رسالة في علم الدراية - صفحه 274

فيه: أنّ إخبارهم بكون الراوي ثقةً، أو كذّابا، أو نحو ذلك، إنّما هو أمرٌ اجتهاديٌّ استفادوه بالقرائن المطلعة على أحواله أيضا ، انتهى .
وفيه:
أوّلاً: [ أنّ] ما ذكرناه سابقا [ من] أنّ العمل بأخبار القدماء في المدح والقدح ونحوهما من أحوال الرواة ممّا أجمع عليه الفريقان ـ وإن اختلفوا في الجهة، هل قول هؤلاء القوم من باب الشهادة، أو النبأ والرواية، أو من باب الظنون الاجتهاديّة ـ وليس [ حال] تصحيح أخبارهم كذلك، فالإجماع مرجّحٌ لوجوب العمل على ما أجمعوا، وإلاّ فلو لم يكن الإجماع موجبا للعمل به للزمت المفسدة الشنيعة من إبطال الشريعة، كما لايخفى على من له أدنى بصيرة .
وثانيا: الجرح والتعديل من الأقسام الثلاثة متحقّق فيها الشهادة، بخلاف تصحيحهم، فلايتحقّق شيءٌ منها [ فيه] .
أمّا عدم تحقّق الشهادة؛ فلِما عرفت [ من] أنّها عبارةٌ عن إخبارٍ جازمٍ في حقٍّ لازمٍ، أو مشاهدة حاصلة بالسَّماع أو العلم .
وكلمات المشايخ الثلاثة في أوائل كتبهم لايظهر منها الشهادة، لأنّ الكلام الذي هو أصرح في مراد المستدلّ كلامُ الصدوق في ديباجة الفقيه وهو على خلاف مقصوده أدلّ، لِما ذكرنا مشروحا بما لا مزيد عليه .
أمّا قوله: «بل قصدتُ إلى إيراد ما اُفتي وأحكم بصحّته وأعتقد فيه أنّه حجّة بيني وبين ربّي» فإنّه يدلّ [ على] أنّ ما ذكره وصحّحه يكون من باب حكمه وفتواه، وأنّ ما حكم بصحّته هو المرجع والمعوَّل عليه في كونه حجّةً بينه وبين ربّه، فكيف يستفاد من هذه الكلمات وممّا ذكره في بيان ما حصل له ـ بعد بذل جهده ـ من اجتهاده؛ الشهادةُ على قطعيّة صدور الأحاديث المذكورة فيه؟
وبعبارةٍ آخرى: أنّ تصحيحه من باب الإنشاء والحكم ، وأنّه خارج عن الأمور الثلاثة ـ أي من باب الشهادة، والرواية، والظنون [ الاجتهاديّة] ـ .

صفحه از 348