وجلّ» .

104.الكافي ، ج ۱ ، ص ۹۳ ، ح ۸ ، التوحيد للصدوق ، ص ۴۵۵ ، باب ۶۷ ، ح ۵ ؛ الاعتقادات للصدوق ، ص ۴۲ .

105.بحار الأنوار ، ج ۴ ، ص ۲۲۱ ، ح ۲ ، وج ۵۷ ، ص ۴۶ ح ۲۱ ، وص ۱۷۵ ، ح ۱۳۰ وج ۹۰ ، ص ۱۳۸ ، ح ۷ ، وفيه : «كوّن» بدل «خلق» .

106.س : + «تعالى» .

107.م : ـ «الشقّ» .

108.س : + «تعالى» .

109.في س و هامش م مع علامة ظاهر : «قدم» .

110.هذه الفقرة ليست في المصدر ، وليست أيضا في نقل البحار عن الاحتجاج ، ولكن ورد في شرح المجلسي .

111.س : «الإبداع» .

112.م : «وصفه» .

113.س : «للمصنوع» .

114.م : «على» .

115.م : ـ «صورته» .

116.س : «كلّاً» .

117.س : «قد يقال» .

118.م : ـ «له» .

119.س : «سبحانه و تعالى» .

120.س : + «تعالى» .

121.س : «يتعلّقان» . م : «تعلّقان» .

122.س : «تعلّقها» .

123.س : «فتعلّقها» .

124.من «س» وسقطت من «م» .

125.سورة الأنعام ، الآية ۱۰۷ .

126.س : + «سبحانه» .

127.م : «المقدرة والقوّة المنزّه» .

128.س : - «لم» .

129.م : «ينتبهون» .

130.م : - «تعالى» .

131.سورة الزمر ، آلآية ۱۶ .

132.م : - «عزّ وجلّ» .

133.سورة الذاريات ، الآية ۵۶ .

134.م : «أطباعهم» .

135.س : + «صلّى اللّه عليه وآله» .

136.س : «صلّى اللّه عليه وآله» .

137.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۲۰ ، ص ۲۵۵ ، ح ۲ ، وفيه «عزّا» بدل «فخرا» و «فخرا» بدل «عزّا» .

138.سورة الحجر ، الآية ۴۲ ، سورة الإسراء ، الآية ۶۵ .

139.م : «بالهدى و دين الحقّ والحقّ» .

140.في المصدر : اجتباه .

141.س : + «ص» .

142.م : «في» .

143.س : + «تعالى» .

144.س : + «واللّه » .

145.س : + «ع» .

146.علل الشرائع ، ص ۱۳۴ ، باب ۱۱۶ ، ح ۱ ؛ معاني الأخبار ، ص ۵۶ ، باب معاني أسماء محمّد وعلي و . . . ح ۴ ؛ أمالي الطوسي ، م ۷ ، ح ۹ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۵ ، ص ۱۱ ، ح ۱۲ و۱۴ ؛ ترتيب الأمالي ، ج ۲ ، ص ۱۷۴ . وفي هذه المصادر : بألفي عام .

147.م : + «عليهم السلام» .

148.س : «نورين» .

149.م : «ألف» .

150.معانى الأخبار ، ص ۳۵۱ ، باب معنى حمل النبيّ صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام . . . ، ح ۱ ؛ علل الشرائع ، ص ۱۷۴ ، باب ۱۳۹ ، ح ۱ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۵ ، ص ۱۱ ، ح ۱۳ ، و في هذه المصادر : بألفي عام .

151.س : + «ع» .

152.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۴۱ ، كتاب الحجّة ، باب مولد النبيّ صلى الله عليه و آله ، ح ۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۵ ، ص ۱۹ ، ح ۲۹ و ج ۲۵ ، ص ۳۳۹ ، ح ۲۱ و ص ۳۴۰ ، ح ۲۴ و ج ۵۷ ، ص ۶۶ ، و في ص ۱۲ عن الباقر عليه السلام .

153.كمال الدين ، ص ۳۳۵ ـ ۳۳۶ ، باب ۳۳ ، ح ۷ ؛ بحار الأنوار ج ۱۵ ، ص ۲۳ ، ح ۴۰ ، و ج ۲۵ ، ص ۱۵ ، ح ۲۹ .

154.س : + «تعالى» .

155.في هامش «م» : النيران جمع نار .

156.م : «الأحجار» .

157.م : «وتعبد» .

158.سورة الروم ، الآية ۳۰ .

159.التوحيد للصدوق ص ۳۳۱ ، باب ۵۳ ، ح ۹ ؛ الأمالي للسيد المرتضى ، ج ۲ ، ص ۸۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۲۷۹ ، ح ۱۱ وص ۲۸۱ ، ح ۲۲ ، وج ۳۹ ، ص ۳۲۸ وج ۶۱ ، ص ۱۸۷ وج ۶۷ ، ص ۱۳۳ و۱۳۴ و۱۳۵ وج ۸۶ ، ص ۱۱۸ .

160.س : + «سبحانه» .

161.م : «على» وهو تصحيف .

162.سورة يونس ، الآية ۷۱ .

163.في النسختين : الإرشاد .

164.في المصدر : فأنقذهم .

165.س : «العمي القلبي» .

166.سورة المائدة ، الآية ۷۱ .

167.سورة الأعراف ، الآية ۶۴ .

168.سورة طه ، الآية ۱۲۵ .

169.سورة الإسراء ، الآية ۷۲ .

170.م : + «له» وهو تصحيف .

171.انظر بحار الأنوار ، ج ۶ ، ص ۱۶۲ ـ ۱۶۳ ، باب سكرات الموت و شدائده ، ح ۳۱ و۳۲ .

172.كما في المصدر المطبوع وفي «م» : + «ص» .

173.في المصدر : من .

174.م : «الراحة» .

175.م : «ربّ» .

176.القاموس ، ج ۱ ص ۲۹۶ و۲۹۷ .

177.م : «سبيل» .

178.س : + «ص» .

179.ب : «الرسول» .

180.م : «الحقّ» وهو تصحيف .

181.كتب في «م» فوق ما بين «فيكم» و«عهد» لفظة «و» وهي وردت في بعض نسخ المصدر .

182.العنكبوت : ۴۹ .

183.م : «الدلالة التصريحيّة» .

184.م : «المقالة» .

185.سورة المطففين : الآية ۲۶ .

186.س : + «عزّ وجلّ» .

187.كما في المصدر المطبوع .

188.س : «أو» .

189.س : «و» .

190.س : + «تعالى» .

191.في النسختين : «أسرار» .

192.س : «عزّ من قائل» .

193.سورة التوبة ، الآية ۱۰۳ .

194.س : «عزّ من قائل» .

195.سورة الروم ، الآية ۳۹ .

196.الخصال ، ص ۸۴ ، باب الثلاثة ، ح ۱۰ ـ ۱۲ ؛ المحاسن ، ص ۳ ـ ۴ ، كتاب القرائن باب الثلاثة ح ۳ و۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۰ ، ص ۵ ـ ۷ باب المنجيات والمهلكات ، ح ۱ ـ ۳ و ۵ و ج ۷۲ ، ص ۳۱۴ ، ح ۱۳ وص ۳۲۱ ، ح ۳۷ ، و ج ۷۷ ، ص ۵۲ ، ح ۳و ص ۶۵ ح ۴ .

197.سورة الحشر ، الآية ۹ ؛ سورة التغابن ، الآية ۱۶ .

198.سورة إبراهيم ، الآية ۷ .

199.س : + «سبحانه» .

200.م : «إليها» .

201.س : «بكلمتي» .

202.س : - «الأحد» .

203.م : «الشرك» .

204.م : + «أي البيان» .

205.الكافي ، ج ۴ ، ص ۶۳ ، ح ۶ ؛ الخصال ، ص ۴۵ باب الاثنيين ، ح ۴۲ ؛ فضائل الأشهر الثلاثة ، ص ۱۳۴ ، ح ۱۴۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۹۶ ، ص ۲۴۹ ، ح ۱۴ و ص ۲۵۴ ـ ۲۵۷ ، ح ۲۸ و ۳۱ و ۳۵ و۲۴۱ ؛ ولاحظ شرح الحديث في مرآة العقول ، ج ۱۶ ، ص ۱۹۹ ـ ۲۰۱ .

206.س : «سبحانه وتعالى» .

207.م : - «النبي» .

208.بحار الأنوار ، ج ۲۳ ، ص ۶۳ ، ح ۳ و ج ۶۳ ، ص ۲۶۸ ، ح ۱۵۴ و ص ۳۲۹ و۳۳۱ ، و۳۳۲ و ج ۷۰ ، ص ۴۲ .

209.انظر وسائل الشيعة ، ج ۱۴ ، ص ۳۲۰ ومابعدها من كتاب الحجّ ، باب تأكّد استحباب زيارة النبيّ والائّمة عليهم السلام وخصوصا بعد الحج من ابواب المزار وما يناسبه .

210.س : + «ع» .

211.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۴۶۵ .

212.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ، كتاب الحجّة باب فرض طاعه الأئمة ، ح ۳ و۱۱ ؛ بحار الأنوار ، ج ۳۴ ، ص ۳۲۵ ح ۳۰۲ .

213.س : + «سبحانه» .

214.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ، ح ۶ ؛ تفسير العيّاشي ، ج ۱ ، ص ۲۴۷ ، ح ۱۵۵ و۱۵۸ ـ ۱۶۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۳ ، ص ۱۹۴ ، ح ۲۰ وص ۱۹۹ ، ح ۳۲ وص ۲۹۱ ، ح ۱۹ ؛ تفسير كنز الدقائق ، ج ۳ ، ص ۴۲۷ .

215.سورة النساء ، الآية ۵۴ .

216.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ، ح ۴ ؛ بصائر الدرجات ، ص ۳۵ ، باب ۱۷ ، ح ۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۹ ، ص ۱۹۴ ، ح ۳۷ وج ۲۳ ، ص ۲۸۷ ، ح ۸ وص ۲۹۱ ـ ۲۹۲ ، ح ۲۱ ـ ۲۳ .

217.سورة النساء ، الآية ۵۹ . ۸ . سورة المائدة ، الآية ۵۵ .

218.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۸۷ ، ح ۷ ؛ الاختصاص ، ص ۲۷۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۳ ، ص ۳۰۰ ، ح ۵۳ .

219.س : + «ع» .

220.م : «النفي» .

221.سورة الزمر ، الآية ۱۰ .

222.م : «ينتبهون» .

223.في هامش «م» : «السُخْط اسم من السخط» .

224.س : + «تعالى» .

225.م : «القرب» .

226.في المصدر : منسأة في العمر ومنماة للعدد .

227.س : «أو» .

228.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۵۰ ، باب صلة الرحم ، ح ۴ وورد أيضا بأسانيد اُخر ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۱۱ ، ح ۷۱ .

229.سورة البقرة ، الآية ۱۷۹ .

230.س : «لكثرة» .

231.سورة المائدة ، الآية ۹۰ .

232.س : + «تعالى» .

233.م : «رمي المحصنات المحصنة والمحصن» .

234.سورة النور ، الآية ۲۳ .

235.شطب على قوله : «عن أموال الناس» في «م» .

236.م : «النسخ» . وفي البحار : في الكشف .

237.سورة آل عمران ، الآية ۱۰۲ .

238.س : + «ره» .

239.س : «فلا ينسى» .

240.في المصدر : «فلا يعصى . . . فلا يكفر . . . فلا ينسى» .

241.س : + «ع» .

242.س : + «تعالى» .

243.س : + «أو» .

244.مجمع البيان ، ج ۲ ، ص ۸۰۴ ـ ۸۰۵ .

245.س : + «تعالى» .

246.سورة فاطر ، الآية ۲۸ .

247.س : + «تعالى» .

248.م : «بذالكم» .

249.م : «للّه » .

250.س : + «سبحانه وتعالى» .

251.س : + «ص» .

252.س : + «ص» .

253.س : + «سبحانه» .

254.س : + «تعالى» .

255.سورة الشورى ، الآية ۲۳ .

256.س : + «ص» .

257.صحيح البخاري ، كتاب النكاح ، باب ذبّ الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف ، ح ۵۲۳۰ (فتح الباري ، ج ۹ ، ص ۳۲۷) ؛ صحيح مسلم ، ج ۴ ، ص ۱۹۰۲ ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل فاطمة عليها الصلاةِ السلام ، ص ۹۳ ـ ۹۴ ، ح ۲۴۴۹ .

258.في النسختين : «رويا» وغيّرناه بما في المتن حيث لم اعثر عليه في صحيح البخارى وصحيح مسلم .

259.م : - «أيضا» .

260.الجامع الصحيح ، ج ۵ ص ۶۹۹ ، ح ۳۸۶۹ .

261.مشكاة المصابيح ، ج ۳ ، ص ۱۷۳۲ ، ح ۶۱۳۰ .

262.م : «طريق» .

263.س : + «ع» .

264.م : «أوجب» .

265.س : + «تعالى» .

266.ما بين الهلالين من «س» وسقط من «م» .

267.م : - «عليها السلام» .

268.س : - «صلى عليه وآله» .

269.۸ . س : + «ص» .

270.س : + «ع» .

271.س : «سبحانه» .

272.سورة التوبة ، الآية ۶۱ .

273.س : + «عزّ من قائل» .

274.سورة الأحزاب ، الآية ۵۷ .

275.س : + «تعالى» .

276.سورة الأحزاب ، الآية ۵۳ .

277.س : «ذنب» .

278.س : + «ص» .

279.س : «فلا يدلّ» .

280.س : + «ص» .

281.س : «فالجواب» .

282.م : «جهتين» .

283.س : «أوّلاً» .

284.م : «حديث» بدل «صحيح» .

285.م : - «فميتته» .

286.صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۱۴۷۷ ، ح ۱۸۴۹ (۵۵ ـ ۵۶) ؛ صحيح البخاري ، كتاب الفتن باب ۲ ، ح ۷۰۵۴ ، وكتاب الأحكام ، باب ۴ ، ح ۷۱۴۳ (فتح الباري ، ج ۱۳ ، ص ۵ وص ۱۲۱) ؛ جامع الاُصول ج ۴ ، ص ۶۹ ، ح ۲۰۵۲ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۷۵ ، وفي طبع المحقَّق برقم ۲۴۸۷ وفي تعليقه عن مصادر .

287.م : - «مات» .

288.صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۱۴۷۶ ، ح ۱۸۴۸ (۵۳) ؛ جامع الاُصول ، ج ۴ ، ص ۷۰ ، ح ۲۰۵۳ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۹۶ و۴۸۸ ، وفي طبع المحقّق برقم ۷۹۴۴ و۱۰۳۳ وفي تعليقه عن مصادر .

289.انظر صحيح البخارى ، كتاب فرض الخمس ، باب ۱ ، ح ۳۰۹۳ (فتح البارى ، ج ۶ ، ص ۱۹۷) ، وكتاب المغازي ، باب ۳۸ ، ح ۴۲۴۰ ـ ۴۲۴۱ ، وكتاب الفرائض ، باب ۳ ، ح ۶۷۲۶ ؛ صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۱۳۸۰ ، كتاب الجهاد والسير ، باب ۱۶ ، ح ۱۷۵۹ (۵۲) ؛ المصنَّف لعبد الرزّاق ، ج ۵ ، ص ۴۷۲ ، ح ۹۷۷۴ ؛ تاريخ المدينة لابن شبّة ، ج ۱ ، ص ۱۹۶ ـ ۱۹۷ ؛ تاريخ الطبري ، ج ۳ ، ص ۲۰۸ ؛ صحيح ابن حبّان ، ج ۱۱ ، ص ۱۵۳ ، ح ۴۸۲۳ ؛ مسند الشاميين للطبراني ، ج ۴ ، ص ۱۹۸ ، ح ۳۰۹۷ .

290.س : «مذهنة» .

291.م : - «بل رادّة عليهم» .

292.م : «ولا محيص» .

293.س : + «تعالى» .

294.س : + «ص» .

295.م : - «من» .

296.م : - «أدبه مطلقا» .

297.م : - «ومن غيركم» .

298.سورة التوبة ، الآية ۱۲۸ .

299.م : «بالاهتمام» .

300.في المصدر: تعرفوه . وفي س : «تعرفوه» وفوقها : «خ : وعرفتموه» .

301.م : «تعظيما وتوقيرا» .

302.سورة الحجر ، الآية ۹۴ .

303.م : + «النسخ و» .

304.في البحار : «وفي الكشف» .

305.في البحار : «وفي رواية ابن أبي طاهر» [ في بلاغات النساء ] .

306.سورة النحل ، الآية ۱۲۵ .

307.المثبت من «ب» وهو موافق للمصدر المطبوع و البحار وفي «م» : «ينكث» .

308.في البحار : وفي الكشف وغيره .

309.سورة الأنبياء ، الآية ۵۸ .

310.م : «و» .

311.في الكشف : مع .

312.۳ . س : + «ع» .

313.سورة آل عمران ، الآية ۱۰۶ .

314.س : - «بالباطل» .

315.س : + «رض» .

316.سورة آل عمران ، الآية ۱۰۳ .

317.الصواب : بالفتح . انظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۹۶۰ ؛ القاموس ، ج ۲ ، ص ۳۴۸ .

318.في هامش «م» : «الطَرْق كفلس» .

319.كما في المصدر المطبوع .

320.س : «ذا» .

321.سورة الأنفال ، الآية ۲۶ .

322.لم أجده في نهج البلاغة ، وورد في كشف المحجّة (ص ۲۳۷) عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل .

323.س : «الكبيرة والصغيرة» .

324.م : «أضعافا من ذلك» .

325.مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۳۷۲ .

326.م : «على صيغة» .

327.س : + «ص» .

328.م : «الشجعان» .

329.سورة المائدة ، الآية ۶۴ .

330.س : «المتعدّية» .

331.س : + «ع» .

332.۴ . س : + «تعالى» .

333.س : + «ص» .

334.فى المصدر : «سيّدا في» وكذا كتب في «م» لفظة «في» فوق «اولياء» .

335.س : + «ص» .

336.بعده في المصدر : لا تأخذه في اللّه لومة لائم .

337.م : - «من» .

338.سورة الدخان ، الآية ۲۷ .

339.في البحار : «وفي رواية ابن أبي طاهر» [ في بلاغات النساء ] .

340.س : + «في» .

341.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۲۰۸۰ .

342.في البحار : في الكشف .

343.م : + «و» .

344.مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۲۹۹

345.في المصدر : من .

346.كما في المصدر المطبوع .

347.س : - «للمرأة» .

348.س : «و» .

349.م : - «والياء» .

350.س : «عليهم» .

351.النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۷۶ وفيه : «عليهم» بدل «على أهله» .

352.م : - «به» .

353.س : + «لعنه اللّه » .

354.س : «رأسها» .

355.م : «للخداع» .

356.م : «بباطله» .

357.م : - «أي وجدكم» .

358.في البحار : في المناقب القديم .

359.س : «الإمامة والخلافة» .

360.س : «فأظهرتم» .

361.س : - «أنّ» .

362.سورة التوبة ، الآية ۴۹ .

363.م : «للبعيد» .

364.م : - «كما» .

365.شرح الكافية ، ج ۳ ، ص ۹۰ ، في مبحث أسماء الأفعال .

366.المثبت من «س» وهو موافق للبحار ، وفي «م» : + «فيهم و» .

367.م : «بجانبيه» .

368.م : قد خلّفتموها .

369.سورة المائدة ، الآية ۴۴ .

370.سورة الكهف ، الآية ۵۰ .

371.سورة آل عمران ، الآية ۸۵ .

372.س : + «ص» .

373.في المصدر : تشربون .

374.س : «بالخمر» وفي المصدر : الخمرة .

375.النهاية ، ج ۲ ، ص ۷۷ .

376.في المصدر : و أنتم الآن .

377.سورة المائدة ، الآية ۵۰ .

378.في المصدر : بلى قد تجلَّى .

379.سورة الحاقّة ، الآية ۱۹ ـ ۲۰ و۲۸ ـ ۲۹ .

380.اقتباس من سوره مريم ، الآية ۲۷ .

381.م : «بدعا» .

382.سورة النمل ، الآية ۱۶ .

383.في المصدر : إذ قال : فهب .

384.سورة مريم ، الآية ۵ ـ ۶ .

385.سورة مريم ، الآية ۵ ـ ۶ .

386.ما بين هلالين سقط من «م» .

387.من «م» .

388.سورة آل عمران ، الآية ۳۸ .

389.سورة الأنبياء ، الآية ۸۹ ـ ۹۰ .

390.أخذ هذه المطالب من البحار ، ج ۲۹ ، ص ۳۵۲ ـ ۳۵۴ كما هو ديدنه في شرح هذه الخطبة .

391.س : - «به» .

392.م : «بقوله» .

393.م : «فالأوّل» بدل «في الأوّل» .

394.م : - «دلالة» .

395.س : + «ع» .

396.ما بين الهلالين سقط من «س» .

397.في البحار : ولا يجوز العدول عن ظاهر اللفظ وحقيقته إلّا لدليل ، فلولم يكن في الكلام قرينة توجب حمل اللفظ على أحد المعنيين لكفى في مطلوبنا ، كيف والقرائن الدالّة على المقصود موجودة في اللفظ؟ أمّا أوّلاً . . . .

398.م : - «و» .

399.س : + «ع» .

400.س : + «سبحانه» .

401.س : + «ع» .

402.م : «الدنيا» .

403.س : «بعثه» .

404.س : + «ع» .

405.في البحار : قلنا .

406.م : «اموالهم» .

407.م : لئلّا يفسد بهما .

408.في البحار : قلنا .

409.س : + «ص» .

410.س : + «ص» .

411.م : ابن .

412.سورة الأنفال ، الآية ۷۵ .

413.سورة النساء ، الآية ۱۱ .

414.س : «عزّ من قائل» .

415.سورة البقرة ، الآية ۱۸۰ .

416.سورة النساء ، الآية ۷ .

417.في النسختين : «خالدا» .

418.في النسختين : «حدود اللّه فله» .

419.سورة النساء ، الآية ۱۳ ـ ۱۴ .

420.أخذها من البحار ، ج ۲۹ ، ص ۳۵۸ وما بعدها .

421.س : + «ص» .

422.م : «الضعف السند» .

423.م : «أبو بكر» .

424.نحوه في الكافي ، ج ۱ ، ص ۶۹ ، ح ۱ و۳ ـ ۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۴۲ ، ح ۳۷ ـ ۴۰ و۴۶ و۴۹ ـ ۵۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۸ ، ص ۷۸ ـ ۷۹ ، باب ۹ من أبواب صفات القاضي ، ح ۱۰ و۱۲ و۱۴ ـ ۱۵ ط المكتبة الإسلامية .

425.م : - «منكم» .

426.س : + «ع» .

427.س : «الخبر» .

428.س : + «ع» .

429.صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۱۳۷۸ ـ ۱۳۷۹ ، كتاب الجهاد والسير ، باب حكم الفيء ح ۱۷۵۷ (۴۹) ؛ جامع الاُصول ، ج ۲ ، ص ۷۰۱ ، ح ۱۲۰۲ .

430.س : + «ع» .

431.صحيح البخاري ، كتاب فرض الخمس ، باب فرض الخمس رقم ۳۰۹۴ (فتح الباري ، ج ۶ ، ص ۱۹۸) .

432.انظر ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق ، ج ۳ ، ص ۱۵۱ ـ ۱۵۳ ، ح ۱۱۶۹ ـ ۱۱۷۲ .

433.انظر ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق ، ج ۳ ، ص ۱۵۱ ـ ۱۵۳ ، ح ۱۱۶۹ ـ ۱۱۷۲ .

434.م : «من» .

435.س : «أو» .

436.س : - «عليها السلام» .

437.م : «الجاهلية» .

438.م : - «في مذاهبهم» .

439.س : + «ع» .

440.م : «إفنائها» .

441.م : - «من الأنبياء» .

442.م : + «ع» .

443.س : + «ص» .

444.۱۰ . م : + «ع» .

445.في «س» : «سائر الأنبياء استحقّهم فرقة في الناس» وهو تصحيف .

446.س : + «ع» .

447.م : - «اللّه تعالى» .

448.س : + «ع» .

449.م : «مع علوّهم قدر أخيهم وألقوه» .

450.س : «عشرون» .

451.س : «من أحد» .

452.س : - «والفرقان» .

453.م : - «و» .

454.م : «التواتر في ذلك» .

455.م : «التوافر» .

456.م : «فأنت» .

457.في البحار : في الكشف .

458.س : «آيتي» .

459.قال المحدّث البحراني في الدرر النجفيّة (ص ۲۷۲) بعد نقل هذا الكلام عن المجلسي : من المحتمل قريبا بل لعلّه الأقرب أنّ الضمير إنّما هو للخلافة ؛ فإنّ إشارة الخطبة وعباراتها كلّها ترجع إلى ذلك ، وهذا الحمل أنسب بقولها عليهاالسلام : تلقاك يوم حشرك .

460.سورة فصّلت ، الآية ۴۰ .

461.س : + «سبحانه» .

462.س : + «محمّد ص » .

463.في البحار : في بعض الروايات .

464.س : «والغريم محمّد «ص» أي طالب الحقّ» .

465.س : «و» .

466.سورة الأنعام ، الآية ۶۷ .

467.س : - «والعذاب» .

468.سورة هود ، الآية ۳۹ وسورة الزمر ، الآية ۴۰ .

469.م : - «عليها السلام» .

470.س : + «ص» .

471.م : - «عليها السلام» .

472.س : - «في ذلك» .

473.س : + «سبحانه» .

474.س : + «ص» .

475.س : + «ص» .

476.س : «وتصرّف» .

477.س : + «تعالى» .

478.س : + «ع» .

479.انظر مصادره في تعليقة البحار ، ج ۲۹ ، ص ۳۴۷ .

480.س : + «سبحانه» .

481.س : + «ص» .

482.س : «المسلمين» .

483.في المصدر : خالصا .

484.جامع الاُصول ، ج ۲ ، ص ۷۰۷ ، ح ۱۲۰۲ ولم يرد فيه : «قرى عرينة وفدك» .

485.۸ . س : + «ع» .

486.س : «قال» بدل «عن» .

487.س : «علينا» .

488.من «س» وسقط من «م» .

489.نهج البلاغة ، باب الكتب ، رقم ۴۵ .

490.۲ . س : + «ع» .

491.في النسخة : هم .

492.شرح نهج البلاغة ، ج ۱۶ ، ص ۲۳۰ .

493.م : - «بالكسر» .

494.كما في المصدر المطبوع .

495.في المصدر : حضنة .

496.س : «عوضا» .

497.س : «أو الجهل» وفي البحار : ضعفة وفي العمل وجهلة .

498.في البحار : في رواية ابن أبي طاهر .

499.م : في .

500.في البحار : في الكشف .

501.من «دس» . وفي البحار : «أو النوم» .

502.س : «عوضا» .

503.س : «كالظلمة» .

504.س : + «ص» .

505.ما بين الهلالين ليس في المصدر .

506.م : «على» وفي «س» كانت أوّلاً «على» ثمّ شطب عليها كاتب النسخة وأصلحها بما في المتن وهو موافق للبحار .

507.في المصدر : فقال السائل ذلك ونَصَبَ إهالةً على الحال ، أي سَرُع هذا الرُغامُ حالَ كونه إهالةً .

508.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۵۳ (مادة سرع) .

509.م : - «عليها السلام» .

510.س : «قدرة» .

511.في المصدر : وهنه .

512.م : - «و» .

513.المثبت من «س» والبحار ، وفي «م» : - «واستوسع» .

514.م : «انكسفت» .

515.في المصدر : كسفت الشمس والقمر ، وانتثرت النجوم .

516.س : - «ككساء» .

517.م : «والابتلاء» .

518.م : «به» .

519.م : «فاروق» .

520.م : «توبيخ» .

521.س : - «بل» .

522.سورة آل عمران : الآية ۱۴۴ .

523.س : - «إلى هنا» .

524.س : «القاضية» .

525.س : + «ص» .

526.م : «بوقوعه» .

527.س : + «تعالى» .

528.س : + «ع» .

529.س : + «سبحانه» .

530.س : + «ص» .

531.س : - «الإعلان» .

532.س : + «ع» .

533.م : «لم ينهض» .

534.المثبت من البحار وفي النسختين : الجواب .

535.س : + «ع» .

536.س : + «تعالى» .

537.س : + «سبحانه» .

538.س : «أعلن» .

539.س : + «تعالى» .

540.س : + «ع» .

541.س : + «ص» .

542.م : + «ع» .

543.م : - «أوّلاً» .

544.س : - «وجوب» .

545.م : - «أنا» .

546.م : - «فيها» .

547.س : - «حينئذٍ» .

548.ما بين المعاقيف من البحار .

549.هذا قول المجلسي في بحار الأنوار ، ج ۲۹ ، ص ۲۸۹ .

550.م : «قبيلة» .

551.م : «أبيه» .

552.م : «اهتضم» .

553.في البحار : في رواية ابن أبي طاهر .

554.س : «مكاره»!

555.كما في المصدر المطبوع .

556.م : «مهموز» .

557.في البحار : والأظهر أنّه تصحيف المُنْتدَى ـ بالنون غير مهموزة ـ بمعنى المجلس ، وكذا في المناقب القديم .

558.م : + تفسيرا .

559.في البحار: «واللفظان» بدل «المبتدأ والمجمع» .

560.في البحار : «في رواية ابن أبي طاهر» .

561.م : الداعي .

562.م : «و» .

563.م : «بالضمّة» .

564.م : «حرب» .

565.في المصدر : والنخبة التي انتخبت .

566.في المصدر : + لنا أهل البيت .

567.م : «التعب» وهو تصحيف .

568.م : - «فالمعنى» .

569.في البحار : في كشف الغمّة .

570.م : «تراخ منهم» .

571.نقله في بحار الأنوار ، ج ۲۹ ، ص ۲۹۲ من دون عنوان «قيل» ثمّ قال : بعيدٌ عن المقام ، والأظهر ما في رواية ابن أبي طاهر من ترك المعطوف رأسا .

572.م : «بعض النسخ» وفي البحار : في المناقب .

573.س : «المهملتان» .

574.في المصدر : سكتت .

575.م : - «بمعنى أين» .

576.م : - «إمّا» .

577.م : + «وهو» .

578.كما في المصدر المطبوع .

579.في المصدر : بعد الإيمان ، بؤسا لقوم نكثوا .

580.سورة التوبة ، الآية ۱۳ .

581.س : «بإضرار» .

582.س : + «ص» .

583.س : + «ع» .

584.س : + «ص» .

585.س : + «ص» .

586.س : «لا يضهروا» .

587.م : + «لا» .

588.م : أن يؤدّوا .

589.في المصدر : وقد .

590.م : - «قد» .

591.م : «كما قال» .

592.سورة الفرقان ، الآية ۱۵ .

593.في المصدر : نحوتم بالضيق من السعة .

594.س : - «المعنى» .

595.س : + «علي» .

596.م : - «في اللّه » .

597.م : «زخرف» .

598.من البحار .

599.م : «في السوية» .

600.في البحار : لإرضاء .

601.سورة إبراهيم ، الآية ۸ .

602.في المصدر : هذا على معرفة .

603.م : - «به» .

604.في النسخة : المغتاظ .

605.س : «نفس» .

606.م : - «عن الصبر» .

607.سورة الأعراف ، الآية ۱۷۲ .

608.م : - «ومنه قيل : احتقب» .

609.المثبت من البحار والصحاح ، وفي النسختين : «الرجل» .

610.م : «على» .

611.في النسختين : «رجل» .

612.في النسختين : «أحقب» .

613.م : ـ «ومنه قيل : احتقب» .

614.س : «أحقبوها» .

615.سورة الهمزة ، الآية ۶ ـ ۷ .

616.س : «فبعين اللّه أي بعلمه ما تفعلون أي أعمالكم» .

617.س : + «عزّ وجلّ» .

618.سورة الشعراء ، الآية ۲۲۷ .

619.س : + «تعالى» .

620.سورة هود ، الآية ۱۲۱ و۱۲۲ .

621.سورة فصّلت ، الآية ۴۰ .

622.في المصدر : وأخا إلفك .

623.في المصدر : ـ كلّ .

624.في المصدر : إلّا شقيّ بعيد .

625.س : + «ص» .

626.س : «السابقة» .

627.انظر المثل في جمهرة الأمثال ، ج ۱ ، ص ۳۸۵ ، رقم ۸۵۰ ؛ المستقصى في أمثال العرب ، ج ۲ ، ص ۲۷۴ ، رقم ۹۵۲ .

628.م : «دعوته» .

629.م : - «بالصدق» .

630.س : + «سبحانه وتعالى» .

631.في المصدر : الكتاب .

632.في النسختين : حاولتيه .

633.النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۶۵ .

634.في المصدر : بها .

635.في المصدر : ـ ثمّ .

636.في المصدر : لم أنفرد به .

637.في المصدر : ـ فيه .

638.م : «ما يدفع» وفي المصدر : لاندفع .

639.في المصدر : أنّي .

640.م : - «أي يتبع» .

641.انظر البحار ، ج ۲۱ ، ص ۲۲۲ ، ح ۵ وما بعدها .

642.سورة مريم ، الآية ۶ .

643.سورة النمل ، الآية ۱۶ .

644.س : + «عزّ وجلّ» .

645.في المصدر : أزاح به .

646.س : «السابق» .

647.في س : «فصبر جميل» ، وفي البحار : «الصبر الجميل» .

648.سورة يوسف ، الآية ۱۸ .

649.في المصدر : ولا اُبعد .

650.م : «إلى» .

651.اقتباس من الآية ۲۴ من سورة محمّد .

652.سورة النساء ، الآية ۸۲ ؛ سورة محمّد ، الآية ۲۴ .

653.مجمع البيان ، ج ۹ ، ص ۱۵۸ ذيل آية ۲۴ من سورة محمّد .

654.اقتباس من الآية ۱۴ من سورة المطففين .

655.م : «الموائد» .

656.سورة غافر ، الآية ۷۸ .

657.النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۷۸ .

658.م : «لم يكبر» .

659.س : «يقع» .

660.في س : «وقد نكبوا» وفي المصدر : «فاشهدهم ولا تغب» .

661.النهاية ، ج ۵ ص ۲۷۷ .

662.س : «تقترب» .

663.س : + «ع» .

664.س : «قربى» .

665.م : «متّصف» .

666.م : «لكل» .

667.س : + «سبحانه وتعالى» .

668.مصباح اللغة ، ص ۷۳ .

669.في المصدر : وكل .

670.سورة نوح ، الآية ۱۷ .

671.في البحار : في رواية السيّد .

672.س : «هي» .

673.من «س» وسقطت من «م» .

674.م : - «المتّهم» .

675.في البحار : في رواية السيّد .

676.في النسختين : «عقدت» والمثبت من البحار .

677.النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۴۴ .

678.القاموس ، ج ۲ ، ص ۲۴۵ .

679.المثبت من «م» و خ ل بهامش «س» وفي متنها «نقضت قوادمه» .

680.قائله المجلسي في البحار ، ج ۲۹ ، ص ۳۱۳ .

681.س : - «الأمر» .

682.في البحار : في رواية السيّد .

683.النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۴۴ .

684.في المصدر : نحلة .

685.من «س» وسقطت من «م» .

686.م : «طيبة» .

687.س : «التشديد» .

688.من «س» وسقطت من «م» .

689.في البحار : في رواية السيّد .

690.س : «أجهر» .

691.في النسخة : القيلة .

692.فى النسختين : «خفظه» .

693.في البحار : في رواية السيّد .

694.م : «و» .

695.في البحار : في رواية السيّد .

696.م : - «فاعل» .

697.م : «الغاصبين» .

698.في النسختين «الخليفة» وكانت اوّلاً في نسخة «س» «الخلافة» ثمّ شطب عليها وغير ب «الخليفة» .

699.في البحار : في رواية السيّد .

700.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۷۵۴ ـ ۱۷۵۵ .

701.س : «و» .

702.م : + «يا» .

703.في البحار : في رواية السيّد .

704.م : «عذاري» .

705.س : «نصرتي» .

706.مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۴۹۶ .

707.من «س» وسقطت من «م» .

708.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۸۴۶ .

709.س : «عمود» .

710.م : - «المراد» .

711.ما بين الهلالين من «س» وسقط من «م» .

712.في المصدر : وهن .

713.في المصدر: أشدّ منهم .

714.في المصدر : أشدّ .

715.في المصدر : لك .

716.في المصدر : بل الويل .

717.في المصدر : ثمّ نهنهي .

718.في المصدر وفي نقل البحار : + وبقيّة النبوّة .

719.س : - «أي» .

720.س : + «تعالى» .

721.س : «سبحانه عزّ وجلّ» .

722.س : + «عزّ وجلّ» .

723.المجيب المجلسي في البحار ، ج ۲۹ ، ص ۳۲۴ .

724.م : «منكرة لفعله» .

725.س : «تجمّع» .

726.۳ . س : + «ع» .

727.س : + «ع» .

728.س : + «ع» .

729.م : «تنبيها» .

730.س : «في ذلك» .

731.من «س» سقط من «م» .

732.س : «يستعينون بالضعيفة» .

733.س : + «ابن أبي طالب» .

734.س والبحار : عليه .

735.بعده في المصدر : وكنت حاضرا .

736.في المصدر : ـ لازم .

737.شرح نهج البلاغة ، ج ۱۶ ، ص ۲۱۴ ـ ۲۱۶ .

738.م : + «قد تمّ» .

739.۸ . من «س» .

740.انخرمت حاشية النسخة قدر ثلاث كلمات .

741.وكتب بعده كاتب النسخة : وقد وقع الفراغ من كتابتها ونسخها بعون اللّه سبحانه وحسن توفيقه في يوم الأربعاء في العشرة الثالثة من شهر ذى القعدة سنة الألف ومئتين وخمسة وسبعين [۱۲۷۵] من الهجرة النبويّة صلى الله عليه و آله على يد الراجي عفو مولاه محمّد بن الحاج قنبر (ظ) الكاظمى مسكنا وحسبنا اللّه ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير والحمد ربّ العالمين وصلّى على محمّد وآله الطاهرين .

صفحه از 453