رسالة في علم الدراية - صفحه 266

فأمّا الطعام فالعُشر فيما سَقَت السماء، وأمّا ما سقي بالغَرَب والدَّوالي فإنّما عليه نصف العُشر».
[ قال الشيخ]: فإنّ هذين الخبرين ـ أي المذكور وماقبله ـ الأصْل فيهما «سَماعة» وتختلف روايته، [ لأنّ الرواية الأخيرة] قال فيها: «سألته» ولم يذكر المسؤول، وهذا يحتمل أن يكون المسؤول غير مَن يجب اتّباع قوله .
وزاد [ أيضا] فيه الفرق بين زكاة الحنطة والشعير [ والتمر] والزبيب، وقد قدّمنا من الأحاديث ما يدلّ على أنّه لا فرق بين هذه الأشياء، [ والرواية الأولى قال فيها: سألتُ أبا عبداللّه عليه السلام وذكر الحديث] وهذا الاضطراب في الحديث ممّا يضعّف الاحتجاج به. ۱
وهذا الكلام من الشيخ يدلّ على أمرين:
أحدهما: تصريحه بضعف ما صحّحه الكلينيّ وعمل به، كالروايتين المرويّتين في الكافي [ اللَّتين] عمل بهما الكلينيّ وقد صرّح الشيخ بضعفهما، واضطرابهما [ ممّا يضعّف ]الاحتجاج بهما، وذلك أدلّ شاهدٍ على أنّهم لم يعملوا بجميع ما رواه الآخَر، ولعلّ دأب جُلّ القدماء كان كذلك، كما مرّت الإشارة إلى ذلك.
وثانيهما: أنّ الكلينيّ قد يروي حديثا لايُسنده إلى المعصوم ـ كما في الرواية الأخيرة في باب زكاة الحنطة ـ ومثل ذلك في الكافي ليس بعديم النظائر، كما لايخفى على المتتبّع من ذوي البصائر، ومثل ذلك كافٍ لدى الأكابر .
[ و] أمّا الجواب عن الثالث : فواعجبا من التمسّك بالحكمة في إثبات قطعيّة صدور جميع الأخبار المودَعة في الكتب الأربعة، لأنّ عدم تضييع [ مَن في ]أصلاب الشيعة لايُناط بصدق صدور تلك الأخبار، بل الحكمة لا ربط لها بهذه المقدّمات أوّلاً .
وثانيا: على فرض قضيّة الحكمة الإلهيّة الربّانيّة [ فإنّها] تابعةٌ للمصالح والمفاسد الكامنة، فلا بُدَّ أن يكون مقتضاها الهداية [ إلى] الأحكام الواقعيّة، والدلالة على معرفة مضمونها، حتّى تكون الأحكام نفسها قطعيّةً، سواءٌ حصل العلم بصدور أخبارها أم لا،

1.تهذيب الأحكام ۴ : ۲۰ .

صفحه از 348