الوجيزة في علم الدراية - صفحه 520

«أنّه لمّا طالت المدّة بين المتأخّرين ـ نوّر اللّه مراقدهم ـ وبين الصدر السالف ، وآل الحال إلى اندراس بعض كتب الأُصول المعتمدة ؛ لتسلّط حكّام الجور والضلال ، والخوف من إظهارها وانتساخها ، وانضمّ إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأُصول ؛ في الأُصول المشهورة في هذا الزمان ، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأُصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة ، واشتبهت المتكرّرة في كتب الأُصول بغير المتكرّرة ، وخفي عليهم ـ قدّس اللّه أرواحهم ـ كثيرٌ من تلك الأُمور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثيرٍ من الأحاديث ، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يُعتمد عليه ممّا لا يُركن إليه ، فاحتاجوا إلى قانونٍ تتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها ، والموثوق بها عمّا سواها ، فقرّروا لنا ـ شكر اللّه سعيهم ـ ذلك الاصطلاح الجديد ، وقرّبوا إلينا البعيد ، ووصفوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلاليّة بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحّة والحسن والتوثيق» ۱ .
(انتهى كلامه ، رفع في الخلد مقامه) .
و هذه الوجيزة مع وجازتها في اللفظ ، وغزارتها في المعنى ، قد ساير فيها مؤلّفها ـ طيّب اللّه ثراه ـ الآراء المشهورة بين علمائنا المتأخّرين في مسائل هذا العلم ، وانفرد في بعضها بآرائه التي لا نعلم له فيها سلفا ، ولا غرو في ذلك ؛ فإنّه رحمه اللهقد بلغ رتبة المجتهدين النقّاد في كلّ فنٍّ خاض فيه ، أو علمٍ تكلّم على مسائله .
و جدير أن نشير هنا إلى شيءٍ من ذلك :
1 ـ التفرقة بين الحديث والسُنّة : فإنّ البهائيّ ـ رحمه اللّه تعالى ـ عرّف الحديث أوّلاً بأنّه : «كلام يحكي قول المعصوم عليه السلامأو فعله أو تقريره» . ثمّ أدخل قول المعصوم في تعريف الحديث فقال : «ولو قيل : الحديث قول المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره ، لم يكن بعيدا» .
و جعله في الزبدة أولى ، وهذا اصطلاح جديد منه رحمه اللهـ كما قال السيّد حسن الصدر

1.مشرق الشمسين وإكسير السعادتين المطبوع مع الحبل المتين : ۲۷۰ .

صفحه از 558