رسالة في علم الدراية - صفحه 271

والحال أنّ ما كُتب وسُطّر في أوائل كتبهم ليس إلاّ من النقوش بالضرورة والبداهة .
ورابعا: سلّمنا صدق الشهادة، وأمّا شهادتهم بصحّة جميع ما في الكتب الأربعة من سند الأخبار [ فـ] من أين؟
وخامسا: سلّمنا ذلك، لكن عرفت أنّ الصحيح عند القدماء ما هو المعوَّل والمعتَمد [ عليه ]وليس معناه القطع بصدوره، كما هو مقصود الأخباريّين بحيث حكموا ـ بملاحظة شهادتهم ـ بالقطعيّة، على خلاف ما ذكرنا في بيان الحاجة إلى معرفة القواعد الرجاليّة .
وهذه الأجوبة جارية في سائر الوجوه الباقية، فلاتحتاج إلى الإعادة، لئلاّ تطول الرسالة .
وأمّا الجواب عن الوجه العاشر:
فلما ذكرنا سابقا [ من] أنّ كون الراوي ثقةً لايرضى بالافتراء؛ لا يُنافي احتمالَ السهو والنسيان في حقّه، ولاينافي اعوجاج السليقة، وعدم حصول التمييز والملكة، بل وثاقته وديانته وعدالته وورعه تقتضي أن يتوقّف ويرجع إلى الكتب الرجاليّة حتّى يطّلع [ على] المصالح والمفاسد .
وأمّا الجواب عن الخامس عشر ـ وهو عمدة الوجوه الخمسة التي ذكرها صاحب الحدائق أيضا ـ : [ فـ] بأنّ العمل بقول المشايخ في مقام الجرح والتعديل ممّا اتّفق عليه العلماء في الجملة، وإن اختلفوا في جهة اعتبار قولهم في هذا المقام من أنّه [ من] باب الشهادة، أو النبأ والرواية، أو الظنون الاجتهاديّة، وقد ذكر المحقّق البهبهانيّ أنّه من باب الأخير، وهو الحقّ، فالفارق بين المقامين هو تحقّق الإجماع في البين .
والحال ليس كلامهم ـ في أخبار كتبهم ـ إجماعيّا ـ كما عرفت ـ لأنّهم في مقام تدوين الأخبار في الكتب ليسوا في مقام الشهادة، بل في مقام الحكم بكيفيّة عملهم، بخلاف كلام الشيخ في كتابه الفهرست و الرجال لأنّ حاله كحال أبي عمرو الكشّيّ، وأحمد بن عليّ النجاشيّ، والحسن بن يوسف [ بن] المطهَّر الحلّيّ الملقّب بالعلاّمة، صاحب الخلاصة .

صفحه از 348