رسالة في علم الدراية - صفحه 270

محمولٌ على وجهٍ صحيحٍ، لأنّ عدالته ـ مع نهاية تبحّره واطّلاعه على المدارك المعتبرة ـ تمنع من التفوّه بغير مدرَكٍ صحيحٍ أو أصحّ، وذلك لايستلزم بطلان الاصطلاح الجديد، كما أنّ أُستاذ الكلّ أعني الآغا حسين الخوانساريّ ـ في بحث صلاة الجمعة من شرح الدروس ـ قال: كلَّما صحّت عندنا أدلّة الوجوب العينيّ تحصّل لنا الظنّ القويّ بصدق مَن قال بالوجوب التخييريّ من المشهور، لأنّ اطّلاعهم على أدلّة العينيّة وصحّتها ـ ومع ذلك ذهبوا إلى خلافه، وحكموا بالتخييريّ ـ يظهر منه أنّ دليل التخيير لابُدَّ أن يكون أقوى، لأنّ عدالتهم تمنع من الاقتحام والإفتاء بغير مدرَكٍ صحيح .
وكذلك اختيار الشيخ العمل بالضعيف وطرح الصحيح محمولٌ على الوجه الصحيح من علّةٍ [ أ] و أمارةٍ دعته [ إلى ]اختياره، [ وهو] لا يستدعي بطلانَ الاصطلاح الجديد، ولا ربطَ بينهما ولا استلزاما ـ ولو بالإيماء ـ إذ العلم بما هو صحيح سندا عند شخصٍ لايستلزم وجوبَ العمل [ به] عند آخرين، إذ لعلّه لايكون صحيحا عنده، أو كان وكان له معارِضٌ أقوى، وغير ذلك من الوجوه المحتملة .
وأمّا الجواب عن التاسع ؛
بل عن الوجوه الباقية حتّى عن الوجه الأخير ـ وهو الوجه الثاني والعشرون ـ سوى العاشر والخامس عشر: [ فـ] قد مرّ مرارا أنّ حمل كلام المشايخ في أوائل كتبهم على الشهادة غير صحيح .
أوّلاً: لِما ذكرناه في مقام بيان معتقداتهم من ذكر الروايات المعوَّل والمعتَمد عليها عند بذل جهدهم، وكونها حُجّةً بينهم وبين خالقهم، فهم في مقام الحكم والإنشاء، وذلك لايقتضي اقتصارهم على ما قطعوا بصدور سنده عن أهل بيت العصمة .
وثانيا: عدولهم عمّا بَنَوا عليه في ديباجة كتبهم، كما ذكرنا بعضَ موارد عدولهم، بل ذكرنا موضعا أو موضعين أو مواضع مصرَّحٌ فيها بجهالة الراوي وضعف الخبر .
وثالثا: الشهادة ـ شرعا ـ عبارةٌ عن إخبارٍ جازمٍ في حقٍّ لازمٍ بما شهد به الشاهد، أو سمعه، أو عَلِمَه بذلك، ومن البيّن أنّ الخبر والنبأ من أقسام اللفظ، وما قاله المشايخ في أوائل الكتب ليس بلفظٍ، إذ اللفظ عبارةٌ عن قطعة هواءٍ خارجةٍ من الفم، وليس من مقولة النقش،

صفحه از 348