رسالة في علم الدراية - صفحه 220

وما في حكم الضَّعْف ـ وهو أحد الفردَيْن من التثنية في «حُكمهما» ـ كقصور السند ناشئا عن الإرسال، أو الجهل، أو الإهمال؛ بمعنى أنّ كلَّ واحدٍ من هذه الأوصاف في حكم الضَّعْف؛ يصير مَناطا لعدم الاعتماد على الخبر الموصوف بواحدةٍ منها .
وبقولنا : «بمعرفة سنده» خرج صحّة الخبر التي استُفيدت من الخارج؛ كإخبار مُخْبِرٍ صادقٍ، أو عُلِمَ صحّته بالإجماع [ من] الخارج، أو بحديثٍ آخَرَ كقول الصادق عليه السلاملمسلم ۱ بن [ أبي] حيَّة قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلامفي خدمته، فلمّا أردتُ أن أُفارقَه ودَّعتُه وقلت: أُحبُّ أن تُزَوِّدَني ، قال: «ائتِ أبان بن تَغْلِب، فإنّه قد سمع منّي حديثا كثيرا، فما روى لك عنّي فارْوِ عنّي» ۲ ، أي: لاتحتاج أن تقول: روى أبان عن الصادق عليه السلام، بل [ قل] روى الصادق عليه السلام، ۳ [ وهذا] دليلٌ ـ كأمثاله ـ على حُجّيّة خبر الواحد، كما ذُكر في ذيل الرواية ممّا ذيَّلَه شيخنا محمّد التقيّ المجلسي في شرح مشيخة الفقيه. ۴
فلا يُقال في حقّ مَن عَلِمَ بصحّة حديث أبان ـ بهذا النحو الّذي ذكره الإمام عليه السلامـ : إنّه عالمٌ بعلم الرجال، فإنّ العلم بالصحّة لا يُعَدُّ من علم الرجال، إلاّ أن يكون مسبَّبا ومعلوما عن معرفة السند؛ لا عن الخارج، وما يُستفاد من الاعتماد على قول أبان يحصل من الخارج، وهو قوله عليه السلام: «فما روى لك عنّي فارْوِهِ عنّي» فتدبّر .
وقولنا: «ذاتا» أنّ شأن هذا العلم أنْ يتميّز به كُلُّ واحدٍ من الرُّواة عن الآخَر بحسب الاسم والوصف .
[ وقولنا]: «مَدْحا وقَدْحا» أي: يتميّز من حيث الذوات والصفات، والمراد بالمدح الصفات الحَسنة، و[ المراد بالقدْح ]الصفات الذميمة، جَنانا كان أم أركانا. ۵

1.هكذا عند الكشّي، وعند النجاشيّ: سليم .

2.مجمع الرجال ۱ : ۱۷ ـ ۱ : ۲۳، وفي رواية النجاشيّ: فارْوِهِ .

3.أي : عن أبيه، أو عن آبائه عليهم السلام ، أو قال الصادق عليه السلاممن دون ذِكْر الواسطة .

4.روضة المتّقين في شرح كتاب مَن لا يحضره الفقيه ۱۴ : ۲۲ .

5.وأوضح من هذه العبارة عبارةُ الأستر آباديّ في لبّ اللُّباب حيث قال: ودخل بقيد المدح أقسامه المتعلّق بعضها بالجَنان والأركان، سواء بلغ إلى حدّ الوَثاقة ـ كما في صورة صحّة الخبر ـ أم لا ـ كما في صورة حُسْنه ـ وبعضها بالأركان فقط كذلك كما في الموثَّق والقويّ بالمعنى العامّ .

صفحه از 348