رسالة في علم الدراية - صفحه 306

وكلّ واحدٍ من الأقسام على قسمين :
الأوّل: ما يجامع صحّةَ العقيدة، مع التنصيص أو بدونه، كقولهم: «عدلٌ إماميٌّ» أو «ثقة» من غير التنصيص بالإماميّة .
والثاني: ما يفارق صحّةَ العقيدة؛ بالتنصيص على العدم، كقولهم: «ثقة فَطَحِيٌّ» .
وتظهر ثمرة الأقسام في صورة التعارض والترجيح، فإنّ الصحيح بالظنّ الاجتهاديّ الحاصل من القسم الأوّل من القسم الثاني من الألفاظ ؛ مقدَّمٌ على الصحيح بالظنّ الحاصل من القسم الثاني منه، فيقال: إنّه أقوى سندا، وهكذا .
فما يدلّ على حُسن الراوي ـ بالمطابقة ـ والرواية ـ بالالتزام ـ ويكون مدلوله حسنا بالغا إلى حدّ الوثاقة ، مع صحّة العقيدة المنصوصة؛ ألفاظٌ :
منها: قوله: «عدل إماميّ» أو «عدلٌ من أصحابنا الإماميّة» أو نحو ذلك، وإن اقترن بلفظ «ضابط» [ فهو أَوْلى] وإلاّ فيُحمل عليه، للغلبة .
فإن قلت: قد وقع الاختلاف في العدالة بأنّها الملكة أو حُسن الظاهر، أو ظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق، وكذا في أسباب الجَرْح وعدد الكبائر، فمع عدم الاطّلاع على رأي المعدِّل لاينفع التعديل بذلك اللفظ .
قلت: مع أنّ هذا الإيراد لايتمّ عند توافق رأي المعدِّل مع رأي الناظر، أو كون رأي المعدِّل في مرتبةٍ عُليا، وإرادة الأخير بعيدة كما لايخفى .
والأوّلان كافيان لمن يقول بكونها حُسن الظاهر ـ كما هو الحقّ المشهور ـ مضافا إلى أنّ ما وضع له قولهم: «فلانٌ عدل» هو الإخبار العلميّ بالعدالة، وغرضهم من هذا القول انتفاع كلّ الناس سيّما مَن بعدهم به، فإنّ الغالب عدم اعتناء المعاصرين بعضهم بكتب بعض، وهم كانوا عالمين بالاختلاف، فلو كان مرادهم من العدالة المطلقة ما هو المعتبر عند القائل دون الكلّ ؛ من غير بيانٍ من الحال أو المقال لزم التدليس والإضلال، وكلاهما ـ مع العدالة ـ بعيدٌ، بل محال .
فلابُدّ من حمل المطلق على ما هو المعتبر عند الكلّ ـ بمعنى حصول العلم

صفحه از 348