رسالة في علم الدراية - صفحه 335

وعليه جماعة من متأخّري المتأخّرين .
وفيه إشكال، لعدم ثبوت كونه من الإمام عليه السلام بطريقٍ صحيح، لأنّ طريق اعتباره في هذه الأزمنة ليس مذكورا في كتب أصحابنا المتأخّرين العاملين بكتابٍ يسمّى بـ«فقه الرضا عليه السلام» .
أمّا قدماء الأصحاب من زمن الغيبة الصغرى، ومشايخ رواة أخبار الأئمّة عليهم السلام وكذا المتأخّرون إلى زمان المجلسيَّيْن، كثقة الإسلام والصدوقين والشيخين وأتباعهم والمحقّق والعلاّمة والشهيدين وغيرهم من العارفين في الفنّ ـ نوّر اللّه مراقدهم ـ فمع أنّهم قد بذلوا جهدهم في تدوين الأخبار، واتّصال أسانيد الأحاديث إلى الأئمّة الأطهار ـ كما ذكروا في ديباجة كتبهم، سيّما الأصحاب الذين كانوا مقاربين لعصرهم ـ مع شدّة اهتمامهم في ذكر الأحاديث، حتّى [ إنّهم ]يتعرّضون للمجاهيل والضِّعاف، كيف يخفى الكتاب المذكور الصادر عن الإمام عليه السلام ومصدر الشريعة والأحكام، مع كونه بخطّه، واقترانه بالقرائن التي علم بها القاضي أمير حسين ـ المتأخّر عن متأخّري أصحابنا المتأخّرين ـ أنّه خطّ الإمام عليه السلام؟ فهل يكون مخفيّا على هولاء الرؤساء والمشايخ الأجلاّء، ويكون عند جماعة من حُجّاج أهالي قم بحيث ظهر عند مَن كان هذا الكتاب عنده ـ على ما قال السيّد القاضي: إنّ حامل الكتاب قال: وصل إليه من آبائه ـ ؟
والقول بأنّ عدم تعرّض هؤلاء المشايخ العظام والفقهاء الكرام من المتقدّمين والمتأخرين للكتاب المنسوب لعلّ أن يكون من باب عدم اطّلاعهم، أو لشدّة التقيّة؛ بيّن الفساد، بل ضروريّ البطلان بحيث لا يستحقّ الجواب أصلاً .
أمّا الأوّل؛ فلأنّه لو كان الكتاب من الإمام عليه السلام مع توافر الدواعي على تواتر نقله وبلوغه إلى حدّ الاشتهار كما في تأليف المؤلّفين، فكما أنّ الاُصول الأربعمائة والكتب المؤلَّفة والنوادر القليلة غير مخفيّةٍ على العلماء والرعيّة؛ فتأليف إمامهم لايكون مخفيّا عليهم البتّة، والعادة على الخلاف مستمرّة حتّى عند أدنى الطلبة فكيف عند الرؤساء، والمشايخ، وأئمّة الفنّ، والأجلاّء من الطائفة .
وأمّا التقيّة؛ فبعيدة في الغاية، بل ذلك ينافي نسبة الكتاب إلى نفسه الشريفة في أوّل الديباجة، وإلاّ [ فـ]بعد الابتداء بالبسملة كيف [ قال:] قال عليّ بن موسى الرضا؟

صفحه از 348