رسالة في علم الدراية - صفحه 280

تصحيح بعض المعتمدين في علم الرجال ربّما يكون أقوى من الظنّ الحاصل من أخبار اجتهاده ـ خصوصا إذا لم يكن ذا مَلَكةٍ، أو لم تكن له سليقة مستقيمة، سيّما إذا لَزِمَ العُسْر والحرج، وسيجيئ بيانه إن شاء اللّه تعالى ـ .
وجماعة من المحقّقين قالوا بعدم جواز الاكتفاء بالظنّ الحاصل من تصحيح الغير ـ و إن كان ذلك الغير ممّن يُعتمد على قوله ـ بمعنى أنّ كلّ مجتهدٍ لابُدَّ له في العمل بالأخبار من ملاحظة سندها ؛ بالرجوع إلى علم الرجال، فلايكفي تصحيح الغير ـ ولو كان معتمدا لبعضٍ آخَر ـ بناءا على أنّ الأصل تحصيل العلم، أو ما في حكمه ـ عند تعذّره ـ وهو ما يقوم مقامَه من الشهادة والرواية، وتصحيح الغير لايحصل منه العلم، ولايكون خبرا، لِما ذكرناه سابقا [ من] أنّه يكون نقشا لا لفظا، وأنّ قبول التصحيح من الغير موقوفٌ على عدم معارضة الجرح والتضعيف، ولايتحقّق ذلك بمجرّد وصف الحديث بالصحّة، فلاتتحقّق التزكية .
ولابدّ من تعيين الراوي، وهو إنّما يتحقّق بعد مراجعة السند، والنظر في حال رواة سلسلة السند حتّى يؤمن ويطمئنّ من معارضة الجرح .
فلايعمل بكلّ خبرٍ قبل الفحص عن أحوال سنده، والبحث عن معارضه، كالعمل بالعام قبل الفحص عن مخصّصه، وهو المعتمد.
فإن قلت: إذا كان بناء العمل على الظنّ؛ فلا وجه للمنع، لحصوله بمجرّد تصحيح الغير، سيّما إذا كان ذلك الغير ممّن يعتمد على قوله في ذلك الظنّ، لكونه ماهرا، إذ ربّما يكون الظنّ الحاصل من تصحيح بعض المعتمدين أقوى من الظنّ الحاصل باجتهاده .
قلت:
أوّلاً: أنّ المعتبر هو الظنّ الحاصل بعد الفحص، فيكون باقيا ثابتا ـ ولو بعد ملاحظة الاختلافات بحسب الأقوال والقرائن ـ .
وأمّا الظنّ الحاصل من تصحيح الغير ـ إذا لو حظ اختلاف العلماء في كثيرٍ من الرجال الذين يحتمل كون ما نحن فيه منهم احتمالاً قويّا ـ فيضمحلّ ذلك الظنّ البَدْويّ

صفحه از 348