رسالة في علم الدراية - صفحه 231

بيان ذلك: أنّ الاُصول من الاستصحاب والبراءة الأصليّة والاُصول العدميّة لا تُفيد العلم، لأنّها ساكتة عن الواقع، فانحصر أن تُستفاد مرادات الشارع في الأربعة . ۱
أمّا الكتاب: ـ [ فـ]مع كونه ظنّيّ الدلالة، لاشتماله على الخاصّ والعامّ، والمطلق والمقيّد، والناسخ والمنسوخ، والحقيقة والمجاز، وأمثال ذلك ـ فغير ناطقٍ في هذا الباب، إلاّ خمسمائة آيةٍ على سبيل الإجمال ـ ولو في الإجماعيّات والضروريّات ـ .
وأمّا الإجماع: فليست كلُّ المسائل إجماعيّةً، وإن تحقّق ـ وهو المنقول ـ بالخبر.
وأمّا العقل :
فأوّلاً: إدراكه محلّ كلامٍ .
وثانيا: حجّيّته فيما يستقلّ به من المدح أو الذمّ، فليس كافيا .
وأمّا الأخبار: فالمتواتر اللفظي، أو المعنويّ، أو هما معا، والخبر المحفوف بقرينة صدق الصدور، أو المضمون، أو هما معا؛ فوجود تلك الأقسام الستّة في الشريعة كالكبريت الأحمر .
فانحصر الأمر في خبر الواحد العاري عن القرينتَيْن، أعني الصدوريّة والمضمونيّة، والأخبار المودَعة في الكتب الأربعة جُلُّها ـ لو لم نقُل كلُّها ـ من هذا القبيل.
ولا شكّ أنّ الخبر الذي لا محيصَ عن العمل به ـ من حيث هو خبر ـ ممّا يحتمل الصدق و الكذب ـ كما هو المقرَّر ـ فترجيح أحد الاحتمالين على الآخر والحكم به موقوفٌ على مرجِّحٍ ، لقبح الترجيح بلا مرجِّحٍ عقلاً، وهو في المقام إمّا علميٌّ أو ظنّيٌّ، وكُلٌّ منهما إمّا داخليٌّ أو خارجيٌّ .
فالأوّل من الأوّل كالخبر المتواتر، والثاني منه كالخبر المحفوف بالقرينة القطعيّة، والأوّل من الثاني كوثاقة الراوي، والثاني منه كاحتفافه بالقرينة الظنّيّة؛ كاعتضاد بعض الخبر ببعضٍ آخر، وكاعتضاده بالشُّهرة أو السِّيرة [ و] كموافقته للكتاب ، ومخالفة العامّة [ وغيرها] من الأمور التي سنذكر بعضها في المقامات الآتية.

1.أي: الأدلّة الأربعة .

صفحه از 348