رسالة في علم الدراية - صفحه 300

فإن قلت: احتمال الغلط والتحريف والتصحيف بالإضافة إلى النُّسخ يأبى ما اخترتم، كيف وكثرة نحو هذه الدلالات غير عزيزةٍ جدّا .
قلت: الاحتمال المزبور ـ لو سُلِّم ـ لا ربطَ له بالمقام، بل هو شيءٌ آخر، والمناط ملاحظة حالَتي القراءة والإملاء من حيث هما، مع قطع النظر عن الأمور الخارجة عنهما .
وأمّا الدليل على أنّ كون السماع أعلى مراتب التحمّل بينهم حتّى القراءة على الشيخ ـ كما هو المشهور ـ [ فـ] إنّه جاءت الرواية عن الصادق عليه السلام في الخبر الصحيح عن ابن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد و محمّد بن الحسين، عن ابن محبوبٍ، عن عبد اللّه بن سنان حيث سأله: يجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى ، قال: فاقرأ عليهم من أوّله حديثا، ومن وسطه حديثا، ومن آخره حديثا . ۱
والأمر بها دون غيرها يقتضي علوّ المرتبة كما لايخفى .
والثاني : القراءة على الشيخ التي عليها المدار في هذه الأعصار، ويقال لها: «العَرْض على الشيخ» وفي كونها كالسَّماع أو أعلى منه أو أدنى؛ خلافٌ، أشهره الثالث، ووجهه ما مرّ آنفا .
وبالجملة، فهي قد تكون بقراءة المتحمِّل عند الشيخ، وقد تكون بقراءة غيره وسماعه .
وعلى التقديرين: قد تكون مع كون الأصل المصحَّح بيد الشيخ، أو بيد ثقة؛ وقد تكون [ مع ]التفات الشيخ إلى ما في حفظه، فيقول: «قرأتُ عليه وأقرَّ به» أو إحدى العبارات المذكورة مقيَّدةً بـ «قراءةً عليه» أو «قُرِئَ عليه ـ وأنا أسمع ـ فأقرّبه» مثل «قرأتُ على فلانٍ واعترف» أو «حدّثني» أو «أخبرني فلانٌ» ونحوهما، مثل «حدّثني فلانٌ قراءةً عليه» أو أحدها مقيَّدةً .

1.الكافي ۱ : ۵۱ ـ ۵۲ ، ح ۵ .

صفحه از 348