المُقنِعَةُ الأَنِيسَةُ وَ المُغنِيَةُ النَفيِسة - صفحه 31

ـ نوّر اللّه مراقدهم ـ و وضع ذلك الاصطلاح الجديد ـ على ما وجّهه بعض الأعلام الفضلاء الكرام ـ هو : «أنّه لمّا طالت الأزمنة بين من تأخّر و بين الصدر السابق ، و آل الحال إلى اندراس بعض كتب الاُصول المعتمده بتسلّط حكام الجور و الضلال و الخوف من إظهارها و انتساخها ، وانضمّ إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأُصول في الأُصول المشهورة في هذا الزمان ، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الاُصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة ، و اشتبهت المتكرّرة في كتب الأصول بغير المتكرّرة .
و خفى عليهم ـ قدّس اللّه أرواحهم ـ كثير من تلك الأمور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث ، و لم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه ، ممّا لايركن إليه. فاحتاجوا إلى قانون تتميّز به الأحاديث المعتبرة من غيرها ، و الوثوق بها عمّا سواها ، فقرّروا لنا ـ شكر اللّه سعيهم ـ ذلك الاصطلاح الجديد ، و قرّبوا إلينا البعيد . و وضعوا الأحاديث الواردة في كتبهم الاستدلاليّة . بما اقتضاه ذلك الاصطلاح ، من الصحّة و الحسن و التوثيق» ۱ انتهى كلامه .
و لايخفى أن هذا كلّه ، دعوى محتملة مظنونة . غير معلومة الثبوت ، و فيها مناقشة ظاهرة ، لطيفة التعليل ، و لم يسعني ذكر شيء منها مخافة التطويل .
و اعلم أنّ الاُمور التي كانت تقتضي اعتماد القدماء ـ قدّس اللّه أرواحهم ـ عليها في إطلاق الصحيح على الحديث و سبب وثوقهم فيه ، خمسة :
أحدها : وروده في كثير من الأصول الأربعمائة المشهورة المتداولة المتّصلة بأصحاب العصمة صلوات اللّه عليهم .
ثانيها : تكرّره في أصل منها ، فأكثر بطرق مختلفة ، و أسانيد معتبرة .
ثالثها : وروده من أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة ، و محمّد ابن مسلم ، و الفضيل بن يسار ؛ أو على تصحيح ما يصحّ عنهم كصفوان بن يحيى ، و

1.لاحظ : جامع المقال : ۳۶ .

صفحه از 66