الجوهرة العزيزة في شرح الوجيزَة - صفحه 368

(و المرويّ بتكرير لفظة «عن») ـ كقولنا : روى فلان عن فلان عن فلان و هكذا ـ (مُعَنْعَنٌ) ؛ و سلسلته عَنْعَنَة ، و في معنى ما ذكر هو عن فلان و هو عن فلان إلى آخر السند ، من غير بيان للتحديث و الإخبار و غيرهما ، و قد ظُنّ إلحاقه بالمرسل و المنقطع ؛ لعدم استلزام العنعنة الاتّصالَ حقيقة .
و لايبعد عدّه حقيقة متّصلاً ، إذا أمكن اللقاء و لم يكن احتمال التدليس متطرّقا ، وفاقا لجمهور المحقّقين ، بل ربما استفيد من كلام بعضهم بلوغُه حدَّ الإجماع ، و قد يرام به المتّصل ، و بالعنعنة الاتّصالُ .
(و مطويّ ذكر المعصوم عليه السلام مضمرٌ) ، فإن تحقّق من الأصل أوجب الضعف ، و إن اعترى قطعا لم يوجبه قطعا ، و المحكّ ملاحظة القرائن من رواية مَن عُلِم من حاله أنّه لا يروي عن غير المعصوم ، ك : محمد بن مسلم و أضرابه . و هل الشهرة تَجبره أم لا؟ فيه وجهان ، من عموم جبرها نقصانَ الرواية ، و عدم معلوميّة كون المضمر روايةً ؛ لاحتمال كونه من غير المعصوم.
و قد علمتَ أنّ الخبر و الحديث و الرواية عندنا لايطلق على ما لم يصدر من المعصوم إلاّ بنوع من التوسّع و المجاز ، و هذا هو مختار أكثر متأخّري المتأخّرين ، كشيخنا صاحب الرياض و صاحب الجواهر أعلى اللّه مقامهما .
و لا يبعد عدّها من القرائن المجدية عَدَّ عروض الإضمار من التقطيع دون الأصل ، و اللّه أعلم.
(و قصير السند عالٍ) ؛ لعلوّ سنده بقصر سلسلة رواته . و طلبُه سنّة عند أكثر القدماء ، و كانوا يترحّلون لأجل ذلك إلى أقصى البلاد ، و يطأون الرُبِيَّ و الوِهاد ، كيف لا؟ و هو أبعد عن الخَلَل المتطرّق احتمالُه إلى كلّ راوٍ ، و قد يتحقّق في النزول مزيّة دون العلوّ ؛ لكثرة من يكون أوثقَ و أضبط و أحفظ و غير ذلك .
و أمّا استلزامه كثرةَ البحث المقتضيةَ عِظَم المشقّة الموجبة جزالة الأجر ـ بناءً على أنّ أفضل الأعمال أحمزها ـ فهو أمر خارج عن المقصود في هذا الفنّ من التصحيح و التضعيف .

صفحه از 477