رسالة في علم الدراية - صفحه 309

الرواية، ولكنّه يفيد وثاقة الراوي أيضا، فإنّ مرادهم من هذا اللفظ بيان قاعدةٍ كلّيّةٍ في بيان [ أنّ] الراوي المخصوص يكون بمرتبةٍ [ لو] صار الحديث صحيحا إليه ؛ لكان صحيحا، ولو كان الحديث ممّا لم يطّلع عليه المادح، فإنّ عدم صدور حديثٍ سوى ما اطّلع عليه ممّا لم يطّلع عليه إلاّ اللّه والراسخون في العلم .
فذكر لفظ العموم ـ وهو كلمة «ما» ـ مع ذلك دليلٌ على عدم إرادة ما اطّلع عليه خاصّةً ، فلابُدّ من كون الموصوف بذلك الوصف ثقةً معتمدا، حتّى يمكن أن يقال في [ حقّه]: إنّ ما يصحّ عنه فهو صحيح، مع أنّ الإتيان بلفظ المضارع دون الماضي دليلٌ على ما ذُكر ـ كما لايخفى ـ .
مضافا إلى أنّه اجتمعت العصابة على أنّ قولهم: «اجتمعت العصابة» يفيد الوثاقة بالنسبة إلى مَن ورد في حقّه تلك اللفظة، ولا نزاع في ذلك، وإنّما النزاع في إفادته صحّة الحديث مطلقا، فلايُلاحَظ مَن كان بعد ذلك الشخص في الذِّكْر؛ إلى المعصوم عليه السلام.
بل لو كان ضعيفا أيضا؛ لم يكن قادحا في الصحّة عند المشهور، وعدمها ـ كما عن بعضٍ، كما هو المتيقَّن ـ فإنّ دلالة الألفاظ إمّا بالوضع أو بالقرينة، والوضع إمّا لغويٌّ أو عرفيٌّ عامّ أو خاصّ، ولم يثبت الوضع بأنواعه؛ بالنسبة إلى إفادة تعديل مَن كان واقعا بعد ذلك الشخص، وكذا القرينة، وإن كان الأوّل لعلّه هو الظاهر من العبارة ـ كما قيل ـ .
وممّا ذكرنا يندفع ما يرِد: أن تصحيح القدماء لايستلزم التوثيق ـ كما لايخفى ـ .
فلا حاجة إلى أن يقال: إن دعوى الشيخ الاتّفاقَ على اعتبار العدالة في قبول الخبر دليلٌ على المطلوب، حتّى يَرِد: أن ذلك منافٍ لتقسيم الحديث إلى الصحيح والضعيف، وجعل الصحيح ما وَثِقُوا بكونه من معصومٍ عليه السلام ولو من أماراتٍ سوى الوثاقة؛ حتّى يحتاج إلى الرفع بالفرق بين الصحيح والمعمول به، أو بتخصيص ذلك في الخبر الذي لم يقترن بأمارة الإطمئنان سوى عدالة الراوي؛ بمعنى أنّها شرطٌ في حجّيّة الخبر بنفسه، مع أنّه لاينفع مع ذلك .
ومنها: قولهم : «صحيح الحديث» .

صفحه از 348