المُقنِعَةُ الأَنِيسَةُ وَ المُغنِيَةُ النَفيِسة - صفحه 61

و أمّا ما خالطها ممّا لايوثق بوروده عنهم ـ صلوات اللّه عليهم ـ فبالعلامات و القرائن المجوّزة عند الأكابر الأخيار و الأعيان الأبرار ، المرضية المقرّرة المضبوطة ، يمكن التوصل إلى التفصّي منه ، بصدقه و كذبه و صحيحه و عليله ، فيؤخذ الصواب و ينزل ما عداه.

[ بحث في الأحاديث الموضوعات ]

ثمّ انّه قد دلّ الحديث صريحا على أنّه كذب عليه صلى الله عليه و آله بل قوله صلى الله عليه و آله«قد كثرت على الكِذابة» ، تصريح بوقوعه مطلقا ، غير مرّة كما لايخفى .
قال شيخ المسلمين بهاء الملّة و الدين في كتاب الأربعين ـ بعد أن فسّر هذا الحديث الشريف و الخبر المنيف ـ :
«لا ريب في أنّه قد كذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله للتوصّل إلى الأغراض الفاسدة و المقاصد الباطلة من التقرب إلى الملوك و ترويج الآراء الزّائفة و غير ذلك ؛ و دعوى صرف القلوب عن ذلك ظاهرة البطلان ، و ما تضمّنه هذا الحديث من قوله صلى الله عليه و آله : «قد كثرت عليّ الكذابة» دليل على وقوعه ، لأنّ هذا القول إمّا أن يكون قد صدر عنه صلى الله عليه و آله أو لا ، و المطلوب على التقديرين حاصلٌ كما لايخفى . و لوجود الأحاديث المتنافية التي لايمكن الجمع بينها و ليس بعضها ، ناسخا لبعض قطعا.
و ما ذكره عليه السلام من وضع الحديث للتقرّب إلى الملوك قد وقع كثيرا ، فقد حكي أنّ غياث بن إبراهيم دخل على المهديّ العباسيّ و كان يحبّ المسابقة بالحمام ، فروى عن النبيّ أنّه قال : «لا سبق إلاّ في خفّ أو حافر أو نصل أو جناح» فأمر له المهديّ بعشرة آلاف درهم ، فلمّا خرج قال المهديّ : أشهد أنّ قفاه قفا كذّاب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله . ما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله«أو جناح» و لكن هذا أراد أن يتقرّب إلينا . و أمر بذبح الحمام ، و قال : أنا حملته على ذلك .
و قد وضع الزنادقة ـ خذلهم اللّه ـ كثيرا من الأحاديث و كذلك الغلاة و الخوارج . و

صفحه از 66