رسالة في علم الدراية - صفحه 246

الثامن : أنّ رئيس الطائفة في كتابَي الأخبار، وغيرَه من علمائنا؛ إلى وقت حدوث الاصطلاح الجديد، بل بعده، كثيرا مّا يطرحون الأحاديث الصحيحة عند المتأخّرين، ويعملون بأحاديث ضعيفةٍ على اصطلاحهم، فلولا ما ذكرناه لَما صدر ذلك منهم عادةً .
وكثيرا مّا يعتمدون على طرقٍ [ ضعيفة، مع تمكّنهم من طرقٍ] أخرى صحيحةٍ، كما صرّح به صاحب المنتقى وغيره، وذلك ظاهرٌ في صحّة [ تلك ]الأحاديث بوجوهٍ أُخَرَ من [ غير ]اعتبار الأسانيد، ودالٌّ على خلاف الاصطلاح الجديد .
وقد قال السيّد محمّد في المدارك ۱ ـ في بحث الاعتماد على أذان الثقة ـ : نَعَمْ، لو فُرض إفادته العلم بدخول الوقت ـ كما قد يتّفق كثيرا في أذان الثقة الضابط الذي يُعلَم منه الاستظهار في الوقت، إذا لم يكن هناك مانعٌ من العلم ـ جاز التعويل عليه قطعا، انتهى .
وصرّح بمثله كثيرٌ من علمائنا في مواضع كثيرة .
التاسع : ما تقدّم من شهادة الشيخ والصدوق والكلينيّ وغيرهم من علمائنا؛ بصحّة هذه الكتب، والأحاديث، وبكونها منقولةً من الاُصول، والكتب المعتمدة .
ونحن نقطع ـ قطعا عاديّا لا شكّ فيه ـ أنّهم لم يكذبوا، وانعقاد الإجماع على ذلك إلى زمان العلاّمة.
والعجب أنّ هؤلاء المتقدّمين، بل مَن تأخّر عنهم ـ كالمحقّق والعلاّمة والشهيدين وغيرهم ـ إذا نقل واحدٌ منهم قولاً عن أبي حنيفة أو غيره من علماء العامّة أو الخاصّة ، أو نقل كلاما من كتابٍ معيَّنٍ، ورجعنا إلى وجداننا؛ نرى أنّه قد حصل لنا العلم بصدق دعواه، وصحّة نقله، لا الظنّ، وذلك علمٌ عاديٌّ، كما نعلم أنّ الجبل لم ينقلب ذهبا، والبحر لم ينقلب دما، فكيف يحصل العلم من نقله عن [ غير] المعصوم، [ ولايحصُل من نقله عن المعصوم] غير الظنّ؟
مع أنّه لايتسامح ولايتساهل مَن له أدنى وَرَعٍ وصلاحٍ في القسم الثاني، وربّما

1.مدارك الأحكام ۳ : ۹۸ .

صفحه از 348