المُقنِعَةُ الأَنِيسَةُ وَ المُغنِيَةُ النَفيِسة - صفحه 34

فإنّ من لا ضبط له قد يغلب عليه السّهو في كيفيّة النقل و نحوها .
و قيل : «المراد بالضابط من لا يكون سهوه أكثر من ذكره» . ۱
و هذا القيد ـ أعني الضبط ـ لم يذكره المتأخّرون ـ قدّس اللّه أرواحهم ـ . و اعتذر الشهيد الثاني ـ نوّر اللّه مرقده ـ عن عدم تعرّضهم لذكره ، بأنّ قيد العدالة مغنٍ عنه ، لأنّها تمنعه أن يروي من الأحاديث ما ليس مضبوطا عنده على الوجه المعتبر . ۲
و اعترض عليه : «بأنّ العدالة إنما تمنع من تعمّد نقل غير المضبوط عنده : لا من نقل ما يسهو عن كونه مضبوطا فيظنّه مضبوطا» . ۳
و الحقّ أنّ العدالة لاتغني عن الضبط ؛ لأنّ من كثر سهوه فربّما يسهو عن أنّه كثير السّهو ، فيشكل الأمر .
و ما أحسن ما قال العلاّمة ـ أعلى اللّه مقامه ـ في النّهاية :
«إنّ الضبط من أعظم الشرائط في الرواية ؛ فإنّ من لا ضبط له قد يسهو عن بعض الحديث أو يكون ممّا تتمّ به فائدته و يختلف الحكم به ؛ أو يسهو فيزيد في الحديث ما يضطرب به معناه ؛ أو يبدّل لفظا بآخر ؛ أو يروي عن النبيّ صلى الله عليه و آله و يسهو عن الواسطة ؛ أو يروي عن شخص فيسهو عنه و يروي عن آخر» . ۴
انتهى كلامه .
و أمّا الندرة من السهو فلا بأس ، لعدم السلامة منه إلاّ للمعصوم . فالتكليف بزواله عن غيره أصلاً تكليف بالمحال .
و لايشترط فيه غير ما ذكر من الأوصاف الخمسة : من الحرّية ، و الذكورة ، و

1.قوانين الاُصول : ۴۶۲ .

2.البداية : ۶۶ [البقّال ۲ : ۳۷] .

3.مشرق الشمسين : ۲۷۰ .

4.نهاية الوصول إلى علم الأصول : ۴۸۲ .

صفحه از 66