رسالة في علم الدراية - صفحه 316

الأوّل: التعارض على سبيل التباين الكلّيّ، كأن يقول المعدِّل: رأيته في صبيحة يوم الجمعة ـ مثلاً ـ يصلّي، وقال الآخر ـ أعني الجارح ـ : رأيته في ذلك الوقت المخصوص بعينه يزني .
والثاني : التعارض المساوق للعموم من وجه .
[ و] الثالث: التعارض بالعموم المطلق.
وكلّ واحدٍ من هذه الأقسام إمّا [ أن يكون] من باب تعارض النصَّيْن، أو الظاهرَيْن، أو الظاهر مع النصّ، أو الظاهر مع غيره ـ لو قلنا بالتعارض في الأخير ـ .
والحاصل: أنّ صور الأقسام إمّا تسعة أو اثنا عشر، وفيه أقوالٌ:
[ فـ] قيل بتقديم قول الجارح مطلقا؛ تمسّكا باستلزامه الجمع بين القولين، والجمع بين الدليلين ـ مهما أمكن ـ أَوْلى من الطرح .
وفيه ـ مع أنّه لا دليل على وجوب الجمع بين الدليلين، وأعميّته من المدّعى؛ لإمكان الجمع بغيره واستلزامه عدمَ تحقّق حديثٍ صحيحٍ إلاّ نادرا ـ : أنّه لايتمّ في تعارض المتباينين بالتباين الكلّيّ إذا كانا نصَّين؛ لعدم إمكان الجمع بينهما حينئذٍ، وكذا في العموم المطلق أو من وجهٍ أيضا لو كانا نصَّين .
نعم، يمكن القول بتقديم الجارح فيما إذا كان الجرح نصّا والتعديل ظاهرا؛ لإرجاع قول المعدِّل إلى عدم العلم، وهو ينافي العلم الذي يدّعيه الجارح .
وكذا فيما إذا كان تعارضهما ظاهرَيْن، أو كان الجرح ظاهرا والتعديل نصّا؛ وقلنا بوجوب الجمع بين المتعارضَيْن .
وقيل بتقديم قول المعدِّل مطلقا، ولعلّه لكثرة التسارع إلى الجرح، فيكون موهونا .
وفيه ما لايخفى [ إذ] قد تقدّم أنّ بعض الجارحين لمّا كان مسارعا إلى الجرح [ فـ] لا عبرة بجرحه، ولكنّ هذا مخصوصٌ بموارد خاصّةٍ، والمقصود هنا تأسيس الأصل والقاعدة الكلّيّة من دون ملاحظة الموارد الشخصيّة .

صفحه از 348