رسالة في علم الدراية - صفحه 228

وحينئذٍ فالقول بصحّة جميع الأخبار غير وجيهٍ عند مَن أنصف، وفيما ذكرناه كفاية.
ومنه ـ أيضا ـ يتبيّن ضعف الاعتماد في تصحيح الحديث وتضعيفه على توثيق الكشّيّ والنجاشيّ والشيخ ونحوهم، لأنّ صحّة الحديث وضعفه ـ إذ ذاك ـ مبنيّان على تصديقهم بصحّة الطرق المقتضية لذلك، ونحن نجوّز الخطأ عليهم في ذلك ـ كما جوّزه بعضهم على بعضٍ ـ لعدم علمنا بالقطع ، إلاّ الظنّ بالطرق التي استفادوا منها الصحّة والفساد.
وإذا كان ذلك كذلك؛ رجع الأمر في صحّة الأخبار وضعفها إلى القرائن والأمارات المفيدة لذلك، وكذا عدالة الرواة وعدمها، فتكون لكثرة النظر والتطلّع على الأخبار، والخَوْض في كتب الجَرْح والتعديل؛ زيادة مزيَّةٍ لبلوغ [ أحاديث ]الإماميّة، واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم .
إذا أحطْتَ خُبْرَا بما حكينا؛ عرفتَ أنّ ما اختاره الأسترآباديّ وأصرّ عليه من الوجوه ؛ شكوكٌ واهية، وما نسبه إلى المشايخ العظام فِرْيَةٌ بيّنةٌ، ولو لم يكن ما ذكرناه في جوابه كافيا؛ فسنذكره بما لا مزيد عليه مشروحا في المقام الثاني، وحاصل أجوبة ما ذكره الأسترآباديّ وبعض الأدلّة التي يعدّها الحرّ العامليّ من الوجوه التي سنذكرها عنه قريبا .
والجواب مفصَّلاً : أنّ القرائن التي يُدّعى منها صدوره ۱ ـ بشهادة المشايخ الذين صنّفوا الاُصول والكتب الأربعة ـ على وثاقة الرواة في سلسلة الأحاديث؛ لم تبلغ إلى حدّ البَداهة العقليّة، والضرورة العلميّة، بحيث يلزم من تصوّر اسم راوٍ من أسامي الرواة ـ يلزم من تصوّر الموضوع ـ العلمُ بوثاقته وعدالته، من غير أن يرجع إلى خارج نفس الخبر، وكيفيّة أحوال المُخْبِر مدحا وقدحا، أو [ ما] في معناهما .
ولا شكّ أنّ تلك الملازمة وهاتيك الوثاقة غير ملازمةٍ لذات الرواة ـ أي الأسماء ـ وإن صرّح مصرِّحٌ بكونه موثَّقا .

1.أي : الخبر .

صفحه از 348