۱۶۷۳.الإمام الهادي عليه السلام : لَولا مَن يَبقى بَعدَ غَيبَةِ قائِمِكُم عليه السلام مِنَ العُلَماءِ الدّاعينَ إلَيهِ ، وَالدّالّينَ عَلَيهِ ، وَالذّابّينَ عَن دينِهِ بِحُجَجِ اللَّهِ ، وَالمُنقِذينَ لِضُعَفاءِ عِبادِ اللَّهِ مِن شِباكِ إبليسَ ومَرَدَتِهِ ، ومِن فِخاخِ النَّواصِبِ ، لَما بَقِيَ أحَدٌ إلَّا ارتَدَّ عَن دينِ اللَّهِ ، ولكِنَّهُمُ الَّذينَ يُمسِكونَ أزِمَّةَ قُلوبِ ضُعَفاءِ الشّيعَةِ كَما يُمسِكُ صاحِبُ السَّفينَةِ سُكّانَها ، اُولئِكَ هُمُ الأَفضَلونَ عِندَ اللَّهِ عزّ و جلّ .۱
2 / 8
مُكافَحَةُ الظّالِمِ
۱۶۷۴.الإمام عليّ عليه السلام : لَولا حُضورُ الحاضِرِ ، وقِيامُ الحُجَّةِ بِوُجودِ النّاصِرِ ، وما أخَذَ اللَّهُ عَلَى العُلَماءِ ألّا يُقارّوا عَلى كِظَّةِ ظالِمٍ ولا سَغَبِ مَظلومٍ ، لَأَلقَيتُ حَبلَها عَلى غارِبِها.۲
۱۶۷۵.الإمام الحسين عليه السلام- فِي الأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ - : اِعتَبِروا أيُّهَا النّاسُ بِما وَعَظَ اللَّهُ بِهِ أولِياءَهُ مِن سوءِ ثَنائِهِ عَلَى الأَحبارِ إذ يَقولُ : «لَوْلَا يَنْهَل-هُمُ الرَّبَّنِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ»۳ ، وقالَ : «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنم بَنِى إِسْرَ ءِيلَ - إلى قوله - لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ»۴ . وإنَّما عابَ اللَّهُ ذلِكَ عَلَيهِم لِأَنَّهُم كانوا يَرَونَ مِنَ الظَّلَمَةِ الَّذينَ بَينَ أظهُرِهِمُ المُنكَرَ وَالفَسادَ فَلا يَنهَونَهُم عَن ذلِكَ ؛ رَغبَةً فيما كانوا يَنالونَ مِنهُم ، ورَهبَةً مِمّا يَحذَرونَ ، وَاللَّهُ يَقولُ : «فَلَا تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ»۵ ، وقلَ : «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ».۶
فَبَدَأَ اللَّهُ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ فَريضَةً مِنهُ ، لِعِلمِهِ بِأَنَّها إذا اُدِّيَت واُقيمَتِ استَقامَتِ الفَرائِضُ كُلُّها هَيِّنُها وصَعبُها ؛ وذلِكَ أنَّ الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ دُعاءٌ إلَى الإِسلامِ مَعَ رَدِّ المَظالِمِ ، ومُخالَفَةِ الظّالِمِ ، وقِسمَةِ الفَيءِ وَالغَنائِمِ ، وأخذِ الصَّدَقاتِ مِن مَواضِعِها ، ووَضعِها في حَقِّها .
ثُمَّ أنتُم ، أيَّتُهَا العِصابَةُ ، عِصابَةٌ بِالعِلمِ مَشهورَةٌ ، وبِالخَيرِ مَذكورَةٌ ، وبِالنَّصيحَةِ مَعروفَةٌ ، وبِاللَّهِ في أنفُسِ النّاسِ مُهابَةٌ ، يَهابُكُمُ الشَّريفُ ، ويُكرِمُكُمُ الضَّعيفُ ، ويُؤثِرُكُم مَن لا فَضلَ لَكُم عَلَيهِ ولا يَدَ لَكُم عِندَهُ ، تَشفَعونَ فِي الحَوائِجِ إذَا امتَنَعَت مِن طُلّابِها ، وتَمشونَ فِي الطَّريقِ بِهَيبَةِ المُلوكِ وكَرامَةِ الأَكابِرِ . ألَيسَ كُلُّ ذلِكَ إنَّما نِلتُموهُ بِما يُرجى عِندَكُم مِنَ القِيامِ بِحَقِّ اللَّهِ وإن كُنتُم عَن أكثَرِ حَقِّهِ تُقَصِّرونَ ؟ ! فَاستَخفَفتُم بِحَقِّ الأَئِمَّةِ ، فَأَمّا حَقُّ الضُّعَفاءِ فَضَيَّعتُم ، وأمّا حَقُّكُم بِزَعمِكُم فَطَلَبتُم . فَلا مالًا بَذَلُتموهُ ،ولا نَفساً خاطَرتُم بِها لِلَّذي خَلَقَها ، ولا عَشيرَةً عادَيتُموها في ذاتِ اللَّهِ ، أنتُم تَتَمَنَّونَ عَلَى اللَّهِ جَنَّتَهُ ومُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وأماناً مِن عَذابِهِ !
لَقَد خَشيتُ عَلَيكُم أيُّهَا المُتَمَنّونَ عَلَى اللَّهِ أن تَحِلَّ بِكُم نَقمَةٌ مِن نَقَماتِهِ ؛ لِأَنَّكُم بَلَغتُم مِن كَرامَةِ اللَّهِ مَنزِلَةً فُضِّلتُم بِها ، ومَن يُعرَفُ بِاللَّهِ لا تُكرِمونَ ، وأنتُم بِاللَّهِ في عِبادِهِ تُكرَمونَ ! وقَد تَرَونَ عُهودَ اللَّهِ مَنقوضَةً فَلا تَفزَعونَ ، وأنتُم لِبَعضِ ذِمَمِ آبائِكم تَفزَعونَ ، وذِمَّةُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله مَحقورَةٌ !وَالعُميُ وَالبُكمُ وَالزَّمنى فِي المَدائِنِ مُهمَلَةٌ لا تُرحَمونَ ، ولا في مَنزِلَتِكُم تَعمَلونَ ، ولا مَن عَمِلَ فيها تُعينونَ ، وبِالإِدهانِ وَالمُصانَعَةِ عِندَ الظَّلَمَةِ تَأمَنونَ !
كُلُّ ذلِكَ مِمّا أمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّهيِ وَالتَّناهي وأنتُم عَنهُ غافِلونَ !
وأنتُم أعظَمُ النّاسِ مُصيبَةً لِما غُلِبتُم عَلَيهِ مِن مَنازِلِ العُلَماءِ لَو كُنتُم تَشعُرونَ ! ذلِكَ بِأَنَّ مَجارِيَ الاُمورِ وَالأَحكامِ عَلى أيدِي العُلَماءِ بِاللَّهِ الاُمَناءِ عَلى حَلالِهِ وحَرامِهِ ، فَأَنتُمُ المَسلوبونَ تِلكَ المَنزِلَةَ ، وما سُلِبتُم ذلِكَ إلّا بِتَفَرُّقِكُم عَنِ الحَقِّ وَاختِلافِكُم فِي السُّنَّةِ بَعدَ البَيِّنَةِ الواضِحَةِ !
ولَو صَبَرتُم عَلَى الأَذى وتَحَمَّلتُمُ المَؤونَةَ في ذاتِ اللَّهِ كانَت اُمورُ اللَّهِ عَلَيكُم تَرِدُ وعَنكُم تَصدُرُ وإلَيكُم تَرجِعُ ، ولكِنَّكُم مَكَّنتُمُ الظَّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِكُم واستَسلَمتُم اُمورَ اللَّهِ في أيديهِم ! يَعمَلونَ بِالشُّبُهاتِ ويَسيرونَ فِي الشَّهَواتِ ، سَلَّطَهُم عَلى ذلِكَ فِرارُكُم مِنَ المَوتِ وإعجابُكُمُ بِالحَياةِ الَّتي هِيَ مُفارِقَتُكُم ، فَأَسلَمتُمُ الضُّعَفاءَ في أيديهِم ، فَمِن بَينِ مُستَعبَدٍ مَقهورٍ وبَينِ مُستَضعَفٍ عَلى مَعيشَتِهِ مَغلوبٍ ، يَتَقَلَّبونَ فِي المُلكِ بِآرائِهِم ، ويَستَشعِرونَ الخِزيَ بِأَهوائِهِمُ اقتِداءً بِالأَشرارِ وجُرأَةً عَلَىالجَبّارِ، فيكُلِّ بَلَدٍ مِنهُم عَلىمِنبَرِهِ خَطيبٌ يَصقَعُ.
فَالأَرضُ لَهُم شاغِرَةٌ وأيديهِم فيها مَبسوطَةٌ وَالنّاسُ لَهُم خَوَلٌ۷ لا يَدفَعونَ يَدَ لامِسٍ ، فَمِن بَينِ جَبّارٍ عَنيدٍ وذي سَطوَةٍ عَلَى الضَّعَفَةِ شَديدٍ ، مُطاعٍ لا يَعرِفُ المُبدِئَ المُعيدَ ، فَيا عَجَباً ومالي ( لا ) أعجَبُ وَالأَرضُ مِن غاشٍّ غَشومٍ ، ومُتَصَدِّقٍ ظَلومٍ ، وعامِلٍ عَلَى المُؤمِنينَ بِهِم غَيرُ رَحيمٍ ! فَاللَّهُ الحاكِمُ فيما فيهِ تَنازَعنا ، وَالقاضي بِحُكمِهِ فيما شَجَرَ بَينَنا !
اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُ لَم يَكُن ما كانَ مِنّا تَنافُساً في سُلطانٍ ، ولَا التِماساً مِن فُضولِ الحُطامِ ، ولكِن لِنُرِيَ المَعالِمَ مِن دينِكَ ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ في بِلادِكَ ، ويَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِكَ ، ويُعمَلَ بِفَرائِضِكَ وسُنَنِكَ وأحكامِكَ ، فَإِن لَم تَنصُرونا وتُنصِفونا قَوِيَ الظَّلَمَةُ عَلَيكُم ، وعَمِلوا في إطفاءِ نورِ نَبِيِّكُم . وحَسبُنَا اللَّهُ وعَلَيهِ تَوَكَّلنا وإلَيهِ أنَبنا وإلَيهِ المَصيرُ.۸
1.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۳۴۴ ح ۲۲۵ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۵۰۲ ح ۳۳۳ ، منية المريد : ص ۱۱۸ ، عوالي اللآلي : ج ۱ ص ۱۹ ح ۸ عن الإمام العسكري عليه السلام وكلّها عن الإمام الهادي عليه السلام ، بحارالأنوار : ج ۲ ص ۶ ح ۱۲ .
2.نهج البلاغة: الخطبة ۳، معاني الأخبار : ص ۳۶۲ ح ۱ وفي صدره «لولا حضور الناصر» وليس فيه «بوجود الناصر»، علل الشرائع : ص ۱۵۱ ح ۱۲ كلاهما عن ابن عبّاس ، غررالحكم : ح ۱۰۱۴۹ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۵۰۶ ح ۹۲۹۶ ، بحارالأنوار : ج ۲۹ ص ۴۹۹ ح ۱ .
3.المائدة : ۶۳ .
4.المائدة : ۷۸ و ۷۹ .
5.المائدة : ۴۴ .
6.التوبة : ۷۱ .
7.أي خدماً وعبيداً (النهاية : ج ۲ ص ۸۸) .
8.تحف العقول : ص ۲۳۷ - ۲۳۹ ، بحارالأنوار : ج ۱۰۰ ص ۷۹ ح ۳۷ .