رسالة في علم الدراية - صفحه 258

عليه في أوّل كتبهم من إيراد ما أفتَوا به وحكموا بصحّته .
فالصدوق ـ منهم ـ ذكر في أوّل كتابه ـ على ما أشرنا إليه ـ : أنّي لم أقصد قصدَ المصنّفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أُفتي به، وأحكم بصحّته، وأعتقد فيه أنّه حجّةٌ... إلى آخره، فلا شكّ ـ بملاحظة ما ذكره في أوّل كتابه ـ لايمكن الحكم بأنّ جميع أحاديث الفقيه صحيحة عند الصدوق بسبب قوله في أوّل كتابه، لأنّا بعد التتبّع التامّ نرى بالعَيان أنّه لم يَفِ بما تعهّد به في أوّل كلامه، بل كثيرا مّا ذكر ما لا يُفتي به، ولايحكم بصحّته، من ذِكْر [ و] إيراد خلاف ما قصَدَه ـ أوّلاً ـ إمّا مسامحةً أو غفلةً أو لعلّةٍ أخرى .
وكذلك الشيخ ـ في بين الكتابين ـ ذكر خلاف ما بنى عليه في الأوّل .
ومثل ذلك الكلينيّ ـ رحمه اللّه ـ ، فربّما ذكر حديثا عن غير المعصوم ـ على ما هو ببالي في موضعٍ من الميراث، وجدته زمان التدريس في أواخر شهر شعبان سنة (1280) وكذا غيره من المواضع التي نذكرها إن شاء اللّه تعالى ـ .
ومنها: في (باب لباس المصلّي) ۱ : فأمّا الحديث الّذي روي عن أبي عبد اللّه عليه السلامأنّه قال: «لابأس أن يصلّي الرجلُ والنار والسِّراج والصورة بين يديه، لأنّ الّذي يصلّي له أقرب اليه من الذي بين يديه» فهو حديثٌ يُروى عن ثلاثةٍ من المجهولين بإسنادٍ منقطعٍ ، يرويه الحسن بن [ عليّ ]الكوفيّ ـ وهو معروف ـ عن الحسين بن عمرو، عن أبيه، عن عمر بن إبراهيم الهمدانيّ ـ وهم مجهولون ـ .
ومنها: في (باب إحرام الحائض) ۲ : قال مصنّف هذا الكتاب رضي اللّه عنه: وبهذا الحديث اُفتي دون الحديث الّذي رواه ابن مُسكان.
وقال أيضا: إنّ هذا الحديث إسناده منقطع، والحديث الأوّل رخصة ورحمة.

1.كتاب من لا يحضره الفقيه ۱ : ۲۵۰ ـ ۲۵۱ ، ح ۷۶۵، باب ما يصلّى فيه وما لايصلّى فيه من الثياب وجميع الأنواع .

2.الفقيه ۲ : ۳۸۳ ، ح ۲۷۶۹ ـ باب إحرام الحائض و المستحاضة .

صفحه از 348