الجوهرة العزيزة في شرح الوجيزَة - صفحه 423

افتراء ، بل الإنسان من نفسه لايعرف كثيرا من ذلك .
و من العجب تنزيل صحيحة ابن أبي يعفور على الاطمئنان في حصول الملكة في جميع المعاصي بواسطة اجتناب المذكور فيها منها التي هي بالنسبة إليه في جنب العدم ، و كيف يُعرف الشخص ببعض أحواله؟! مع أنّا نرى بالعيان تفاوت الناس أجمعَ في ذلك ، فكم من شخص تراه في غاية الورع متى قُهر بشيء ، أخذ يحتال و يرتكب ما لايرتكبه غيرُه من المحرّمات في قهر من قهره ، كما نرى ذلك كثيرا من أهل الأنفة و الأنفس الآبية .
و آخَرُ متى أصابه ذلّ ـ و لو حقيرا ـ ارتكب من الأُمور العظيمة التي تستنفر بها نفسه ما لايفعله أعظم الفسّاق ، بل أغلب الناس كذلك و إن كانت أحوالهم فيه مختلفةً ، فمنهم بالنسبة إلى ماله ، و منهم بالنسبة إلى عِرْضه ، و منهم بالنسبة إلى أتباعه و أصحابه ، فدعوى أنّه بمجرّد الخلطة على جملة من أحواله يحصل الجزم و الاطمئنان بأنّه في سائر المعاصي ـ ظاهرِها و باطنِها ، ما عرض له مقتضاه و ما لم يعرض ـ له ملكة يعسر عليه مخالفتها مقطوع بفسادها . ۱
إلى آخر ما أفاد ، فأجاد .
و للّه درّه ثمّ للّه درّه ، و لعمر اللّه لو أجَلْتَ بصيرتك النقّادة في المتّسمين بأهل العلم و الفقه ، تجد أكثرهم لايتحفّظ عن أمثال ما مرّ ، بل يرتكبه فضلاً عن حصول ملكةِ تركها له ، فضلاً عن الجهّال و آحاد الناس ، كيف لا؟ و قد بلغ في الاشتهار مبلغَ إشراق الشمس على رابعة النهار تشاجُرُ بعضِ مَن يتسمّى بأهل الفقه و العلم في إمامة الجمعة و الأعياد ، لصرف وجوه الناس إليهم و اكتساب الوظائف الزائدة من الأُمراء و رجوع عامّة الناس إليهم ، و الإصرار بالتفرّد في إقامة الصلاة بالمسجد الكبير حتّى آل الأمر إلى التزامهم لهذه الأُمور ، [و] ارتكاب منافيات المروّة ، بل و ارتكاب الصغائر ، بل و

1.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۵ ـ ۲۹۶ .

صفحه از 477