وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 302

عملها في أحوال شيخه البهائيّ ، على ما حكاه صاحب الرياض : «وكان والد هذا الشيخ ـ أي البهائي ـ في زمانه من مشاهير فحول العلماء الأعلام والفقهاء الكرام ، وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الأُصول والفروع مشاركا ومعاصرا للشهيد الثاني ، بل لم يكن له ـ قدّس اللّه سرّه ـ في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضيّ عديلٌ في عصره ، وله فيها مصنّفات» .
وقال في حقّه المولى نظام الدين محمّد ـ تلميذ ولده البهائيّ ـ في كتابه نظام الأقوال في أحوال الرجال : «الحسين بن عبد الصمد بن محمّد الجبعيّ الحارثيّ الهَمْدانيّ ، الشيخ العالم الأوحد ، صاحب النفس الطاهرة الزكيّة والهمّة الباهرة العليّة ، والد شيخنا أدام اللّه ظلّه البهيّ ، من أجلّة مشايخنا قدّس اللّه روحه الشريفة ، كان عالما فاضلاً مطّلعا على التواريخ ، ماهرا في اللغات ، مستحضرا للنوادر والأمثال ، وكان ممّن جدّد قراءة كتب الأحاديث ببلاد العجم ، له مؤلّفات جليلة ورسالات جميلة ، ويدلّ على اعتنائه بعلم الحديث أنّه كتب التهذيب بخطّ يده ، وقابله مع شيخه الشهيد الثاني على النسخة التي بخطّ المؤلّف» .
وبالجملة ، فقد دلّت مؤلّفاته على رسوخ قدمه وتقدّمه في العلوم الدينيّة من الفقه وعلم الحديث والدراية والتفسير والعلوم الأدبية والرياضيات ، حتّى خطّأ المحقّق الثاني في أمر القبلة ، ومكانته بين العلماء معروفة .
وذكره إسكندر بك التركماني منشئ الشاه عبّاس الصفوي في كتابه تاريخ عالم آراى عبّاسى الذي هو في تاريخ دولة الشاه عبّاس الأوّل الصفوي ، فقال ما تعريبه : «كان من مشايخ جبل عامل العظام ، وكان فاضلاً عالما في جميع العلوم خصوصا الفقه والتفسير والحديث والعربية ، وصرف خلاصة أيّام شبابه في صحبة الشهيد الثاني زبدة العلماء الشيخ زين الدين عليه الرحمة ، وكان مشاركا ومساهما له في تصحيح كتب الحديث والرجال وتحصيل مقدّمات الاجتهاد وكسب الكمال ، وبعدما نال الشيخ زين الدين درجة الشهادة ـ بسبب التشيّع ـ على يد الروميين ؛ الملوك العثمانية ، توجّه المشار إليه المترجم له من وطنه المألوف إلى بلاد العجم ، فحظي عند الشاه طهماسب ، وصار مصاحبا له معظّما عنده في الغاية ، وأذعن له علماء العصر بمرتبة الفقاهة والاجتهاد ،

صفحه از 515