رسالة في علم الدراية - صفحه 243

خبر الصادق المطابق للواقع، بل لم يَبْقَ ـ بعد اختيار العمل بما قاله الصادق ـ تكليفٌ أصلاً، إلاّ أنْ يقولوا بظنّيّة صدور المقبولة، وهو عدول عمّا بُني الأمر عليه من مذهبهم ، وهو قطعيّة عموم الأخبار .
فإن قلت: لعلّ الأخباريّ يقول بقطعيّة الأخبار في الجملة .
قلت:
أوّلاً: هذا خلاف ظاهر كلام طائفةٍ منهم، حيث ادّعوا القطعيّة بالنظر إلى تمام الأخبار .
وثانيا: جهالة الأخبار المقطوع بها نافية للقطعيّة، لعدم تشخيص ما هو قطعيّ ممّا هو ظنّيّ، فكيف يدّعي أنّ المقبولة من أيّ طائفةٍ منهما؟
وأمّا ما ذكره شيخنا الحرّ؛ فهو أنّ أحاديث الكتب التي نقلنا منها هذا الكتابيعني: كتاب وسائل الشيعة . صحيحة ثابتة، وإذا كان الأمر كذلك فلايحتاج إلى ملاحظة السند، ومنه يظهر ضعف الاصطلاح الجديد على تقسيم الحديث إلى صحيحٍ، وحَسَنٍ، وموثَّقٍ، وضعيفٍ، الذي تجدّد في زمن العلاّمة، وشيخه أحمد بن طاوس عليه الرحمة، والذي يدلّ على ذلك وجوه:
الأوّل : أنّا قد علمنا ـ علما قطعيّا، بالتواتر، والأخبار المحفوفة بالقرائن ـ أنّه كان دأب قدمائنا وائمّتنا عليهم السلام في مدّةٍ تزيد على ثلاثمائة سنة ؛ ضبط الأحاديث، وتدوينها في مجالس الأئمّة، وغيرها .
وكانت هِمَّة علمائنا مصروفةً ـ في تلك المدّة الطويلة ـ في تأليف ما يُحتاج إليه من أحكام الدين، لتعمل بها الشيعة، وقد بذلوا أعمارهم في تصحيحها، وضَبْطها، وعَرْضها على أهل العصمة، واستمرّ ذلك إلى زمان الأئمّة الثلاثة ـ أصحاب الكتب الأربعة ـ وبقيت تلك المؤلّفات بعدهم ـ أيضا ـ مدّةً، وأنّهم نقلوا كتبهم من تلك الكتب المعلومة، المُجْمَع على ثبوتها، وكثيرٌ من تلك الكتب وصلت إلينا، وقد اعترف بهذا جمعٌ من الأُصوليّين أيضا .

صفحه از 348