رسالة في علم الدراية - صفحه 264

الصدوق لايروي جميع ما في الكافي والشيخ دأبه مثل عادتهما .
بل كثيرا مّا كانوا يصرّحون بضعف الروايات التي عمل بها الآخر وصحّحها، كالصدوق ـ رحمه اللّه ـ في الفقيه والشيخ في التهذيب في جملةٍ [ مِن ]الأخبار المودَعة في الكافي مثل ما يتعلّق به أصحاب العَدد من أنّ شهر رمضان لايكون أقلّ من ثلاثين يوما، مع كونه مذكورا في الكافي بطرقٍ عديدة عن حذيفة .
قال الشيخ في التهذيب ۱ بأعلى صوته: وهذا الخبر لايصحّ العمل به من وجوهٍ :
أحدها: أنّ متن هذا الحديث لايوجد في شيءٍ من الاُصول المصنّفة، وإنّما هو موجودٌ في الشواذّ من الأخبار .
ومنها: أنّ كتاب حُذَيفة بن منصورٍ ـ رحمه اللّه ـ عَرِيٌّ منه، والكتاب معروفٌ مشهور، ولو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمّنه كتابه .
ومنها: أنّ هذا الخبر مختلف الألفاظ، مضطرِب المعاني ، ألا ترى أنّ حذيفة تارةً يرويه عن مُعاذ بن كثيرٍ عن أبي عبد اللّه عليه السلام وتارةً يرويه عن أبي عبد اللّه عليه السلام بلا واسطةٍ، وتارةً يفتي به من قِبَل نفسه فلا يُسنده إلى أحدٍ، وهذا الضرب من الاختلاف ممّا يضعّف الاعتراض به والتعلّق بمثله .
ومنها: أنّه لو سَلمَ من جميع ما ذكرناه لكان خبرا واحدا لايوجب علما ولا عملاً، وأخبار الآحاد لايجوز الاعتراض بها على ظاهر القرآن والأخبار المتواترة .
ولو كان هذا الخبر ممّا يوجب العلم؛ لم يكن في مضمونه ما يوجب العمل على العَدَد دون الأهلّة، وأنا أُبين عن وجهه إن شاء اللّه تعالى .
ومثل هذا الاعتراض نُقل عن المفيد ـ رحمه اللّه ـ في الرسالة [ التي ألّفها في الردّ] على الصدوق . ۲

1.تهذيب الأحكام ۴ : ۲۲۷ ـ ۲۲۸ .

2.يعني: في مسألة العدد، فإنّ المفيد كان قد ألّف رسالةً في الانتصار لشيخه الصدوق في مسألة العدد، وهي أنّ شهر رمضان ثلاثون يوما أبدا ، وأنّ شهر شوالٍ تسعة وعشرون يوما أبدا ، وهكذا، ثمّ رجع عن هذا القول وألّف رسالةً في الردّ على شيخه الصدوق .

صفحه از 348